رأي خاص – وائل كفوري طبيب قلوب في مستشفى البيال

باتريسيا هاشم – بيروت: هي فعلاً أعياد بيروت… ليس لأنها في عاصمة الحبّ والجمال بيروت، بل لأن وائل كفوري كان “عيديّة” هذا العام لبيروت ولجميع اللبنانيين.

احياناً لا ندرك أهمية الهديّة الا حين نُحرم منها ووائل كفوري كان الهدية الاثمن في العيد، هديّة لأكثر من خمسة آلاف شاب وشابة، رجل وأمرأة، لقلوب تسارعت دقّاتها ليل السبت 18 تموز وخفقَت لملك الحضور وملك الصوت وملك الرومنسية، تارة شعَرَت انها ستتوقّف وتارة شعرت انها ستطير وفي معظم الاحيان كانت تنادي بصوت واحد “يحيا الملك”.

شعبيّةٌ استثنائية، محبةٌ هستيرية وحماسةٌ جنونية، ثلاث وقائع تلخّص حفل النجم وائل كفوري الذي لا تكاد تصدّق انه يقف على المسرح كسائر البشر، لأنه يرفعكَ معه الى سماوات “الطرب”، فتصبح في عالم ليس من هذا العالم ، ولم أُخطىء حين عرّفت عن صوتِه لدى تسليمي اياه جائزة “بياف” منذ عامين وشبّهت صوته بالصلاة، فهو شفيع عشاق هذه الارض والمعذبين بإسم الحب.

يقتلكَ صوت “الكفوري” بكل رِضاك، فتصبح مازوشياً في الفنّ من حيث لا تدري، وتستمعُ اليه أكثر، بكلّ حواسِك، بكلّ احساسِك، بكلّ شعرةٍ منك، بكل رمشة عين، وكأني بك تتمتّع بعذابك وتتلذّذ به، تستحضرُ ماضيك وحاضرك، كل الذكريات، الانكسرات، الخيبات، علاقات الحب، أجملها وأسوأها لا يهمّ، طالما ان أغنيات وائل تستطيع ان تستدرجك اليها. تُدمّرك او تُحييك لا يهمّ، طالما انها تعزف على كل اوتار كيانك. تعانقك او تعانقها لا يهمّ طالما انها تتحد بك وتغريك.

تتنهدُ مع كلّ نوتة موسيقية يسطو عليها وائل ويحتلّها بصوته واحساسه، وتعتقد لوهلةٍ ان كل الموجودين في الصالة يسمعون تنهيدتك وهي تتمرّد في صدرك قبل ان تخرج حُرّة طليقةً لتعانق الوف التنهيدات في صالة ا”لبيال” التي كانت اشبه بالمستشفى في تلك الأمسية، حيث دخل الجمهور اليها وهو يعاني من حالة تسمّم في الذوق جراء ما يُدّس في يومياته من سمومٍ فنيّة وخرج منها معافىً ومزوداً بترياق صوت وفنّ وائل كفوري، ليضمن مناعةً للعمر كله.

وخانتي دمعتان خلال الحفل، الدمعة الاولى حين غنّى وائل “الغرام المستحيل”. الاغنية التي تخترق في كل مرة جوارحي وتنكّل بها… حاولت ان اتمالك نفسي ولكني فشلت. وكدت لا اصدق ان وائل يغنيّها في المباشر وكأنه في الاستوديو.الاحساس نفسه، التقنية والاحترافيّة نفسها والأستذة نفسها . أصلا من كان حاضراً في البيال –عفواً في مستشفى البيال- ادرك ان وائل كان يغني في الحفل على طريقة “الاستوديو” بما أن تعبير “يغني على طريقة ال playback” رائج هذه الايام، فمستحيل هو صوت وأداء هذا الرجل في الحفلات المباشرة فهو يغنّي كمن يغنّي للمرة الاخيرة في حياته او كمن الغناء الصحيح بالنسبة له قضية حياة او موت، وهو دون أدنى شك يتحدّى نفسه وكأنه على حلبة مصارعة مع وائل كفوري الاخر، الآتي من الاستوديو، فيتنافسان من سيؤدّي أفضل ومن سيتفوّق على الآخر بتقنية الاداء، والاّ كيف تفسّرون هذا الابداع المبهر والغناء المحترف على المسرح؟

اما الدمعة الثانية فهي دمعة فرح خانتني بعدما اجّلتها منذ بداية الحفل، فهذه كانت المرة الاولى في حياتي التي احضر فيها حفلاً مباشراً لوائل كفوري، وكنت اجلس كالطفلة التي تغمرها فرحة عارمة في الصف الامامي، ألتهم صوته ونظرات عينيه والتفاتته وابتسامته وحركات يديه ورقصه وتفاعله مع الناس، كالطفلة كنت سعيدة بهديّة العيد وكالطفلة خرجت من الحفل وانا احمل كمعجبة لا كصحافية ذكريات سعيدة من لقائي الاول بهذا النجم الكبير .

ربما لا يقدّر وائل كفوري حجم مكانته في قلب وروح وعقل جمهوره.ربما لا يعلم ماذا يعني لهم او كم يعني لهم.ربما لا يعلم كم غيّرت وبدّلت أغنياته في حياتهم او لا يعلم كم أضافت اليها. ربما لا يعلم وائل كفوري كم دمعة تُذرَف على أغنياته او كم تحصد من ابتسامات، كم جمعت قلوباً او فرقت أخرى. ربما لا يعلم وائل كم مرّة انتصر للاغنية اللبنانية او كم مرة هي انتصرت به، ربما لا يعلم لِكَم نجم صاعد هو القدوة ولا يعلم كم هو للاخلاق والرقي المثال. ربما لا يعلم وائل كفوري ان صوته يحتاج الى مدنِ لتستوعب مساحته والى فضاءات لتستوعب مكانته، ربما لا يقدّر كل ذلك اليوم ولكن هذا ما سيذكره التاريخ يوماً ما…لا محالة.

شكراً “اعياد بيروت” لمؤسسيها ومنظميها 2U2C ،Starsystem و Production Factory على هذا المهرجان السنوي الراقي الذي أصبح موعداً سنوياً للابداع والتميّز لناحية التنظيم واختيار الاسماء المشاركة في الحفل وخاصة لاختياركم وائل كفوري هذا العام، فانتم عودتمونا على اهم واروع البرامج والنجوم، على أمل ان يدرك وائل كفوري ان مكانه الحقيقي هو على مسرح أرقى واهمّ المهرجانات، فأروع شعور في العالم حين يتواجه الفنان مع جمهوره وجهاً لوجه وقلباً لقلب وتكون السماء ثالثهما وفي حالة وائل كفوري، نجوم الأرض والسماء ستهتف ايضاً باسم الملك .

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com