رأي خاص-بعد رحلة عجز وانهيار، هل نلوم تلفزيون لبنان الوطني على عرضه المستمر للدراما السورية؟
باتريسيا هاشم: طال غياب الدّراما اللبنانيّة عن شاشاتنا اللبنانيّة، وحفر الشّوق في ذكرياتنا التي تحنّ إلى لمّ شمل العائلة في عصر كلّ يوم وبعد نشرات الأخبار حول التّلفاز، شعور لا يدركه سوى من عاش هذه التّجربة في زمن لم تكن فيه منصّات أسهمت اليوم في تأجيل لمّ الشّمل هذا إذ يشاهد كلّ فرد من العائلة منفصلًا حلقات مسلسله على هاتفه الذّكي أو على لوحه الالكتروني او tablet أينما يشاء وساعة يشاء وبقي لمّ الشّمل هذا مؤجّلًا وحسرة في قلوب من خبِره والذي بات يقتصر على الشّهر الفضيل في رمضان…
وحتّى فإن حرصت بعض العائلات اللبنانيّة على الجلوس حول الشّاشة مساء، وجدت نفسها مرغمة على متابعة المسلسلات التّركية المدبلجة، سمّ ثقافي مجبرون على تجرّعه كلّ مساء في انعدام وجود أيّ عرض تلفزيونيّ مغر آخر. وحتّى إن فضّل المشاهدون متابعة المسلسلات اللبنانيّة القديمة على تلفزيون لبنان، صدموا بعرض القناة الوطنيّة الرسميّة للدّراما السوريّة، سابقة عجيبة غريبة لمحطّة لبنانيّة رسميّة وإن أعلنت عجزها بسبب تراكم أزماتها الماديّة والبشريّة، إلّا أنّ لا شيء يبرّر انهزامها أمام آفة أطاحت بالدّراما اللبنانيّة وفتكت بها وأنّني ألوم اليوم أيضاً، بعض شركات الإنتاج اللبنانيّة التي لم تبادر معظمها حتى اليوم إلى تقديم معظم مسلسلاتها اللبنانية القديمة مجاناً لتلفزيون لبنان، لتكون صفقة معنويّة غير مربحة هدفها التّمسّك بدرامانا اللبنانيّة وعرضها على جيل جديد لم يتعرّف على بعض الممثلين اللبنانيّين إلّا في الدراما العربيّة المشتركة التي احتلّت شاشاتنا في السنوات العشر الأخيرة ولما لا تبادر شركات الانتاج اللبنانية مجتمعة الى انتاج مسلسلات جديدة ولو بانتاج متواضع بدعم من الغيورين على الدراما اللبنانية من رجال اعمال مقيمين او مغتربين لتحريك عجلة الانتاج المحلي وانقاذ هذه الصناعة من خطر التلاشي والزوال؟.
ما يحصل اليوم يوضع في خانة خيانة الوطن والفتك بتاريخه على المستويَين الفنيّ والثقافيّ، وكأنّه لا يكفينا الشحّ في انتاج فنانينا اللبنانيّين للأغنيات اللبنانيّة التي استبدلوها بالمصريّة منها والخليجيّة والعراقيّة، حتى جاء الانتاج المشترك ليفتك بإنتاجنا الدراميّ اللبنانيّ بحجّة أنّ هذا المطلوب اليوم لتصدير أعمال شركاتنا اللبنانيّة للعالم العربي، مساهمين بذلك بـ”قطع نفَس” الدراما اللبنانيّة وخنقها وبالتالي إعدام مئات الممثّلين اللبنانيّين العاطلين عن العمل، بعد أن تخلّت عنهم دولتهم ومُنتجوهم وحتى محطّاتهم اللبنانيّة، فوجدوا أنفسهم يتوسّلون شركات الانتاج للمشاركة بعمل هنا وهناك أو القبول بأجر كومبارس ليضمنوا استمرارهم في مهنة لا تحقّر وتهان الا في لبنان.
تابعوا قناة bisara7a.com على الواتساب لتصلكم اخبار النجوم والمشاهير العرب والعالميين. اضغط هنا
في امتحان الاوطان الصعب والمصيريّ، يكرَّم الإنسان او يهان ونحن فشلنا جماعيًّا حتى اليوم في امتحان المواطنة، فلم نتعلّم تقديم بعض التضحيات لأجل وطن جريح، متهالك ونازف، ولم نتعلّم الانتصار لأي شيء على كامل المستويات، فوجدنا أنفسنا نفرّط بكل شيء ونخسر كل شيء. ولولا ذلك لتخطّينا بتكاتفنا ووحدتنا وتصدّينا لمثل هذه المشاكل، وانقذنا ربّما ما تبقّى من وطن حلم تلاشت احلام ابنائه وتحوّلت رماداً وحفنة خيبات…
أنا من جيل عزّ التلفزيون اللبنانيّ، من جيل محظوظ شاهد “ابو ملحم” و “الدني هيك” و”ابو سليم” و “ألو حياتي” و “بربر آغا” و”كابتن بوب” و “ست الحبايب يا بابا” و “عازف الليل” و”النهر” و”هنادي”و”لا تقولي وداعا” وعشرات غيرها….وانتم من اي جيل؟