رأي خاص- بعدْ في أنا بس ما غنّيت مع العملاق وديع الصافي والشحرورة صباح
لا شك في ان ما يحصل اليوم على الساحة الفنية مستغرب بعض الشيء ، فتجديد الاغنيات القديمة تحوّل الى آفة ومرض معدٍ لا نعرف متى يشفى فنانونا منه ، فتحوّل هواء معظم الاذاعات اللبنانية الى أرشيف للأغنيات القديمة التي تتخلّله بعض الاغنيات الجديدة، ومن هبّ ودبّ “طُلع عبالو يغنّي للعمالقة وكبار الفنانين”، لدرجة اننا أصبحنا نتحسّر على أغنيات زمان وفناني زمان وعظمة زمان ، في ظلّ التعدّي المبالغ فيه على تاريخنا الفنّي العريق .
ربما نغض الطرف عن تجديد بعض نجوم الصفّ الاول للأغنيات القديمة لأنهم نجوم حقيقيون ولأنه يليق بهم ذلك لعلمنا المسبق انهم سيحملون الأمانة بكل مسؤولية ويكّرمون كبار مطربي العصر الذهبي ولكنه من غير المقبول أبداً ان يقوم بذلك بعض المستجدين على الساحة الفنية لدرجة ان نشكر الله ان الفنان صاحب الاغنية ليس على قيد الحياة كي لا يكتشف التشويه الذي تتعرّض له أغنيته.
في المقابل كثرت في الآونة الاخيرة الدويتوهات بين الفنانين الشباب و النجوم الكبار الذين ما زالوا على قيد الحياة، لأسباب لا نفهمها حقاً خاصة حين تتكرّر هذه التجارب مع أكثر من فنان وكأن في الامر تباهياً او “بريستيج” معيّن، فيحاول الفنانون الشباب بشكل أو بآخر تجيير تاريخ كبارنا وشهرتهم الواسعة على امتداد الوطن العربي وجمهورهم العريض لمصلحتهم، وفي المقابل ، ولو اننا نأسف لموافقة كبارنا على الغناء مع كل من يقدّم عرضاً مادياً مغرياً بغض النظر من يكون الفنان صاحب العرض وما هي مؤهلاته ، الا اننا نتفهّم عدم تردّدهم وركوبهم موجة “الموضة” في غناء دويتو مع جيل جديد من الفنانين . فبغياب الدولة وعدم تحملها مسؤولية حماية شيخوخة مبدعينا وعدم اكتراثها في تأمين حياة كريمة تليق بمسيرتهم الفنية المشرّفة ، نفهم حاجة هؤلاء للمال وراحة البال ، فيقبلون بعروض الفنانين الشباب أصحاب الملايين الذين ينعمون بالثروات ويغرقون في حياة الرخاء والترف في حين يغرقون هم في حياة الهّم و”الغمّ” و”التعتير” …
لم يبق فنان او فنانة على الساحة الفنية في لبنان والوطن العربي الا وغنى مع العملاق الدكتور وديع الصافي والشحرورة صباح ، لدرجة اننا لم نعد نعلم من هو الابن الروحي لوديع الصافي ومن هي الابنة الروحية لصباح، فكل واحد ينسب اللقب لنفسه و”من سبق شمّ الحبق” ومن يدفع أكثر يضاعف احتمالات فوزه باللقب ، فقد شهدنا في السنوات الاخيرة على تسابق لم يشهد له مثيل نحو تصوير الفيدوكليبات مع وديع وصباح –مع حفظ الالقاب- مما شكّل نفوراً عند عدد كبير من الجمهور لأن “كل شي زاد عن حدّو نقص” ولأن الدويتو فقد رونقه ورهجته ورهبته، فأصبح الغناء الى جانب العمالقة عادياً يكاد يرتّد سلباً على هيبة الفنان وقيمته الفنيّة.
اتركوا الكبيرين وديع الصافي وصباح بحالهما واتركوهما ينعمان بسلام سنواتهما الاخيرة ، ودعوهما وشأنهما ولا تستغلوا حاجتهما لتنبوا عليها قصوركم الرمليّة، وان كنتم حقاً تكنون لهما كل هذا الحبّ الذي تظهرونه في الاعلام فساهموا في تقديم العون والمساعدة بصمت ولا تنستزفوهما وتُبهتوا نجوميتهما بأنانيتكم المفرطة لتحققوا أطماعكم المبالغ فيها في النجومية.