سياسات الايدز الجديدة … ارقام مخيفة في حلقة سيرة وانفتحت
“سياسات الإيدز الجديدة” كان موضوع حلقة “سيرة وانفتحت” لهذا الأسبوع. فقد استضاف زافين، المديرة الإقليمية لبرنامج الأمم المتحدة المشترك للإيدز للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، السيدة هند خطيب عثمان، التي جاءت خصيصا من القاهرة للمشاركة في الحلقة، وهي تحدثت عن ابرز السياسات المتبعة للحد من انتشار مرض نقص المناعة المكتسبة “الإيدز”.
هذه الحلقة أتت بعد الأرقام المخيفة التي كشفها تقرير برنامج الأمم المتحدة المشترك للإيدز للعام 2010 والذي بيّن ارتفاع عدد المتعايشين مع مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بأكثر من الضعف، بالمقارنة بعام 2001، وشهدت أول ظهور إعلامي للسيدة خطيب.
الحلقة بدأت كالعادة مع فقرة “سيرة وما انفتحت” التي تناولت موضوع وجود الهواتف الخلوية في سجن رومية، والتي قدرت بأكثر من مئة جهاز. عبر هذه الأجهزة يستطيع الموقوفون في السجن الاتصال بأهلهم وبالإعلام، كما يستطيعون التنسيق للقيام بأشياء كثيرة أبرزها الاحتجاجات وإدخال الممنوعات وغيرها. وعرض خلال التقرير إفادات لمسجونين سابقين تحدثا فيها عن تجربتهما في السجن، وابرز الممنوعات التي كانت تدخل إليهم والى رفاقهم (كالهواتف الخلوية والمخدرات)، وعن تسهيل بعض عناصر قوى الأمن المرتشية لهذه الممنوعات.
هل صحيح ما يتردد عن وجود هذا العدد من الهواتف الخلوية بالسجن؟ وهل صحيح انه بات بإمكان المساجين هناك الاتصال بالإعلام والتحدث مباشرة على الهواء؟ أسئلة طرحها زافين في نهاية التقرير، بعدما ذكر أن عدد المصابين بنقص المناعة المكتسبة في سجن رومية خمسة، بحسب إفادة القوى الأمنية المسؤولة عن السجن، والتي صرحت أن هؤلاء المصابين موجودون في غرفة مستقلة، ويتلقون رعاية خاصة. وخصص زافين رقما خاصا للبرنامج، يمكّن المسجونين الذين يملكون هاتفا خلويا والذين يعانون من نقص المناعة المكتسبة الاتصال والتعبير عن معاناتهم.
وفي العودة إلى موضوع الحلقة فإنّه إذا كانت أرقام إحصاءات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عن مرض نقص المناعة المكتسبة لا تطمئن، فهذا يعني أن الأرقام المخفية وغير المعلن عنها ستكون مخيفة أكثر. وإذا تركنا المجال للأرقام لتتحدث عما يجري، فحتما سيكون لديها قصص كثيرة لتقولها مع الارتفاع المستمر لأعداد المتعايشين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في ظل انخفاض ملحوظ في بقية مناطق العالم.
بهذا الكلام بدأ زافين حواره مع ضيفته السيدة هند خطيب عثمان، التي تطل لأول مرة عبر الإعلام في حوار مطول للحديث عن اهتماماتها وبرامجها في الأمم المتحدة. علما أن للسيدة هند خبرة مهنية طويلة في مجال التنمية، إذ بدأت مسيرتها مع اليونيسيف في منطقة الشرق الأوسط، وانتقلت بعد ذلك إلى أقاليم أخرى. التحقت بالصندوق العالمي الذي هو اكبر مانح لمكافحة السل والإيدز والملاريا في إقليمنا، وهناك عملت مع جميع الشركاء المعنيين على تعبئة موارد إضافية للحد من انتشار السل والإيدز والملاريا.
بدأت منذ حوالي عامين عملها في برنامج الأمم المتحدة المشترك للإيدز كمديرة إقليمية ولديها العزم والإصرار منذ تسلمها منصبها على جذب الانتباه إلى خطورة فيروس نقص المناعة البشري في المنطقة وضرورة العمل مع جميع الشركاء للوصول إلى أجيال خالية من الوصمة والتمييز، خالية من الإصابات الجديدة، خالية من وفيات الإيدز.
في بداية الحوار كان لا بد من السؤال فيما إذا كان العالم العربي اليوم جاهزا للحديث عن “الإيدز” في ظل الثورات والغليان الذي يعم مختلف أقطاره. ورأت خطيب أن الوقت مناسب جدا للحديث عن نقص المناعة المكتسبة، بسبب اقتراب موعد الاجتماع الرفيع المستوى الذي سيحصل في نيويورك، والذي يهدف إلى جمع قيادات العالم كلها ليعيدوا التزامهم بالسياسات التي يجب إتباعها لمكافحة مرض الإيدز. وهي تطل اليوم عبر برنامج “سيرة وانفتحت” لتلقي الضوء على ابرز هذه السياسات، ولتدعو كل المشاهدين والجمعيات والمجتمع المدني… وحتى الحكومات، للمشاركة في إيجاد الوعي الكافي والمشاركة في الاستراتيجيات، من خلال دعم البرامج والجمعيات الخيرية التي تهتم بنقص المناعة البشري، ودعم التعايش معه.
وعن التغيرات التي حصلت فيما يتعلق بهذا المرض، خلال السنوات العشرة التي مرت، تقول خطيب: “حصل انجازات جديدة كثيرة في مجال التصدي لمرض الإيدز، وإذا نظرنا إلى المناطق التي تكثر فيها أعداد المتعايشين، نلاحظ أن 36 دولة استطاعت أن تغير وتحد من انتشاره. وبالمقارنة مع العام 2001 نجد انه كان يوجد 400 ألف شخصاً يتلقون العلاج، فيما يتوفر العلاج اليوم لحوالي ستة ملايين شخص”.
وترى خطيب أن موضوع “الإيدز” هو من ضمن سلم أولويات المجتمع، وهذا ما سيجعله يفرض نفسه على جميع الحكومات. فالضغط الذي يمارس من قبل الجمعيات الأهلية والمتعايشين مع المرض سيدفع الدول لتكون جاهزة للحديث عنه والمشاركة في ابرز النشاطات والمؤتمرات التي ستتناوله.
وفيما إذا كان موضوع “الإيدز” من ضمن أولويات الشباب العربي الثائر اليوم، تقول خطيب أنه إذا نظرنا إلى الموضوع من زاوية حقوق الإنسان، فلا بد أن يكون الشباب العربي جاهزا للحديث عنه والاهتمام به، وقد لاحظت هي شخصيا هذا الأمر من خلال جولتها على بعض الدول العربية، حيث كان الشباب يتمتعون بوعي وانفتاح كبير لفتح هذه الموضوعات والاهتمام بالأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة المكتسبة، والمطالبة بالرعاية والاهتمام بهم، وهذا ما سيجعلهم في المستقبل مع هذه السياسات ودعمها.
وعن رضاها عن اغلب البرامج التي تعنى بالإيدز في العالم العربي، تقول: “كلمة رضى كبيرة، ولكن مرتاحة لما يجري، خصوصا أن هناك أشخاصا يعملون معنا ويلتزمون بالسياسات ويساعدوننا في الحد من انتشار الفيروس”.
وتحدثت عن نجاحات كبيرة تم تحقيقها في لبنان والمغرب من خلال البرنامج الوطني لمكافحة “الإيدز”، وأشادت بالمجتمع المدني الذي يتجاوب بشكل ايجابي مع الموضوع . وقالت: “من الدول التي نفخر بها هي لبنان والمغرب، وتونس، والجزائر، وإيران التي تتمتع بتجربة رائدة في مجال السجون”.
وعن الدول الأصعب في الوصول إليها لنشر الوعي والتعاون في مجال تنفيذ السياسات الجديدة للحد من انتشار “الإيدز”، تقول: “كانت دول الخليج هي الأصعب بالنسبة إلينا، ولكن بدأنا بالتواصل معها بشكل تدريجي، وكان لدينا تجربة في دبي، كانت تجربة ريادية مكنتنا من إرشاد الشرطة هناك إلى كيفية التعامل مع المساجين والحد من انتشار المرض في السجن. كما أننا سنكون الأسبوع المقبل في الرياض، وبمبادرة من وزير الصحة السعودي الذي دعا جميع وزراء صحة دول الخليج للحديث عن وضع الاستراتيجيات اللازمة لهذه المنطقة للحد من انتشار الإيدز وهذه بادرة أمل جيدة”.
وخلال البرنامج عرض تقرير عن ابرز العبارات والمصطلحات التي اعتاد الناس على استخدامها والتي تم استبدالها بأخرى جديدة من قبل برنامج الأمم المتحدة المعني بالإيدز، فاستبدل مصطلح “مصاب بالإيدز”، وأصبح “شخص متعايش مع الإيدز”، أو “شخص ايجابي لفيروس الإيدز”. وعبارة “الرجال المثليون” أو “الشاذون جنسيا”، أصبحت” الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال”. وعبارة “خطر الإيدز” صارت “خطر الإصابة بالإيدز”، أو “خطر التعرض للفيروس”. أما العبارات التي تشير إلى الدعارة والبغاء، فاستبدلت بمصطلحات “تجارة الجنس” أو “العمل بالجنس” أو “بيع الخدمات الجنسية”.
وعلقت الخطيب على أن هذه الخطوة مهمة لحفظ حقوق فئة من شرائح المجتمع، وهي خطوة مهمة في التعامل مع أي مرض وأي فئة تحاول أن تزيل الوصمة والتمييز، ومن هذا المنطلق يعمل برنامج الأمم المتحدة: “الإيدز لم يعد ذلك المرض الذي يسبب الموت، وهو بات مرض مزمن يمكن للمتعايش معه أن يعيش طويلا، كما انه لن يموت حتما بسببه، بل بأي مرض آخر. والمجتمعات تحتاج إلى وقت لتتأقلم مع التغييرات الحاصلة في هذه المصطلحات، بسبب العادات والتقاليد، ولكن بتضافر الجهود بين الجمعيات والإعلاميين، لدينا أمل كبير بالتغيير”.
وقالت عثمان أن “الخوف أو الخجل من الحديث عن الإيدز يجب أن يزول، لأننا إذا بقينا نخجل ونخاف سنجد أن المرض سيتزايد وينتشر أكثر، وهذا ما تم الحديث عنه والتركيز عليه في المؤتمر الذي جرى السنة الماضية في دبي. فالحديث عن الإيدز والوقاية منه للأشخاص المستهدفين أفضل بكثير من نبذهم ورفضهم، لأن هؤلاء موجودين في المجتمعات ولا يمكن التنكر لهم”.
وأخيرا أكدت الخطيب على التحدي الكبير الذي يواجه الدول العربية للحد من تزايد هذا المرض، وشددت على أهمية التوعية ونشر الأسس الصحيحة، والاهتمام بالمتعايش من الناحية الطبية والاجتماعية والنفسية. وصرحت أنها تعمل في هذه السنة على الحد من منع سفر المتعايش أو منع إعطائه تأشيرة دخول للدول العربية من أجل العمل: “فالمتعايش مع نقص المناعة المكتسبة هو إنسان له الحق في العيش والعمل وممارسة حياته كأي شخص آخر. كما تحدثت عن دور الجمعيات والأفراد من فنانين وإعلاميين ورجال دين في توعية المجتمع من اجل مساعدة المتعايش مع المرض”.
وخلال الحلقة أيضا عرضت تقارير عدة تتحدث عن ابرز الأرقام العالمية التي رافقت مرض الإيدز منذ ظهوره الأول وحتى يومنا هذا وجاءت الأرقام كالتالي: 30 هو عدد السنوات التي مرت على اكتشاف الإيدز، 30 مليون هو عدد الأشخاص الذين توفوا بسبب الإيدز منذ ظهوره الأول. 33 مليون هو عدد الأشخاص المتعايشين اليوم مع الإيدز.
في العالم 50% من المتعايشين مع الإيدز هم من النساء. 15% من المتعايشين مع الإيدز فقط يتلقون العلاج. 33 هو عدد البلدان التي خفضت أرقام المتعايشين مع الإيدز الجدد بما لا يقل عن 25%.
أما عن أرقام تقرير العالم العربي، أي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فهي: مئة في المئة هي نسبة ارتفاع عدد المتعايشين مع الإيدز في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال السنوات العشرة الماضية. و460 ألف هو عدد الأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حتى نهاية سنة 2009. و75 ألف هو عدد الإصابات الجديدة بالفيروس المسجلة خلال سنة 2009. 23 ألفا هو عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم بسبب الإيدز خلال سنة 2009. و6% من الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال في مصر يتعايشون مع فيروس نقص المناعة البشري بينما هم 9 % في السودان. 1% من عاملات الجنس في مصر يتعايشن مع فيروس نقص المناعة البشري. وبين 2 و4 % في الجزائر والمغرب واليمن.
وعرض أيضا خلال الحلقة تقارير عن بعض اللقاءات التي جرت خلال مؤتمر دبي الذي جرى العام الماضي، والذي كان تحت عنوان: “حوار السياسات حول الإتاحة الشاملة لخدمات الوقاية والعلاج والدعم المتعلقة بفيروس نقص المناعة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، والذي افتتحه نائب حاكم دبي الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم.
وكان المؤتمر من تنظيم برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز UNAIDS بالتعاون مع البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية وشرطة دبي. وكان المجتمعون خلال المؤتمر ركزوا على أهمية التوعية والتواصل من اجل الوصول إلى مجتمع خال من “الإيدز”. وتحدث خلال التقرير كل من: الناشط الاجتماع اللبناني إيلي أعرج، وزير الصحة اليمني البروفسور عبد الكريم يحيى راصع والفنانون عمرو واكد، ومنة شلبي وخالد أبو النجا بصفتهم سفراء للنوايا الحسنة.
برنامج سيرة وانفتحت
إعداد وتقديم زافين قيومجيان
يعرض الاثنين 9:45 ليلا بتوقيت بيروت | 9:45 ليلا بتوقيت المملكة العربية السعودية