سميرة بارودي: السرطان علّمني الصبر وإشكال نقابة الفنانين سخيف وتافه
في حلقة الجمعة من “بلا طول سيرة مؤثرون” حلت النجمة سميرة بارودي ضيفة على البرنامج في حوار استثنائي ومميز.
اللقاء التلفزيوني الأول الذي جمع سميرة بارودي مع زافين قيومجيان تحدثت فيه بارودي بجرأة وعفوية وتناولت فيه كل مراحل مسيرتها الفنية وعلقت على نجاحات وفشل الدراما اللبنانية والعربية، كما تحدثت عن زواجها من الممثل احسان صادق وتجربة اصابتها بمرض سرطان الثدي و”فضائح” نقابة الفنانين المحترفين واستقالتها من النقابة.
بين طرابلس وبيروت، بين لبنان ومصر، بين الأبيض والأسود والملون، بين السينما والتلفزيون، بين التمثيل والتقديم والدوبلاج، وبين الدراما اللبنانية والدراما المشتركة تمحورت فقرات الحلقة، كما تناول زافين تجربة سميرة بارودي واعتبرها ابعد من تجربة ممثلة ونقيبة ممثلين وصاحبة رأي وقرار، فهناك قصة جيل المؤسسين الأوائل لمهنة التلفزيون بلبنان. الجيل الذي حطم الحواجز، ورسم حدود جديدة بالفن والزواج المختلط والمساواة بالعمل والفرص بين الرجال والنساء، وبالنتيجة هي قصة بنت متعددة المواهب واللهجات والاحلام، نزلت من طرابلس الى بيروت، ووصية أمها “ما تشربي (سيفن اب) من حدا … اذا ما سمعت (فقعة) القنينة”.
من البدايات في طرابلس بدأت النجمة سميرة بارودي الحديث فأشارت الى أنها بدات بعمر السبع سنوات ببرنامج أسبوعي في الإذاعة اللبنانية عرض بمناسبة عيد عن فتاة تفقد أمها. وقد اختارها النقيب محمد ميقاتي بعد ما أصرت على أداء كاستينغ للدور. وبعدها أي منتج او مخرج يريد فتاة صغيرة كانوا يبحثون عنها، وقد بدأت التمثيل بعمر العشر سنوات.
وقالت بارودي انها اكتشفت ميولها نحو التمثيل باكرا، “كنت اسرق الطبلية وأقف على السطح وكنت اتخيل ان النباتات وحبال الغسيل هم كواليس المسرح والجمهور وكذلك الأطفال على سطوح الأبنية الأخرى”. وأضافت ان طرابلس بالنسبة اليها هي البداية والنهاية. “انا لا اتنفس من دون طرابلس واعود اليها لاستعيد الثقة والسعادة والامل”.
ورأت بارودي أن العمل اللبناني نجح بشكل مبهر وكان يصدر للعالم العربي، مع ان العمل كان يأخذ مجهودا كبيرا لناحية الإمكانات التقنية المحدودة، قلم يكن هناك من مونتاج وإذا أخطأ الممثل في آخر الحلقة تعاد الحلقة كاملة. “كنا عم نتعب لنعطي الأفضل ونغير تيابنا ورا الديكور ونمسك تياب لبعضنا”.
وبعد عرض مشاهد من “مغامرات شوشو” الذي عرض عام 1967 علقت بارودي بانها تتوجع عندما تشاهد الممثل حسن علاء الدين لأننا خسرناه بعمر صغير، وأضافت: “اتضايق عندما اشاهد نفسي في هذه المشاهد”.
وعن محافظتها على شكلها الخارجي وشبابها قالت بارودي ان ملامحها بقيت نفسها لانها تمارس ساعة رياضة يوميا كما تمارس بعض الرياضات لوجهها وهذه نعمة ربانية.
عن اللهجات في الدراما اللبنانية اعتبرت بارودي انه وتلفزيونيا اتخذ قرار ببداية انتشار الاعمال اللبنانية على اعتماد اللهجة اللبنانية البيضاء كما اعتمد في مصر لهجة الصالون المصري، واعتبرت ان السينما اللبنانية خسرت لانها اعتمدت اللهجة المصرية، مضيفة ان العمل الفني ولو صامت ينجح. “احب اللهجة المصرية ولكن لماذا سالعب دورا مكان ممثلة مصرية؟”.
من ناحية أخرى قالت بارودي: “لا يهمني حجم الدور بقدر تأثيره على النص فانا متصالحة مع نفسي وكل عمري اسعى ان اسجل نفسي كممثلة والاستمرارية. فان أكون ممثلة يهمني أكثر من أكون نجمة”، مؤكدة ان المواهب الموجودة تحتاج الى انتاج وان الكتّاب والمخرجين اقل من الممثلين. وأشارت الى انها تتابع بعض الممثلات اللواتي يقدمن أدواراً جيدة ولكن تأسف على بعض الممثلين الجيدين لمشاهدتهم يؤدون أدوارا غير لائقة بهم. وسمت الممثلة رولا بقسماتي واعتبرتها من الممثلات اللواتي يؤدين بشكل رائع ومميز.
وعن دخولها حقل الإنتاج التلفزيوني شددت النجمة سميرة بارودي على انها كانت ممثلة ولم تكن منتجة بل زوجها احسان صادق هو من كان المنتج، وانها كانت تتدخل لاعطاء رأيها فقط.
وعن زواجها باحسان صادق اشارت الى انهما تزوجا خطيفة قبيل تصوير الحلقة الأخيرة من مسلسل “المنتقم”، حيث كان هناك منع تجول في طرابلس واخذا القرار فجأة وبشكل عفوي، وذهبا بعدها الى كفرشيما عند احد أصدقائه الفنان فيلمون وهبي. وأكدت أن ما يجمعهما هو الحب وأشياء كثيرة، “فلو لم نتوافق لم نترافق”. وأكدت ان علاقتهما بدأت بنوع من الاستلطاف، وانه لم يكن زير نساء ولكنه كان متزوجا قبل فترة من النجمة نزهة يونس وكان قد تطلق منها قبل خمس سنوات من تعارفهما، مضيفة ان الراحلين هند ابي اللمع وانطوان ريمي لقباه بـ”بوند” وهو مسبع الكارات. وقالت بارودي انه وفي عائلتها لم يكن فارق الدين موضوعا مهما، وان هناك اكثر من زيجة مختلطة في عائلتها، ولكن كان هناك الفارق في السن، وان احسان صادق ظل محبوبا من النساء لردح من الزمن وحتى عندما كانا يسافران كان ملاحقا منهن ولكنها لم تتأثر بهذا الموضوع لان عقلها كبير.
وقالت النجمة سميرة بارودي انها مع الزواج المدني وان لا صور من ذكرى زواجهما لان منزلهما احترق واحترقت معه كل الصور، وأشارت الى ان علاقتها باحسان صادق أساسها الحب وأنهما ككل المتزوجين وككل ثنائي طبيعي “في طلعات ونزلات في زواجنا ولكن الطلعات دائماً أكثر”.
وعن عدم انجاب الأطفال أشارت بارودي ان هذا الموضوع كان يمكن ان يهدد علاقتها الزوجية و”لكن كنا واعيين للمشكلة وأجواء الحرب جعلتنا نخاف من فكرة الانجاب اذ كنا ننتقل من منطقة الى منطقة ومن وادي الى وادي”. وأسفت على الأمهات اللواتي ينجبن أولادا لا يسألون عن أهلهم واستشهدت بامرأة صادفتها مرة وقالت لها “اللي ما يعزها زندها ما بعزها ابنها” معتبرة ان الأولاد المرضيين انقرضوا ولهذا السبب لا تتأسف على عدم الانجاب. “فالأطفال حلوين ومرين، ولكن نترك عبرهم اثرا منا في هذه الدنيا، انما هناك سميرة بارودي ثانية من عائلتي واولاد اخوة احسان”. وقد اشارت الى انها وفي بداية زواجها قررت الاعتزال لشهور وكان الكلام ابن وقته و”ناقشنا موضوع العودة بعد فترة قصيرة وعدت سريعا”.
مئات الاعمال التلفزيونية والسينمائية والمسرحية والاذاعية بين لبنان والعالم العربي والتي لا يمكن اختصارها تمثل مسيرة سميرة بارودي الطويلة وقد اكتفى زافين بالحديث عن سبعة صور هي محطات اعتبرها بارزة بمسيرتها الفنية.
وردا على سؤال اعتبرت سميرة بارودي ان المسلسل الأفضل لم تعمله حتى اليوم ولكن ربما من افضل ما قدمت هو مسلسل “عزيزتي مروى” والاسوأ هو “وداعاً يا أفاميا”، مضيفة: “انا ضد ان يصنع المسلسل على قياس ممثل، ولا احد يشبه احدا ولكن نحن بحاجة الى 7 او 8 نجمات اليوم في الدراما اللبنانية ذوات مواهب جيدة، الى مخرجين يديرون الممثل بشكل جيد”.
وعلقت على بعض الأسماء البارزة في الدراما اللبنانية فقالت ان هند ابي اللمع كانت مساعدة مخرج ومواكبة لكل جو التمثيل وكان هناك الكثير من الممثلات اللواتي اعترضن على ادخال هند ابي اللمع او المذيعات الى عالم التمثيل، ولكنها كانت مع هند ومع التجارب المماثلة. أما تجربة نهى الخطيب سعادة فكانت جميلة جدا ولديها كاريزما عالية. ونزهة يونس لم يكن لديها أي مشكلة معها، فمشكلة نزهة يونس كانت مع احسان صادق و”لا اعرف سبب مشاكلهما”. واعتبرت ان وفاء طربيه ممثلة مخضرمة وأشارت الى تميز السي فرنينة من مسلسل “مذكرات ممرضة” واعتبرت ان نضال الأشقر كانت مقلة في أعمالها التلفزيونية.
عن مرحلة الدوبلاج استذكرت بارودي مرحلة مسلسل “ماريا مرسيدس” واعتبرت ان “اللبنانيين شاطرون وهذه مرحلة تم الاكتفاء منها ووصلت للذروة”. أما الاعمال التركية فهي اليوم اعمال جيدة باصوات ممثلين سوريين وان الدوبلاج انتقل من اللبنانيين الى السوريين لان احد المنتجين مضى على عقد احتكار لكل المسلسلات وفضائية عربية اشترت الحقوق منه، مشيرة الى ان “اللبناني منافس دائم وقدراته موجودة كالممثل العربي”.
سميرة بارودي تحدثت عن تجربتها بالاصابة بمرض سرطان الثدي عام 2000 وقالت انها انتصرت بتجربتها عبر الايمان والصبر. “مررت بكل المراحل واخذت دواء على سبع سنوات وطبيبي جعلني اقطع بكل المراحل. الصعب كان على من هم حولي، فالله اعطاني القوة والصبر واحسست ان هذه تجربة يجب ان اتعلم منها. قاومت بشكل كبير وساعدني على المقاومة معرفتي كل حقيقة مرضي”.
وأشارت بارودي الى ان شعرها تساقط بعد شهرين من العلاج وروت قصة أثرت بها وعلمتها، يوم كانت مدعوة الى مؤتمر في الأردن وأحيطت بمحبة كبيرة، فرمت الدواء المهدئ لانها اعتبرته بلا مفعول أمام محبة الناس. وأضافت ان الكثير من الزملاء وقفوا الى جانبها، وتذكرت مدمعة الراحلة جورجيت النابلسي وخصتها بالذكر بوقفتها الى جانبها، وأضافت: “يوم رحيل جورجيت اعتزلت الصداقات، وبفقداني جورجيت النابلسي فقدت الأخت والام، هي واحدة من الأصدقاء الذين عاشروني بكل مراحل حياتي”.
ارتبط اسم سميرة بارودي واحسان صادق بالعمل النقابي الفني بلبنان.عام 1993 كانت عضوا مؤسسا بنقابة الفنانين المحترفين بلبنان واعتبرت وقتها انشقاقا من نقابة الممثلين، وعام 2009 وصلت الى منصب النقيبة حتى 2013، وتركت السنة الماضية بظروف ملتبسة ووسط حملة تشهير طاولتها. وقد علقت بارودي على هذا الموضوع بالقول: “النقابات الفنية تشبه الأوطان العربية. نحن نفشل بالعمل الجماعي ونعمل كأفراد بشكل مميز ونقابتنا في الوطن العربي تشبهنا وفي لبنان أيضا، نحن نفشل في العمل النقابي”. واعتبرت ان ما حدث في نقابة الفنانين سخيف وتافه وتم استغلاله. وأكدت انها لجأت الى القضاء، وهناك تقرير من الخبير المحلف وكل الاحكام لصالحها، وان هناك دعاوى لا تزال عالقة امام المحاكم وانها لن تتحدث عن تفاصيل هذا الموضوع الا امام القضاء.
بارودي اعتبرت انها كانت “حجر عثرة في مشاريع البعض الوسخة. هم أساؤوا لنفسهم وسميرة بارودي لا احد يمسها الا رب العالمين، والقصة مخترعة لازاحة سميرة بارودي من اجل مشاريع وسخة ولا عودة الى مطلق نقابة اذا كانوا هؤلاء الفنانين موجودين فيها”. وأكدت بارودي انه كان اسعد يوم بحياتها يوم ارتاحت من العمل النقابي، “فقناعتي عن النقابات العربية انها فالج لا تعالج ونحن نتجه في هذا الاطار من السيئ الى الأسوأ”.
وقالت بارودي ان لا احد يكسرها، “انا لا ادعي القوة ولكن لا احد يستهين فيّ لان قوتي القانون، انا اشفق عليهم لانهم يعملون على مشروع خاص فيهم ولكنهم لا يملكون الكرامة”.
وردا على سؤال اشارت الى انها لن تسمي احدا لانهم لا يستحقون، “فانا ازعل عليهم لانهم سيحزنون على انفسهم”. وأضافت: “كتبت وصية اذا رحلت لا اريد ان يعزوا فيّ، احزن واشفق عليهم واتساءل لماذا فعلوا كل ذلك؟”.