رأي خاص- الدراما اللبنانية تعلن موتها السريري، فهل يشكل المنتجون اللبنانيون والمحطات اللبنانية خلية ازمة؟
باتريسيا هاشم: الازمة الاقتصادية اللبنانية ليست بجديدة ولو انها ارهقت الشعب اللبناني ودمرته، الا ان الشعب الذي يقف شامخاً بعد كل سقوط مدوٍّ لم يستسلم واستمر بالبحث عن نوافذ أمل وطاقات فرج علّه بذلك يستمر بالعيش بأي شكل من الأشكال، الا ان هذا لم يكن حال المحطات التلفزيونية اللبنانية التي رفعت رايات الاستسلام منذ زمن طويل وراهنت على صبر المشاهد الذي لا حول ولا قوة له للاعتراض او المطالبة بباقة برامج جديدة ممتعة وخاصة المسلسلات اللبنانية التي تغيب قسراً عن الشاشات المحلية تحت ذريعة غياب الانتاج والاستثمار بأعمال لبنانية، الا ان هذا الوضع بدأ يخرج عن مساره الآمن او الصحّي ودوّى أخيراً جرس الانذار بعد احتلال المسلسلات التركية لكل المنابر واعادة بث مسلسلات لبنانية اكل عليها الدهر وشرب وحفظها اللبنانيون عن ظهر قلب بسبب تكرار عرضها.
ربما نجحت المنصات العربية والعالمية بجذب المشاهد الباحث عن جديد، الا ان احداً لم يعوّض الشوق للمسلسلات اللبنانية البحتة. وهذه المنصات ليست مجبرة على تبنّي الدراما اللبنانية والاستثمار فيها ان كان اهل البيت قد تراجعوا منذ زمن عن الايمان بها والثقة بنجومها الذين اشتقنا لهم على الرغم من مشاركة بعضهم في اعمال مشتركة عُرضت على اكثر من شاشة ومنصة عربية، فكيف نتلافى هذه الازمة؟
اولاً لا بدّ من تشكيل خلية ازمة مؤلفة من كافة المنتجين والكتاب والمخرجين اللبنانيين والبدء بالتعاون والاتحاد للبحث عن حلول طارئة لأزمة الدراما اللبنانية والتواصل مع المحطات اللبنانية ونقابات الممثلين لتقريب وجهات النظر وتقديم بعض التضحيات المادية ولو على حساب الانتاج الضخم فنخرج باقتراحات وحلول شافية سيما وان معظم الممثلين اللبنانيين سبق وصرّحوا انهم مستعدون للعمل ضمن شروط متواضعة ان كان ذلك سيساهم بتعافي الدراما اللبنانية واعادة بريقها.
ثانياً، لا بد من طلب الدعم المادي والمعنوي من اكثر من جهة ومصدر.فرجال الاعمال اللبنانيون المقيمون او المغتربون لن يتوانوا عن دعم دراما بلدهم مقابل ارباح ضئيلة ان كان ذلك سيساهم بعودة الحياة اليها فلطالما كانت الدراما مرآة مجتمعها. فإن كنا شعباً عنيداً يرفض موته السريري فلا بد من البدء بالمقاومة الدرامية لإحداث الفارق الايجابي واعادة خلط الاوراق.
ما نشاهده اليوم على شاشاتنا اللبنانية مرفوض تماماً وما تقترفه محطاتنا اللبنانية اشبه بخيانة لشعبها وتاريخه. فمن المؤسف ان تروّج هذه المحطات للمجتمع التركي والبيئة التركية وتترك مجتمعها خلفها اشلاء وبقايا حياة رافضة التضحية ببعض ارباحها من اجل دعم الدراما اللبنانية التي تغيب بشكل دراماتيكي عن الشاشات، فتتسبب بخروجها من السباق العربي بعدما كانت في فترة من الفترات منافساً شرساً يحسب له الف حساب.
ويبقى السؤال الاخير نوجهه الى نجومنا الممثلين، هل انتم مستعدون لتحمل جزءاً من المسؤولية والتضحية على حد سواء والمساهمة بنهضة الدراما اللبنانية؟