رأي خاص- في ليلة رأس السنة، “الفرش دولار” يُخرِج وحش الجشع من قلب التجّار

على الرغم من كل الاوضاع الاقتصادية الصعبة، إلا ان الشعب اللبناني ينتظر العام الجديد متأمّلاً بسنة أفضل تحمل معها الأمل والأمان خاصة بعد أكثر من عامين على الأزمة المعيشية الخانقة التي أرخت بظلالها على اللبنانيين الذين يعانون جراء الغلاء الفاحش وارتفاع سعر صرف الدولار وانعدام الضمير عند بعض المسؤولين الذين لا يبالون بالوضع الصعب ومستمرين بمناكفاتهم السياسية.

وعلى الرغم من كل هذه الأوجاع، يحرص اللبناني أن يستقبل العام الجديد بفرح ورجاء حيث يستقطب لبنان عشرات الحفلات لأهم النجوم من لبنان والوطن العربي فاحتلّت اعلانات حفلات رأس السنة الطرقات ومواقع التواصل والشاشات لإستقطاب أكبر عدد من محبّي السهر.

ويستقبل لبنان خلال فترة الأعياد أكثر من ستماية الف مغترب وسائح، حيث يعوّل أصحاب المؤسسات السياحية على هذا الموسم  لتحقيق بعض الانفراج على الصعيد المالي والتجاري في هذا البلد الذي يعاني انهيارًا ماليًا واقتصاديًا غير مسبوق.

لكن اسئلة عديدة تطرح خاصة أن معظم حفلات العيد في لبنان تخطّت اسعار بطاقاتها الخيال كما تخطّت قدرة الشعب اللبناني على تحمّل تكلفة سهرة نهاية العام حيث تراوحت الاسعار بين ٢٥٠ و ٥٠٠ دولار للشخص الواحد. حتى ان ثمن بعض البطاقات لامس الألف دولار للشخص الواحد في صالات الاحتفالات التابعة لفنادق الدرجة الاولى وبعض النوادي الليلية الشهيرة .

وهكذا أصبحت سهرة رأس السنة مُتاحة فقط للمغتربين والسوّاح الذين شاءوا ان يحتفلوا بالاعياد مع عائلاتهم في لبنان لأن متعهّدي ومنظّمي هذه الحفلات تجاهلوا تماماً اللبنانيين المقيمين الذين يرزحون تحت وطأة الأزمة الاقتصادية ولهم الحق أيضاً في الاحتفال والاستمتاع ووداع عام كان مأساوياً على كافة الاصعدة.

ماذا حصل بين العام الماضي والحالي لنفقد احساسنا بأبناء بلدنا ونجلدهم كما يجلدهم السياسيون والتجّار واصحاب المصارف؟ فلا يكفي الظلم الذي لحق بهم جراء الهزة الاقتصادية على اعلى درجات رختر، يتمادى التجار اليوم ومتعهدو ومنظمو الحفلات واصحاب النوادي والملاهي والفنادق في جلد اللبناني العاجز وهم شركاؤهم في وطن سرق كل احلامهم واموالهم.وفي حين يتقاضى معظم اللبنانيون اجورهم بالليرة اللبنانية او ما يعادلها بالدولار وليس العكس، لا نفهم كيف حسم هؤلاء المتعهدون امرهم لناحية اسعار السهرات الجنونية مقارنة مع وضع البلد، فهل اصبحت الحياة في لبنان حكراً على اصحاب الثروات؟ وهل حُكِم على اللبناني”يلي بحب الحياة” بالموت المحتّم رمياً برصاصة اللا رحمة؟ وهل أصبح متعهّدو الحفلات واصحاب الملاهي والاماكن التجارية يشبهون الطبقة السياسية في لبنان حيث لا رحمة ولا محبة في قلوبهم وبات كل همهم كيف يجذبون المغترب أو السائح ضاربين بعرض الحائط قدرة اللبناني المقيم على تمضية سهرة واحدة بسبب هذه الاسعار الخيالية.

لم يكن المنظمون بهذا الجشع في السنوات الماضية حين كانت الازمة اللبنانية ترخي بظلالها بالتساوي على كافة اللبنانيين، فكانت اسعار التذاكر بالعملة اللبنانية وبأسعار معقولة ومقبولة ومتاحة للجميع قبل ان يتخذ المعنيّون هذا العام القرار بتحويل ليلة رأس السنة الى عمل تجاري بحت والى فرصة ذهبية لكسب المال، غير مراعين اوضاع ابناء بلدهم المقيمين الذين لا يجدون متنفساً واحداً للفرح والسعادة لأننا بتنا للأسف سيئين بحق بعضنا البعض، فلا جمعَنا ألم الوطن ولا الحرمان ولا الظلم ولا الموت ولا الخسارة…فكيف كنا نتوقّع ان تجمعنا الليلة سهرة نهاية العام؟

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com