رأي خاص – حسام حبيب، جميل، جديد… ولكن
رأي خاص – بصراحة: بعد ثماني سنوات من الانقطاع، عاد الفنان المصري الشاب حسام حبيب إلى الساحة الفنية بألبومه الغنائي “فرق كتير”. الألبوم الذي كان مقرراً له أن يكون من إنتاج الموزع الموسيقي حسن الشافعي. ولكنّ الخلاف في وجهات النظر حال دون إصداره في السنوات الماضية. كما أدى ذلك أيضاً إلى استبعاد معظم الأغاني التي قام الشافعي بتنفيذها وتوزيعها بحجة أن التوزيعات أصبحت قديمة وبحاجة لتجديد.
من يستمع إلى حسام حبيب يدرك أن هذا الشاب -على تواضع قدراته الصوتية- يقدم دائماً ما هو ومختلف ومتميز. ومن يتتبع أعماله يلاحظ موهبته وتمكنه منذ بدايته كملحن في أغنية “عايشالك” للنجمة إليسا وحتى ألحانه لنفسه في ألبومه الأخير.
في عام 2004 كسر حبيب القاعدة التي كان يمشي عليها أقرانه الفنانين في مصر وجاء إلى لبنان ليوزع ألبومه كاملاً مع جان ماري رياشي وناصر الأسعد.
وفي عام 2008 قدم ألبوماً متميزاً كان لحسن الشافعي حصة الأسد فيه من ناحية التوزيع، فقدما معاً أغنية “شفت بعينيا” التي حققت نجاحاً لافتاً لـ “حبيب” و”الشافعي” في ذلك الوقت. والكثير من اللفتات الذكية في حياته الفنية التي برهنت على أنه صاحب رؤية موفقة ومشروع ناجح توجّهما في ألبومه الأخير “فرق كتير”.
في هذا الألبوم كانت اختيارات حبيب صائبة لدرجة كبيرة. فأغنية الدويتو التي قدمها مع الفنانة شيرين تعد إضافة مهمة لمشواره الفني. كما أن معظم الأغاني تميزت على صعيد الكلمة حيث حملت قدراً كبيراً من التميز في المواضيع ولعل أبرزها “فرق كتير” لأيمن بهجت قمر، “تعيشي معايا” لأمير طعيمة. كما أن استخدام عبارات جديدة مثل (نصاص الليالي، خطر كبير، وغيرها) يدل على رغبة حبيب في الخروج عن المألوف في اختيار كلمات أغانيه. أما ألحان الأغاني فراوحت جميعها بين الجيد وفوق الجيد. وقد شارك حبيب في تلحين أغاني ألبومه الملحن إيهاب عبد الواحد الذي سبق وأن تعامل مع كثير من نجوم الغناء في مصر أهمهم شيرين، أصالة، ومحمد حماقي. ولكن يبدو لنا أن عبد الواحد يلمع أكثر عندما يلحن لحسام حبيب.
وبالانتقال إلى التوزيع الموسيقي في الألبوم، فقد ظهر اسم موزع جديد لأول مرة تحت اسم “النابلسي” على خمس أغانٍ. قدم فيها موسيقى تتسم بالرقي والهدوء، وتنحو أربع منها منحى لاتينياً أوروبياً.
الجدير بالذكر أن تعليقات المستمعين على أغاني النابلسي كانت إيجابية، فقد أحب الجميع النفس الموسيقي الجديد الذي اتبعه النابلسي في الألبوم. كما أشادت التعليقات أيضاً بأغنيتي حسن الشافعي وأغاني توما ولكن كان واضحاً أن الجمهور أحب وتأثر برؤية النابلسي في اللون المطروح. وهذا ذكاء يحسب لحسام حبيب أن يراهن على شاب لم يسبق لاسمه الظهور على أغلفة ألبومات فنانين آخرين. ولكن هل التحول في الشكل الموسيقي العربي إلى الشكل اللاتيني إلى هذه الدرجة الصارخة شيء نحتاجه في موسيقانا العربية؟ أعتقد أن هذا السؤال جدير بالطرح على حسام حبيب وجميع الفنانين الشباب الذين يصرون على تغريب الأغنية العربية وجعلها بعيدة عن الموسيقى العربية.
لا تبدو المشكلة كبيرة عندما يقوم فنان عربي بتطعيم أغانيه بنكهة غربية أو تركية أو كورية حتى، ولكن المشكلة أن يصبح هذا التطعيم هدفاً بحد ذاته، وأن تصبح الأغاني لا تشبه الموسيقى العربية لا من ناحية التيمات اللحنية ولا حتى في الآلات المستخدمة. وبالتالي تفقد الموسيقى العربية هويتها وتنتقل مع الأيام انتقالاً كلياً إلى نوع آخر تحت ذريعة “الجمهور عايز كده”.
ما نرغبه من حسام حبيب وغيره من أبناء جيله هو العمل على تجديد الصبغة العربية في الأغنية ذاتها بدلاً من صباغتها كلياً بلون مختلف. وقد وفق حبيب نفسه بذلك في أغنية “هو حبيبي” عندما لعب على إيقاع الأغنية بطريقة غير مسبوقة في التسريع والتبطيء. هذا النوع من الاقتراحات هو ما نحتاجه حقاً في الأغاني وليس الذهاب كاملاً إلى لون موسيقي لا يشبه ثقافتنا أو تراثنا.
أخيراً، ومع التشديد على أن الموسيقى لغة عالمية، فقد يكون احتواء الألبوم على أغنية ليست عربية الروح والهوى أمراً وارداً ومشروعاً. وقد يكون الخيار الأذكى أيضاً أن يتضمن الألبوم عدة أغاني تحمل جملاً لحنية طربية عربية بإيقاعات غربية أو العكس. ولكن أن يتحول الألبوم في اتجاهه إلى الانغماس في ثقافات موسيقية أخرى فهذا الذي لا نتمناه لأغانينا العربية نهائياً.
ونحن بدورنا نبارك لحسام حبيب ألبومه الجديد ونطلب منه أن يُسمِع أغاني ألبومه (وخاصة التي وزعها النابلسي) لمستمع أجنبي ويسأله عن هوية الأغاني.. نراهن حينها على أن المستمع لن يحزر أنها أغانٍ عربية.
بقلم: غزوان الميداني