رأي خاص- لعبة الموت … نريدها لعبة منطقية
ربما من الصعب على المشاهد العربي أن يذهب بخياله بعيداً ليصدق حالات قد يتم تقديمها في الدراما من واقع آخر و لكنها وطالما كانت موجودة فمن الجائز تعريبها و افتراض أنها قد حدثت ضمن مجتمعنا مع إضافة بعض النظريات الشرقية إلى القصة فينتهي الأمر.
هذا تماماً ما يحدث مع مسلسل “لعبة الموت” للبطلة الأخاذة سيرين عبد النور و الفنان الجبار عابد فهد و المخرج المتألق دائماً و أبداً الليث حجو. لأن اللعبة التي يقدمونها حالياً ليست عربية و إنما مأخوذة عن رواية واقعية أجنبية كانت من أكثر الروايات مبيعاً في عام 1987 “Sleeping With The Enemy” (الذي اكتفى الجنيريك بذكر انها قصة مقتبسة دون ذكر عنوانها) للكاتبة نانسي برايس و التي تم تحويلها فيما بعد إلى فيلم من بطولة جوليا روبرتس و إخراج جوزيف روبين عام 1991 فشكل نقلة نوعية لروبرتس في مسيرتها الفنية المثيرة وهذا ما نتوقّع ان يحدث لسيرين عبد النور.
القصة عن امرأة شابة تحاول تزييف موتها للهروب من زواج يشبه الكابوس لتكتشف لاحقاً أنها لا تستطيع مراوغة زوجها المريض نفسياً بها و هذا بالضبط ما يبدو أنه يدور في أحداث مسلسل “لعبة الموت” بتناغم موسيقي عجيب و جاذب و بتسلسل درامي مدروس و غير ممل و الأجمل من ذلك أن سيرين كممثلة تطورت كثيراً و ربما تكون على مقربة جداً من أن تتحول إلى تلك البطلة المحترفة التي تمثل بظهرها و تتحدث بعينيها وهذا ما تحتاجه الدراما اللبنانية والعربية، أعني ممثلة تجمع الكاريزما و الموهبة و تجتهد على نفسها و تتطور بشكل ملفت في أدائها و ما زالت تحتفظ بتواضعها و بساطتها أمام الكاميرا فتحزن بـ “شياكة” و تؤدي بـ “عمق” أي أنها بطلة من أولئك البطلات القلائل اللواتي أخذن مهنة التمثيل “على محمل الجد”.
و لا ننسى طبعاً أن شخصية الزوج المركبة أوكلت لعابد فهد فكان خير اختيار لتتحول الحالة النفسية بين يديه إلى لغز يجعلنا نتعاطف معه أحياناً و نكرهه أحياناً أخرى بالرغم من أن الشخصية لا يجوز التعاطف معها أبداً و لكن هذا سحر عابد فهد وحده يفهمه و وحده قادر على صنع هذه الحالة.
و كما قلت في بداية المقال فهذه القصة الإنسانية معربة و لكن المسلسل استطاع أن يجذبنا و يحصد إجماعا جماهيريا منذ حلقته الاولى على أنه مختلف و يستحق المتابعة إلى أن بدأت جرعة “البهارات” الشرقية في الازدياد فبدأ المسلسل يفقد منطقيته و ذلك بعد أن بدأنا نشعر بأن الكاتبة ريم حنا قد أكثرت من محاولات تعريب القصة و لم تنتبه إلى أننا كنا نفضلها كما هي . فلا مانع من بعض الإضافات و لكن دون تغيير مجريات الرواية الأصلية أي أن الإضافة تكون بدافع إطالة السيناريو و مد الأحداث لتتوافق مع رغبة صناع العمل في تحويلها إلى مسلسل رمضاني و لكن لا يجوز أن تكون بدافع وضع بصمتها الخاصة فلو لم تكن الرواية الأصلية متكاملة كما هي لما حققت نجاحاً ما زالت أصداؤه مغرية للمنتجين في جميع أنحاء العالم حتى بعد مرور أكثر من خمسة و عشرين عاماً و لذلك أعتقد أن تحويل شخصية “جبران” من مجرد جار فضولي لا يملك أي هدف في الحياة إلى رجل من ماضي البطلة لم تكن بمحلها و هي ما جعلت المسلسل الآن يتحول من عمل غامض و مُشوق إلى مسلسل بنكهة “تركية” و نحن بانتظار الحلقات القادمة لتكون اختباراً صعباً على كل فريق العمل بين الحفاظ على عملهم ناجحاً متكامل العناصر وبين أن يتحول مسلسلهم إلى نسخة غير محبوكة من رواية ناجحة … و أعدكم بمقال آخر في نهاية الشهر لنرى كيف أُبلى العمل و ما كانت نتيجة الاختبار…