رأي خاص- البنات سطحيات و السيدات مترهلات، و الذكور هم الأبطال الخفيين… هكذا هي مسلسلات النواعم في رمضان
يشهد رمضان الحالي طفرة كما حصل مع رمضان 2011، حيث تنافس المسلسلات النسائية في قائمة الدراما العربية وبنسبة كبيرة.
(بنات في بنات)، (حكايات بنات)، (بنات الجامعة)، (بنات العيلة)، (الزوجة الرابعة)، و(كيد النسا2) كلها استطاعت جذب المشاهدين بشكل كبير بسبب عرض تلك المسلسلات في أوقات الذروة.
وإن كان نيشان يصف الإناث بالعسل في برنامجه فدعوني أؤكد أن العسل الأسود هو ما تحاول أن تطعمه نساء تلك المسلسلات الرمضانية لسيدات العالم العربي، حيث أنه وبين الهشاشة والسطحية وتمحور الحياة حول الرجل من جهة والفشل من جهة اخرى لم تعد للأنثى أي عين للمطالبة بالمساواة! فهي اصرت في تلك الأعمال على أن تقول أنا عجينة آدم!
قصص تلك الأعمال تختلف في جودة ما تطرح، نحن لا نستطيع أن نقارن ما يقدمه (كيد النسا) بما يقدمه (حكايات بنات) على سبيل المثال، ولكن نقطة التشابه بين الجميع هي تلك المرأة الضعيفة مهما بدت صلبة وغير مكترثة.
القضية التي يحكي عنها كل مسلسل جديرة بالاحترام ولكن المعالجة هي ما لا يجب أن تُحترم أحياناً، و لنبدأ بـ (كيد النسا) الذي يعتبر استكمال واضح لـ (وصلات ردح) بدأت بين فيفي عبده وسمية الخشاب ولا تريد أن تنتهي عند نبيلة عبيد! حيث أن الفنانة نبيلة عبيد تبدو لأول مرة مترهلة الأداء في حياتها، وربما نبع ذلك من عدم اقتناعها بالشخصية، بينما فيفي عبده ما زالت تمثل بـ (هز الرقبة) و لا شيء سواه!
(بنات العيلة) مسلسل اجتماعي نسائي بامتياز، بطلاته من أجمل فنانات الدراما السورية وكل واحدة منهن تجسد حالة بحد ذاتها، ولكن الضعف هو في أن تلك الحالات ليست شائعة، قضايا نساؤه ليست قضايا سيدات العالم العربي التي تحتاج إلى معالجة، قضايا المسلسل هي فقط قضايا بطلاته اللواتي تعلقت بهن قلوب المشاهدين حيث تأتي القصة جاذبة وقوية، ولكنها على المقياس النقدي فهي قصة مفككة، والسبب أن البطلات كثيرات والدراما تائهة بين تلك الحالات، لكل واحدة قضية ويجب أن يُخصص لكل قضية وقتها الذي تستحق وهو ما لم ينجح به العمل لغاية الآن، مما عزا بالمؤلف أن يطعّم تلك القضايا ببعض المفارقات التي لا تبدو منطقية فأفقدت المسلسل توازنه، برغم من أنه كان بالإمكان أن يحقق مراتب أولى أدبياً بين كثير من المسلسلات لو كانت جرعة النساء فيه أقل من جرعة الواقعية.
(بنات الجامعة)، ليس إلا استكمال هش لـ (بنات الثانوية) حيث فشل صناع العمل في خلق حالة حقيقية لنموذج الفتاة الخليجية العادية بين تلك الحالات، فهي في المسلسل إما وقحة او ضعيفة، و إما منحرفة او سطحية. والمسلسل منذ المعالجة الأولى فشل في الخروج من قلب المجتمع النسائي ولذلك كانت الشخصيات وما زالت معجونة بمشاكل درامية مفتعلة وليس بمشاكل الشارع الخليجي الذي تشكل النساء نصف المشاة.
(الزوجة الرابعة) مسلسل خفيف ولكنه مهين، وفيه استصغار لقضية مهمة وضع لها الشرع ضوابط عريضة، كما وضع تحتها العُرف الكثير من الخطوط، ألا وهي قضية (تعدد الزوجات) حيث يقدمها المسلسل وكأنها قضية (بيع و شراء) بينما هي قضية مجتمع، وهنا تتضح عيوب الدراما العربية التي ما زالت منغمسة في معالجات دون المستوى لقضايا لا يمكن تلوينها .
(حكايات بنات) للأسف وعلى خلاف المتوقع جاء أضعف مما كنا جميعاً ننتظر، برغم أنه يضم بطلتين انتظرنا منهما الكثير هذا العام وهما حورية فرغلي التي صنفها النقاد كأفضل ممثلة شابة في العام الماضي والبطلة المتألقة دائماً صبا مبارك، وقد جاءت القصة دون أي جديد وجاء الطرح على طاولة مكرر لما سبق وطرحهعليها حكايات البنات و بنفس الطريقة فبدا المسلسل وكأنه لا يحمل مفاجأة سوى الجمع بين تلك الأوجه الجميلة على طاولة واحدة، والسبب أن التمرد الذي تجسده سيدات المسلسل بالإضافة إلى الاستقلالية التي تتحلى بها شخصيات بعضهن مواصفات شخصيات تم تقديمها سابقاً ربما ليس باستخدام نفس القالب ولكن باستخدام نفس الأرواح.
أخيراً (بنات في بنات) ما زال هو الأكثر ثقة بين كافة تلك المسلسلات النسائية، حيث تدور عجلة الدراما فيه ببطء وتناغم و لم يطرح بعد شكل القضايا النسائية الاجتماعية التي ينوي الإسقاط عليها ومعالجتها بشكل مبدئي ولو أن الصورة ليست ضبابية كثيراً وباستطاعتنا تخمين نوع تلك القضايا الا ان عنصر التشويق يبقى قائماً ولا تزال جرعة الواقعية فيه هي الأنسب حتى الآن..
تلك هي النظرة المبدئية على المسلسلات التي تحاكي قضايا النساء العربيات .. و تبقى نظرة أخيرة في آخر شهر رمضان لتناول تلك الظاهرة من جديد، ظاهرة (دراما النساء) في وجه الدراما الذكورية!