تغطية خاصة بالصور- في زمن احتلال المادة لكل مدن الحبّ والرومنسية، باسمة بطولي احتفلت مع الشعراء والاعلاميين بولادة (حين ترتدي النار عريها) في صالة الاخوين رحباني
في زمن كثُر فيه الكلام وشحّ فيه المعنى
وفي زمن فاضت منه التجارب وغاب عنه المغزى
وفي زمن احتلال المادة لكل مدن الحبّ والرومنسية،
خرجت هي بالامس من على منبر الحركة الثقافية في انطلياس لتحّرر مدن العشق والصوفيّة وتُخرج الرومنسية من معتقل الملل والضجر والماديّة وتُجرّد المغتصِب لكرامة الكلمة من سلاحه وتعلن استقلال القصيدة وحرّية الكلمة.
لا شك في ان لقاء اهل مدينة الشعر بالامس كان مثمراً وعبقت صالة الاخوين رحباني ببخور الحلم و الرومنسية وكاد المدعوون الذين غصّت بهم الصالة يغيبون عن وعي اجسادهم التي اثقلتها الحياة بهمومها فوطأوا عراةً ارض الشعر المقدّسة متحرّرين من هموم الحياة اليومية ومن ماديّة الناس الذين فرغوا من الانسانية ولكن مدّججين بكل أحرف الابجدية وبالسكون وكل الفتحات والضمّات والكسرات ، وبعض التنهيدات والانفعالات وبالكثير الكثير من الصلوات… وما ادراكم كم هي عميقة وحقيقية صلوات الشعراء وكم هي مسموعة ومقدّسة لدى آلهة السماوات!!
هذا أقّل ما يقال في لقاء اهل الشعر والكلمة بالامس مع الشاعرة اللبنانية باسمة بطولي التي جمعت الاصدقاء وعشّاق القصيدة حول كتاب اقّل ما يقال عنه من القراءة التمهيدية الاولى انه هزّة شعرية بأعلى درجات ريختر وانه قنبلة رومنسية من نار ونور وبخور ، فـ “حين ترتدي النار عريها” اكثر من كتاب شعر لشاعرة لبنانية مجبولة بعبق الكلمات والمشاعر والتجربة وهو أقّل من دستور عالمي للحبّ فقط لأن لغتنا العربية ليست عالمية بعد ، من هنا لا يسعنا الاً ان نثني على هذه المرأة الداهية ، فهي تتقن ما شاءالله كل اساليب التحايل على وجع الحبّ وخيبة الحبً وانكسارات الحبّ وكلماتها صلاة رجاء متجدّد وامل مُتّقد ومن يقرأ بعض اسطر قصائدها يخلع عنه خيبة السنين ويرتدي الوان الغد المشرق .
كل المدعوين الى لقاء باسمة بطولي بالأمس سعدوا كثيراً بهذا اللقاء الشعري في زمن خسرت فيه الكلمات كل قيمها وقيمتها واعادتنا باسمة بطولي الى زمن الشعر الجميل واللقاءات الشعرية التي كانت تُثري ثقافة هذا الوطن وابنائه ونتمنى ان تستعيد هذه اللقاءات بريقها وان تتجدّد وتتكرّر مع كل طلعة شمس، لاننا اصبحنا نفتقد في بلادنا العربية الى الفكر و الرومنسية والحبّ بعدما سطت الحروب والخلافات والازمات على معظمها .ونتمنى ان يكون للشعر العربي ايضاً ربيعاً جديداً بعد المحنة التي مرّ ويمّر بها ان اخذنا بعين الاعتبار نفور شبابنا والجيل الجديد من الشعر وبالتالي تجاهله وعدم الاكتراث له ، وهذه ربما أسوأ أزمة يمّر بها الشعر في وطننا العربي وعلينا جميعاً شعباً مثقفاً وحكومات ان نعيد مجد الشعر وشعبيته .
وبالعودة الى الامس حضر هذا اللقاء عدد من الشعراء اللبنانيين والاعلاميين والصحافيين والمهتمين بالقصيدة وجلس الى جانب الشاعرة باسمة بطولي كل من الاعلامية منى ابو حمزة التي توّسطت طاولة المنبر والشاعرة ماجدة داغر التي قدّمت فقرات اللقاء وعرّفت على المشاركين والمحامي والاديب ريمون عازار والنائب والوزير السابق ادمون رزق وجميعهم اثروا اللقاء بكلماتهم القيّمة عن باسمة بطولي وعن شعرها وأدبها .
وقبل ان تُلقى كلمات الضيوف ، طلبت بطولي ان تقول كلمتها أولاً فتشكر الحضور وطالبي الكلام فلا تكون كلمتها مرتهنة بما سيقولون وامتعتنا باسمة بطولي بكلمتها التي ارتجلتها بالفصحى فكانت كالذهب الخالص برّاقة، لمّاعة وصافية، حملت في طياتها الكثير من المحبة والطيبة والتواضع والمصالحة مع الذات والرقي واللياقة والعمق والحكمة ، لذا استحقّت عن جدارة كل كلمة قيلت فيها وكل محبّة عبّر عنها المتكلّمون .
اما مفاجأة اللقاء فتمثّلت بالقاء الممثل المرهف جهاد الاندري لاحدى قصائد بطولي وانشاد الراقية والمبدعة جاهدة وهبي لقصائد اخرى حيث علا التصفيق الحار لها اكثر من مرّة خلال القائها للقصائد.
مبروك لباسمة بطولي ديوانها الجديد “حين ترتدي النار عريها” وندعو كل المهتمين بالشعر ان يشتروا هذا الديوان ويستمتعوا بكل ما تضمّنه من حبّ وحنان وحكمة وحنين وحتى حزن.