رأي خاص- منة شلبي تظلم نفسها فنياً وتضيع بين النجاح الجماهيري والنجاح الأدبي
الفنانة منة شلبي محيرة.. فموهبتها لا يختلف عليها اثنين ولكن وبرغم من ذلك لا يمكننا القول عنها بأنها تقدر تلك الموهبة كما يقدرها كل من يرونها فيها، ولطالما خانتها اختياراتها ولكن لا يبدو لنا أنها تتعلم على رغم أنها وفي المرات التي أحسنت فيها الاختيار نجحت، ولكنها لم تفهم الخلطة جيداً ولم تعرف أنها يجب أن تتعود على طعم واحد فقط من النجاح وأن تجربة كل صنف و كل نوع ليست من المسموحات بالنسبة لفنان لديه موهبة حقيقية..
منذ أن ظهرت وهي تحظى باهتمام من كل أصحاب الأقلام المهمة في مصر، وكبار الفنانين والمخرجين وقفوا معها وتحدثوا عنها ووصفوها بأنها من أكثر فتيات جيلها موهبة، وأبرز من أثنى عليها المخرج الراحل يوسف شاهين الذي أسند إليها بطولة آخر أفلامه (هي فوضى) بعد أن شاهدها من خلال فيلم (إنت عمري) للمخرج خالد يوسف فلفتت انتباهه وقال عنها أنها كانت الأكثر تميزاً من بين شركائها في البطولة ذاك الوقت هاني سلامة و نيللي كريم..
هكذا كانت بدايات منة شلبي، رغم مشاركتها في عدد من الأعمال التي لم تلقى قبولاً كبيراً لدى النقاد إلا أنها في المقابل لم تفوت على نفسها فرصة وضع اسمها ضمن قوائم أبطال أكثر الأفلام قيمة خلال السنوات الأخيرة مثل (عن العشق والهوى) الذي اعتبره شخصياً من ضمن الأفضل في تاريخ السينما المصرية الحديثة.
ولكنها وللأسف مؤخراً بالرغم من كل تلك النجاحات التي حصدتها أصبحت تكثر من الأفلام التي لا تتمتع بقيمة أدبية، وأصبحت حالها حال بعض النجوم المغمورين تبحث عن الجماهيرية رغم أن البقاء للقيمة خاصةً عندما نتحدث عن فنانة تملك قدرات و موهبة منة شلبي التي تخذلها اختياراتها كثيراً و رغم كل ذلك فهي تتنقل من فيلم جماهيري إلى آخر دون النظر إلى قيمته.
بصراحة أنا استغرب هذا كثيراً بها، فهي فنانة شابة لفتت نظر الكثيرين و المفترض بها أن تحافظ على خط معين ولا تغامر بالمشاركة في أفلام تميل إلى السطحية بشكل يجعلها غير قيمة بتاتاً فقط لأن هناك صداقة تجمعها بالأبطال أو لأن البطل الذي يقف أمامها يحظى بجماهيرية عالية تجعلها تعتقد أنها ربما ستخطف شيئاً من أضواءه !
في 2010 شاركت تامر حسني بطولة فيلم (نور عيني) ورغم أن الفيلم حقق إيرادات جيدة و استطاع جذب نسبة كبيرة من الجماهير إلا أن النقد لم يأت في صالح منة التي ابدعت في (بدل فاقد) بجوار أحمد عز وجسدت المدمنة في أقوى حالاتها و أكثرها انحرافاً.
هذا الموسم عادت منة بفيلم جديد مع الفنان آسر ياسين بعنوان (بيبو وبشير).. الفيلم لم يتفوق في شباك التذاكر و كانت مردوداته لا بأس بها إلا أنه نقدياً لم يلقى استحسان المعنيين و كان كالحجر القاسي الثابت في طريق منة الفنية الوعرة والمليئة بالعيوب مئة بالمئة وللأسف..
أكثر الأمور في (بيبو وبشير) التي جاءت مخيبة للآمال في منة شلبي هي أنها و رغم عدد الأفلام الجيدة التي شاركت بها و الشخصيات المعقدة التي أدتها بحرفية لم تستطع بعد اتقان دراسة النصوص الجيدة قبل ان توافق عليها. ففنانة في عمرها وبعد العدد الكبير من التجارب التي مرت بها لم يكن منتظر منها أن تفشل في اختيار قصة لفيلم عادت به بعد غياب مطول شيئاً ما .. حيث أن القصة ليست سوى عبارة عن مواقف و مشاهد واسكتشات مستهلكة ومكررة نهايتها معروفة حتى لأصغر المشاهدين سناً.
للأسف فمنة شلبي لم تعِ بعد حجم موهبتها ولم تفهم أنه ليس عدلاً أن يخذل الفنان الموهوب موهبته باختيارات عشوائية بحثاً عن الجماهيرية.. لأن القيمة أهم فهي التي تبرز الموهبة وتصقلها و تنميها وتحافظ عليها، بينما الأفلام الجماهيرية التي تميل بشكل كبير للسطحية وخفة الدم المتصنعة لن تحظى بأكثر من جماهيرية مؤقتة ستزول مع الوقت لأن الذي يبقى في ذاكرة السينما بكل تاريخها هي الأفلام القيمة التي تشبع دواخل الفنان وتجعل النقاد يرضون عنه والجمهور يفخر به والتاريخ يصنع له مكاناً داخله..