خاص بالصور – (صبايا 3) يكرر نفسه، (بنات سكر نبات) لا يشبه مجتمعنا، (جلسات نسائية) الافضل، (كيد النسا) مستهلك، (بنات الثانوية) مثير للجدل ويفتقد للواقعية
المسلسلات النسائية أو تلك التي تعنى بالمجتمع الأنثوي وخفاياه بكل مراحله العمرية تبرز بوضوح وبشكل ملفت هذا الموسم الدرامي الرمضاني.. وبين (صبايا 3)، (بنات سكر نبات)، (جلسات نسائية)، (كيد النسا) و (بنات الثانوية) ضاعت حقيقة المرأة مرة، فيما بدت سطحية مرة عدة.. لتصبح واقعية وسيدة الموقف في المرة الأخيرة..
هذه المسلسلات تناقش المرأة كل من زواياه الخاصة وتلقى رواجاً جماهيرياً جيداً.. وتحظى بعضها بنسب متابعة عالية ربما تسبق مسلسلات أخرى تحمل قيمة أكبر وهدف أهم، والسبب في رأيي هو ذاك الفضول الكبير والعميق عند الجميع وحتى عند المرأة نفسها لمعرفة تركيبتها النفسية الدقيقة وأسرارها ودراسة تفاصيلها و عقليتها.
ولكن المشكلة هي أن تلك المسلسلات ورغم النجاح الجماهيري الكبير إلا أنها “باستثناء بعضها” تمثل المرأة سواءً المراهقة أو الشابة أو حتى السيدة الناضجة بطريقة لا تشبهها أبداً بل وظالمة لها في أغلب الأحيان.
مسلسل (صبايا 3) والذي يعود للمرة الثالثة لم يُبنى تكراره على تحقيقه أو عدم تحقيقه لنسب مشاهدة عالية، و إنما الإصرار على طرح فكرة خفيفة كما يحدث مع بعض المسلسلات الأجنبية وتكرارها لعشرات المرات موسماً تلو الآخر هو ما تحاول “روتانا خليجية” تحقيقه في محاولة لاتباع نهج معين في السنوات الأخيرة لا يهدف الى تحقيق منافسة أو أرباح بالملايين من خلف الأعمال التي تنتجها، بل تحقيق ارتباط وثيق بينها وبين أسماء تلك الأعمال في سابقة لم تحدث من قبل مع أي فضائية أخرى وهو ما سيحقق لهم في رأيهم الربح المطلوب مستقبلاً.
ولكن المسلسل في مجمله لا يمكن القول عنه أنه يمثل الفتاة السورية أو حتى العربية وإنما يمثل تلك الفتاة الغير عقلانية التي إن تواجدت في بيئة منفتحة كالبيئة المصورة في المسلسل فكيف ستكون ردود أفعالها وتفاعلاتها.. وحتى ردود الأفعال تلك ليست مبنية على واقع بل في الأغلب هي مبنية على السطحية وسرعة الرد و اختيار الألفاظ الخفيفة .. أي انه عمل خفيف لا يمكن تصنيفه ضمن أي فئة.. استطاع أن يحقق الكثير من النجاح و اختلف في كيفيته برغم أنه لم يكن منافساً جيداً لأعمال كثيرة أخرى ولكن يبدو أن هذا هو المقصود أي أن يكون المسلسل حالة خاصة ينافس نفسه ويظل لوحده في مكان خاص به يناضل من أجل الاستمرارية، ولكن، ليس من أجل الحصول على مراتب أولى..
مسلسل (بنات سكر نبات) عمل يبحث داخل تفاصيل حياة الفتاة الخليجية، و إن كان أبطال العمل والقيمين عليه يرفضون الإقرار بأن فكرتهم مستقاة من رواية (بنات الرياض) المثيرة للجدل إلا أنها تشبهها روحياً كثيراً سواءً اعترفوا بذلك أم لا..
المسلسل بارد الإيقاع ويلقي الضوء على فئة من المجتمع لا تشبهنا حاله حال الرواية، فهي تصور إما الفتاة الخليجية المتحررة المنفتحة التي تحب شخص بدراية أهلها وموافقتهم، أو الفتاة المدفونة بالحياة التي يسمح والديها لابنهم بضرب أخته وشدها وجرها من شعرها فقط لمجرد زيارتها لجارتهم، وفي الحالتين التي لا نملك منها في الخليج سوى أقلية نادرة. فالتحرر المطروح بين فتاة وعائلتها في قصة إحدى البنات في المسلسل والتشدد المطروح في قصة البنت الأخرى كليهما لا يمثلان المجتمع الخليجي الوسطي في أغلبه الذي تطور قليلاً فيما بقي متحفظاً كثيراً ولكن بعيداً عن التعقيد.
مسلسل (جلسات نسائية) بدوره هو الأفضل بين كل هذا وناقش المرأة الغنية التي تهمشها الكثير من الأعمال من زوايا حقيقية ولو أنه أيضاً أثار جدل البعض ولكنه حصل على المركز الأول في استفتاءات عديدة على الفيس بوك والكثير من المواقع وهذا هو الأهم لأنه الدليل على أن العمل هو الأقرب إلى واقع المرأة ودواخلها..
وشخصياً أعتبره أفضل مسلسل غاص في عقلية تلك المخلوقة العميقة وطرح عدد من مشاكلها الحقيقية ومشاعرها المهمة بطريقة ذكية تستحق أن يُقال عنها الأفضل ..
أما مسلسل (كيد النسا) وبرغم أنه يمثل مجتمعاً حقيقياً وموجود في مصر وبعض الدول إلا أن العمل لم يجسد المطلوب.. وكان الأفضل بالمؤلف لو انصرف عن طرح بعض المشاكل الجانبية المكررة والمستهلكة إلى اللعب على الوتر الحساس بأن يصنع على الورق كل المواقف الممكن استقاها من علاقة امرأتين قويتين سليطتي اللسان وماكرتين خاصةً وأن ما يجمعهما هو رجل واحد، حيث أنه لو كان استغل (كيد النسا) بحق لكان خرج من التكرار و شكل بالعمل منافسة حقيقية نارية..
يبقى مسلسل (بنات الثانوية) العمل الذي حقق أعلى نسبة متابعة جعلته يطير إلى الصدارة في الخليج العربي، ولكنه أكثر عمل عربي مثير للجدل في هذا الموسم، حيث منعت عدة دول قنواتها من عرضه فيما أُقيمت عدد من الصفحات في أهم مواقع التواصل الاجتماعي للمناداة بوقفه..
المسلسل يحظى بشعبية كبيرة بين الفتيات والمراهقات ولكن وبالنسبة للفئة الأكبر عمراً و فئة أولياء الأمور فالمسلسل مهين ومخزي يتعرض لخفايا أقلية منحرفة من الفتيات ويبرزها وكأنها الفئة الأكثر سيادة.. فيما يفتقد للواقعية ولا يلمس هموم الفتيات الحقيقية بالشكل الصحيح، ويحلق بمعظم أحداثه في فضاء الخيال أو الرومانسية الزائدة..
بشكل عام فإن ظاهرة تسليط الدراما أضواءها على المرأة في اعتقادي هي ظاهرة صحية جداً وكل الأخطاء المكررة الآن وبكثرة في حقها وفي حق حقيقتها وتركيبتها العميقة هي أخطاء واردة ولكنها قابلة للتغيير والتعديل في المواسم القادمة خاصةً إذا ما حرص صناعها على أخذ النقد بروح رياضية وجدية، لأن النقد الذي يطرحه الإعلام بقسوة اليوم ليس تحطيمياً، وإنما طبيعياً وعفوياً نابعاً من الحرص الشديد على كل ما يتم طرحه ومدى ملامسته للواقع ونجاحه في تمثيله..
وأخيراً أحب أن أذكر المعنيين فقط بأن المطلوب ليس تأنيث الدراما و إنما تسليط أضواءها على المرأة وكافة فئات المجتمع دون تجاهل أي فئة أو التحيز لأي منها.. لأنه سبق أن فشلت فكرة تأنيث الدراما في الخليج العربي وهو ما تراجع بها كثيراً مؤخراً ولا نريد أن يحدث نفس الأمر مع كل الأعمال بل نريد أن يدرس الجميع تلك التجربة الخليجية و يستفيد من أخطاءها.. و أنا أكيدة أن الدراما الخليجية قريباً ستتخلص من كل ما أصابها وستعود أفضل من السابق فقط إن اقتنع صناعها بأنه لا لتأنيث الدراما و نعم فقط لإعطاء الأنثى حقها الحقيقي فيها.