خاص- بانوراما ثورية في أسماء البرامج الرمضانية المصرية… بداية من الديكتاتور، حكومة شو وحتى شوية عيال
قبل أحداث ثورة 25 يناير المصرية، لم يكن يحلم أو يتخيل احد انه من الممكن أن نرى مثل هذه الأسماء لبرامج رمضان 2011، ولم لا، وقد تعوّد المشاهد على أسماء البرامج الترفيهية وبرامج المسابقات والكاميرا الخفيّة الخالية من أي مضمون من قبل، لكن ما كان حلما وخيالا أضحى اليوم واقعاً نعيشه، فرأينا هذا الكوكتيل الثوري لأسماء البرامج التي تعرض على شاشة الفضائيات المصرية الحكومية منها والخاصة، والمشتقة أسماؤها من ميادين الثورة.
ونحن هنا عزيزي القارئ ، لا نتعرض لمضمون هذه البرامج حيث أن مجرد ذكر اسم أي منها قبل ذلك كان كفيلا بمنعها من العرض لدواع أمنية أو سياسية، فإذا نظرنا لأسماء تلك البرامج بدقة لأيقنا حجم التغيير الذي حدث في مصر وكما يقول المثل الشعبي المصري ” الجواب بيبان من عنوانه “، فنرى أن مجرّد ذكر الأسماء يقدّم فكرة عن مضمونها، أما إذا أردت عزيزي القارئ التعمّق والوقوف على مضمون هذه البرامج، فيكفيك فقط الضغط على زر الريموت لتتابع …
فهل كان من الممكن أن يسمح من قبل بعرض برنامج تحت اسم ” الديكتاتور ” والذي يقدمه إبراهيم عيسي على فضائية التحرير، كيف ذلك ؟ وإبراهيم عيسى نفسه حوكم وقضى بسجنه عامين من قبل، لمجرد نشره خبر عن صحة الرئيس المخلوع حسني مبارك ولم ينقذه من السجن إلا عفوا رئاسيا من مبارك نفسه .
ولم تقف البرامج علي شاشة التحرير عند “الديكتاتور” فقط، بل يقدّم محمود سعد برنامجه السياسي ” يا مصر قومي “، فبالله عليكم، الم يكن من الممكن بل من الأكيد منع عرض هذا البرنامج بحجّة أن البرنامج يدعو للتحريض والتظاهر؟ بل كان من الممكن القول حتى بأن البرنامج يدعو لقلب نظام الحكم !!! في وقت لم يكن مسموحا لمصر أن تقوم إلا لتشجيع المنتخب الوطني .
وعلى النهج نفسه سار عمرو الليثي حين اختار لبرنامجه اسم ” لا ” ، فهل كان سيسمح له بقول “لا” علناً وبهذه البساطة وهكذا جهارا ونهاراً ،في وقت لم نكن نسمع فيه إلا “نعم نعم” من القلب .
وعلى شاشة القاهرة والناس، اختار طوني خليفة لبرنامجه اسماً من واقع هتاف الثورة الأشهر” الشعب يريد “، فأي شعب هذا الذي كان يجرؤ على التعبير عما يريد وما لا يريد ، فمن قبل كان الشعب إما أن يراد به أو يراد له، فالمسؤولين كانوا يرون أمامهم شعباً لم يصل لسن الرشد وبالتالي ليس قادرا على التفكير لنفسه، فكانوا يريدون ويفكرون له حسب أهوائهم .
ولم يغب القذافي عن المشهد ،حين اختارت الفنانة بسمة تساؤله الشهير لثوار ليبيا “من انتم ؟ “اسما لبرنامجها الذي تقدمه على شاشة القاهرة والناس .
أما فضائية cbc فتعرض على شاشتها برنامج الصحفي الكبير عادل حمودة ” كل رجال الرئيس ” والذي يتناول كل من أحاط بالرئيس السابق من رموز ولم يستثن احد ، ومن قبل الثورة، كان حدّ النقد المباح يقف عند نقد الحكومة، أما مؤسسة الرئاسة برجالها ورموزها فكان ممنوع الاقتراب منها .
ومن واقع التعبير الأمني الأكثر استخداما قبل الثورة – دول شوية عيال – والذي كان يستخدمه رجال الأمن للتقليل من أي نشاط يقوم به بعض المعارضين للنظام السابق، اختار الفنان احمد حلمي هذا التعبير اسما لبرنامجه ” شوية عيال ” الذي تعرضهcbc وحتى البرامج الدينية علي نفس القناة لم تخلُ من النكهة الثورية فاختار الداعية الشاب معز مسعود لبرنامجه اسم ” ثورة على النفس ” .
وتعرض ontv الفضائية البرامج التالية : ” البرنامج ” لباسم يوسف و ” مطلوب رئيس ” لهشام إسماعيل ، ” ناشرة الأخبار ” لبدريه طلبة، ” حدوتة بعد النوم ” لأكرم حسني الشهير بسيد أبو حفيظة، وهناك العديد من البرامج التي تعرض على الفضائيات المختلفة، وما عرضناه بعض النماذج لما تعرضه الفضائيات الخاصة .
والجديد في الأمر أن التليفزيون المصري الحكومي كما كان يسمى من قبل، لم يغب عن المشهد الثوري، فنراه يعرض برامج من نوعية “البرنامج أية ” و ” الرئيس ” على شاشة قناته الأولى وعلى شاشة قناة النايل كوميدي نرى بأعيننا الدليل الأكبر على حجم التغيير الذي طال التليفزيون المصري بعد الثورة، حين نشاهد يوميا برنامج الفنان محمود عزب الساخر ” حكومة شو ” ذلك البرنامج الذي يتعرض بأسلوب ساخر لأداء حكومة الدكتور احمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق والذي صور عام 2009 إلا أنة منع من العرض وها هو يري النور بعد ثورة 25 يناير وعلى شاشة حكومية .
وفي النهاية لا يسعنا إلا أن نطلب من كل العاملين بالمجال الإعلامي أن يتقوا الله في مهنيتهم وألا يبحثوا عن رضا نظام أو سلطة فالإعلام رسالة والإعلام للأسف هو من يصنع الفرعون ،فيا كل الإعلاميين لتجعلوا هدفكم من رسالتكم الإعلامية المتلقى والمتلقي فقط ليصبح للرسالة الإعلامية دورها المأمول في تنمية المجتمع لا دورا في صناعة الفرعون .