خاص- الدراما الخليجية من سيء لأسوأ، ونجومها تجاه الصحافة (ودن من طين وودن من عجين)، فمتى ستنقلب الموازين؟
يحزنني بعض الفنانين الخليجيين الذين يظهرون بكل ثقة عبر البرامج الحوارية المهمة فيقولون بجرأة: (نعم، الدراما الخليجية هي الأفضل.. تفوقت على منافستيها المصرية والسورية)!
لا مجال للمجاملة، فحال الدراما الخليجية محزن.. والكل يدفع للظهور لا لتقديم المطلوب بكل حرفية وجودة عالية، فنحن نعرف جيداً أن الإنتاج الخليجي سخي لأقصى الدرجات، والمسلسلات الخليجية تحظى بدعم قوي من مموليها أفضل من مثيلتيها السورية والمصرية ولكن كل هذا (على الفاضي) للأسف لأن المقصود فقط هو الربح المادي!!
الوحيدة التي نشاهدها فنشعر أن الخليج مازال به ذهب حقيقي هي الفنانة الكبيرة حياة الفهد.. حيث أننا عام بعد عام لا نجد منافس لمسلسلاتها.. ولا نقصد الجديدة إذا ما كان هذا الشيء صعب قليلاً ولكننا نريد شيء ولو بجودة القديمة منها..
فإلى الآن لم نحظى برؤية عمل كـ (الفرية) ولا كالـ (الخراز) لندخل السباق الدرامي بثقة كبيرة في التفوق.. بل ما زلنا نعاني السطحية والتكرار وتجاهل النقد بكل ما يحمل أحياناً من توجيه ومصلحة..
و إذا ما أردنا أن نقوم بعمل (جردة) لأعمال العام الحالي، ومن أول أسبوع، نستطيع القول بأنه لا تحية وصفقة حارة سوى للـ (الجليب) فقط!! والباقي تكرار × تكرار و استهلاك × استهلاك..
لن أبدأ في تقسيم الأعمال الدرامية واحداً تلو الآخر بل سأجمعها سوياً و سأقول بحقها نفس الكلام لأنها وللأسف تعاني من نفس المشكلة، ولا أقصد مشكلة جديدة أو مفاجئة.. بل مشكلة تواجهها كل المسلسلات الدرامية (ما عدا عدد قليل جداً) من رمضان لآخر لا يهتم أحد بحلها أو تجنبها ..
المشكلة باختصار أن صناع الدراما الخليجية يصرون على تأنيثها رغم أن تأنيثها بهذا الشكل فاشل وهو ما أثبتته السنوات الأخيرة، فالكاتبات الخليجيات يصرّن على زيادة عيار الحزن والظلم ومشاكل مسلسلاتهم دائماً ما تتمحور على حب المال، أو الصراع على إرث، أو الزواج ومشاكله وتعدد أنواعه، أو الخيانة، أو البطل السكير (النسونجي) أوالفقر، أو، أو، أو… الخ ..
نفس المشاكل ونفس المحور ترتكز عليه كل القصص، وللأسف حتى عندما يتم تركيب القصص لخلق مسلسلات جديدة فالتركيب يكون بطريقة مكررة باهتة سطحية ومستفزة في أغلب الأحيان..
السيناريوهات باردة والبطلات يصرّن على الظهور كل عام والأفضل لو كان الظهور في أكثر من مسلسل، والنكد يرافق أعمالهن من الحلقة الأولى للأخيرة، والتنافس على الموهبة معدوم ولا يوجد تنافس سوى على الظهور بأحلى أجهزة “بلاك بيري” و”آيفون” حتى لو كان الدور الذي يجسده البطل أو البطلة دور فقيرة أو فقير مُعدم، كما تتنافس البطلات بشراسة على اللبس من عند أهم المصممات والإطلالة بأفضل و أقوى ماكياج بأنامل أكبر أخصائيات التجميل.
أما عن الباقي فحدث ولا حرج.. بطلات شابات لا يملكن شيئاً من الموهبة يُزجون بالغصب في المسلسلات، ملابس وماكياج بشكل مبالغ، غياب حوار العيون وحضور قوي للكلام مع النفس .. فالأبطال يكلمون الهواء عندما يتحاورون معظمهم لا ينظر في عين الآخر، مبالغة في ردود الأفعال، وبرود في التعبير، ودلال زائد عن اللزوم ليس له أي داع!!
فمتى ستعود الدراما الخليجية كما كانت.. متى سيتولى كتابنا الكبار سيناريوهات أعمالنا لتظهر بأبهى صورة كما كانت في الماضي؟ متى سيفهم الجميع أنه لا لتأنيث الدراما!!؟ متى سنشهد مقدار متوازن من الحزن والفرح بشكل واقعي ومقنع؟ متى سنقضي على التكرار وتهميش مشاكل العصر الحقيقية؟ متى سنفهم أن المجتمع الخليجي ليس مجرد بنت نخاف عليها من أن تجلب لنا العار وشاب لا يفكر سوى في الجنس؟ متى سنتعلم أن الإنتاج ليس صفقة مرغوب منها الربح فقط بل هي رسالة غرضها الرقي؟ متى سيصبحان حياة الفهد وحسين عبد الرضا قدوة الجميع؟ متى سيهتم كل الفنانين والفنانات الشباب بالحصول على مسيرة تشبه مسيرتهما بدلاً من تقليد من لا يستحقون؟
للأسف فالوضع في تراجع مستمر، ونحن في انتظار أن تأتي اللحظة التي تنقلب فيها الموازين ليخرج من الساحة كل محب للظهور ويكون البقاء فقط للأفضل، و إلى ذلك الوقت لا مزيد من متابعة الدراما الخليجية ولا انتقادها لأن النجوم يضعون سدادات أذن و عدسات لا تمكنهم من رؤية النقد أو سماعه.. فكل ما قلته اليوم قاله قبلي المئات ورغم ذلك لا تصحيح، بل تراجع يخلفه تراجع أكثر..