رأي – متى تستعيد محطة “أم تي في” دورها الريادي في برامج الاطفال و”ال بي سي” تضحّي بالاطفال من اجل “حلوة ومرّة”؟

لا شك في ان برامج الاطفال في الوطن العربي تلقى اهتمام معظم المحطات التي تعي أهمية هذه البرامج ولو ان الاهتمام بها متفاوت بين محطّة وأخرى كذلك المستوى في طرح المواضيع واختيار مقدمي البرنامج واختيار الديكور والاغنيات، الا ان وجود هذه البرامج في اطاره غير الصحيح قد يؤثّر سلباً على الاطفال والاولاد ، فالمعلومات التي نقدّمها لهم في هذا السّن قد تحفر في ذاكرتهم فيصبح من الصعوبة في مكان تصحيح معلوماتهم وتصويبها…

لا شك في ان برامج الاطفال تطوّرت كثيراً في السنوات الاخيرة والانفتاح على الغرب ساهم الى حدّ كبير في تحقيق ذلك فبرامج الاطفال في الغرب تعمل مباشرة تحت ادارة اخصائيين نفسيين واخصائيين في تربية الاطفال في حين تعّم الفوضى معظم برامج الاطفال في الوطن العربي.

بداية من لبنان ، فلطالما خصّص “تلفزيون لبنان” للأطفال برامج كثيرة انطبعت في ذاكرة من اصبحوا اليوم اباً وأمّاً ، ومن ينسى أم جميع اطفال تلك الحقبة ، الاعلامية مهى سلمى التي ساهمت الى حدّ بعيد في زرع الفرح في حياة من عرفوا بأطفال “الحرب اللبنانية” وتمكنت وبالرغم من كل الامكانات المتواضعة لتلفزيون لبنان وبالرغم من كل الاوضاع الامنية والسياسية المتأزّمة من خلق عالم خاص لأطفال لبنان ملأته مهى  سلمى  أماناً وفرحاً ومتعة.

ومن الثمانينات ، نعود مباشرة الى المحطّة التالية الابرز التي خصصّت ميزانيات كبيرة لبرامج الاطفال وأعني طبعاً محطة “أم تي في اللبنانية ” التي خصّت أطفال لبنان في العام 1992 ببرنامج شكّل “نقلة نوعية” وحمل جديداً قيماً من حيث الديكور والازياء والافكار والاغنيات  والشخصيات هو Mini Studio واستطاعت “أم تي في”  ان تستقطب بذلك جيلاً جديداً من الاولاد تعرفوا عليها من خلال هذا البرنامج واحدثت ثورة في عالم برامج الاطفال قبل ان يتّم اقفال المحطة  في العام 2002 وينتقل البرنامج في العام 2003 الى المؤسسة اللبنانية للارسال حيث اطلق عليه صاحبه ومعدّه غازي فغالي  اسم “Kids Power” فاستطاعت lbc من خلال هذه الخطوة الذكية ان تستقطب جمهور mtv من الاولاد الذين يشكلون جيلاً كاملاً من المشاهدين وان تستمر في تقديم ما اعتادوا عليه على شاشة “ام تي في” فحافظت على مستوى البرنامج بل قامت بتفعيل فقراته والاضافة عليها، وتجدر الاشارة الى ان بعض اعضاء هذا الفريق انتقلوا الى محطة “تلفزيون لبنان” وقاموا بتقديم برنامجاً خاصاً بهم واستمروا به لغاية انشاء محطة “او تي في” فانتقلوا اليها ليعرضوا برنامجهم بصيغة جديدة تحت عنوان “kazadoo” حيث يلاقي هذا الفريق وبرنامجه نجاحاً كبيراً يستحق الثناء عليه، في حين وفور عودتها الى البّث في العام 2009 اطلقت mtv برنامجاً مؤقتاً للأولاد حمل عنوان TC & CU يعرض ضمن فقرات mtv alive ، يقتصر على مقدّم ومقدّمة برنامج ومخلوقين فضائيين بغياب شبه تام لأي ترفيه  ومتعة للأولاد ، حيث يقتصر  الديكورعلى خلفية ثابتة هي عبارة عن مبان كثيرة ملوّنة وبغياب تام لاي ابداع وابتكار من خلال التقصير في انتاج أغنيات للأطفال  ومشاركتهم الفعالة في الاستوديو وبغياب الشخصيات التي تشكّل متعة للاولاد وبتقصير وقت عرض البرنامج لأسباب نجهلها حتى اليوم مع ان هذا افضل في ظل البرنامج الحالي الخالي من اي جديد  “مفيد وممتع” ، وهذا ان دلّ على شيء فيدّل عن افلاس كبير لم نعتد عليه من ادارة mtv التي كانت “السبّاقة” في برامج الاطفال والاهم “السبّاقة” في المادة التثقيفية والترفيهية التي كانت تقدّمها للأطفال ، فإذا بها اليوم تتقاعص عن القيام بدورها تجاه أطفال لبنان  وهي بذلك تخسر شريحة لا يستهان بها من جيل جديد من المشاهدين عليها ان تحسب له الف حساب .

لن أدخل في نفق برامج الاطفال في الدول العربية التي تشبه الى حدّ بعيد المجتمعات الذي تخرج منها، ففي حين تقدّم بعض المحطات برامج متواضعة للاطفال بميزانيات خجولة ، تخرج بعض محطات الخليج العربي ببرامج بميزانيات ضخمة مبالغ فيها ، فترتفع تكلفة حلقة بعض هذه البرامج الى أكثر من 50 الف دولار ان أخذنا بعين الاعتبار ضيوف هذه البرامج من الفنانين وتكلفة بطاقات السفر للمشتركين والاقامة في بيروت كون معظم هذه البرامج تصوّر في لبنان.

وأخيراً ملاحظة للمؤسسة اللبنانية للارسال ، لا يجوز  تغيير توقيت عرض برنامج kids Power لصالح برنامج “حلوة ومرّة” فمن السخرية ان يعرض برنامج الاطفال عند الساعة الثالثة والنصف في وقت يتناول معظم الاولاد غداءهم وفي حين  يصل بعضهم الآخر الى المنزل، ولأن برامج “الاولاد” يجب ان تكون مقدّسة لذا يجب ان يكون اختيار توقيت عرضها كذلك ايضاً ، فلا تدخل التجارة في صلب برامج الاطفال المسؤولة عن تثقيف وتنوير وتسيير اولادنا .

اما mtv فنحن نتوّقع ان تعتني أكثر بأولادنا وان تقدّم لهم مادة تثقيفية وترفيهية عالية الجودة ، ولا يكون تركيزها فقط على السياسية التي تأخذ الحيّز الاكبر من اهتمامها قبل وبعد وخلال نشرة الاخيار في حين يستحق اولادنا اهتماماً أكبر ان كنا نهدف فعلاً الى الاعتناء بجيل جديد مسالم ومثّقف بعيداً عن نفق وزواريب السياسة .

 

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com