أسكَنَها مكاني
تسكن مكاني اخرى، تسرّح حرير شعرك كل صباح، تطبع قبلاتها على رفات خيالات ثغري
تسكن مكاني أخرى، توقظ حلمك، تحضّر لك قهوتك في فنجان ثرثراتي
تسكن مكاني أخرى، تحتمي بدفئ حرارة جسدك، تخور في سبات سلامٍ عميق على تدفق عطري من مسامك
تسكن مكاني أخرى، تصاحب الكنبة الحمراء تحتضن آهاتي، تحتلّ أماكن أمسياتي
تسكن مكاني أخرى، تحتكر سريري، تسرق قميص نومي، تغفو على أشلاء رجلي
تسكن مكاني أخرى، أسمع صوتها، تدندن لك، ترقص وتطقطق الكؤوس، تثمل من زجاجة نبيذي
تسكن مكاني أخرى، سلبت لحظات نشوتك منّي بأدوات غوايتي، حتى دلع اسمي أخذته قاهرتي
تسكن مكاني اخرى، تلبسك معطفك وربطة عنقك وتدغدغ مخدّة حضنك، ترش رذاذاً خفيفاً تمسّد عنقك الاملس مخدع تنهداتي
تسكن مكاني أخرى، تحضّر طعامك المفضل لطالما امتهرت صنعه لسنوات بمكونات حبّي وفلفل ولعي
تسكن مكاني أخرى، قرينتك، امرأتك، أم اولادك، طاهيتك، مطيعتك غاويتك،غانيتك، صديقتك، حنونتك، جامعة كل الصفات ما همّني؟!
تسكن مكاني اخرى، داهية احتكرت قلبك واقتلعت فؤادي، خطفت روحك منّي
وها هي اليوم، تتربص على عرش دلالك، تختال كأفعى سوداء مشرئبّة تتباهى بلمعان جلدها جنبك أمامي
وها أنت قبالتي، تختبئ في هالة صمتك، أراك تراقبني، تنهشني بنظرات ذئب جائع، تقترب راسماً بسمتك الماكرة، يجري همس نبراتك
كخرير سبيلٍ ينساب في أضلعي، تغدق عليّ سيل اطراءات تؤجّج جثة هامدة، طفحت قدرة تحملي، ثارت يدي، صفعتك، ما همّني؟!
وها أنت تقترب، تتمتم كلمات تساير اخواتها، أتمرّن عضلات لسانك؟أتختبر جديد اساليبك الاغوائية؟ اعلم، لم أعد بلهاؤك ايها البهلواني!!
وها هي الآن، انظرها تبحث عنك كلبوة اضاعت شبلها، يا لحظي السعيد رأتني، تعثرت، رمت شربة ماء أتتك بها لتنعشك ، تلعثمت
اوتار صوتها، هرب منها التعبير، تسمرّت، اكفهرّ ثلج وجهها، جحظت عيناها كمن يصوّب على فريسته الطلقة القاتلة…
صعقت، خافت على هرّها الصغير، تسارعت في خيالها الف صورة، غرزت اظافرها بيده، لوت ذراعه وأرجعتها لتحضن خصرها
وهرولت تسابق الريح لتخفيه من حاضرتي، من عيوني، من شرارتي، من سحري، من شرّي… ما همّني؟!
صفّقت للمشهد الهذلي، استدرت، ارتشفت مجموعة ألوان النبيذ ، رفعت ذيل ثوبي وهامتي، عدت أدراجي أدخن سيجارة عقب اخرى
أغني ،أصرخ، أفرغ غضب سنوات عشتها كالبلهاء هناك عندك، معك، ما همّني؟! هناك حيث تسكن الاخرى كان يوماً مكاني.
ان مجلّة بصراحة الالكترونية أفسحت بالمجال أمام قرّائها لإرسال مقالاتهم على اختلاف مواضيعها ولغتّها ونشرها والسماح بالتعليق عليها تشجيعاً منها لهؤلاء وايماناً منها بحرّية الرأي والفكر.
الا ان مجلّة بصراحة الالكترونية تحتفظ بحقّها في نشر او عدم نشر اي موضوع لا يستوفي شروط النشر وتشير الى ان كل ما يندرج ضمن “بريد القرّاء ” او mailbox لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة التحرير وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.
لإرسال مقالاتكم ، الرجاء مراسلتنا على mailbox@new2.bisara7a.com