تغطية خاصة- في أجرأ حوار على الإطلاق، ندين جابر تمرّر رسائلها وتسرّب تفاصيل مسلسلها الرمضاني الجديد
حلّت الكاتبة ندين جابر ضيفةً على الإعلاميّة رنا أسطيح في برنامجها “ما بتقطع ” عبر منصة “هنا لبنان”. وقد صودف حلول ندين على البرنامج تزامنًا مع بلوغه الحلقة رقم مئة، ما ضاعف من أهميّة المناسبة من باب ظهور ندين النادر في الحوارات الإعلاميّة، على الرغم ممّا تملك من عصف في الأفكار تبوح بها، حيث الأحداث عندها لا تتوقف عند حدود الماضي بل تتسلّل منها الى مشاريع المستقبل وخططِه ورؤاها الباحثة عن حيّز للتنفيذ، ولو بعد حين.
وفي المقابلة التي تستحقّ المتابعة حتى النهاية، أسوةً بسائر جلسات الزميلة رنا أسطيح التي تختزل أسئلة دسمة وحنكة في الاستطراد، تشعبّ الحديث عابرًا تفاصيل حياة ندين، المهنيّة والخاصة، ما يمرّ منها وما لا يمرّ، انطلاقًا من مغامرتها الرمضانيّة المقبلة مع الممثلة النجمة ماغي بو غصن، اجتيازًا لحقوق الكاتب في مواجهة تدخُّل المخرج، ومنافستها على الانتاج الرمضاني في مواجهة شريكها في النجاحات فيليب أسمر، فمستقبل الجزء الرابع من مسلسلها “للموت”، الى علاقتها بالممثلات والممثلين، ومفهومها للأمومة والزواج المختلط والصداقة والروتين اليومي والوعود التي تقطعها على نفسها، وهي مواضيع وقضايا انسابت أجوبة شفافة وحقيقية من أفكار ندين ومفهومها للأمور وقدرتها على التكيّف معها بما يخدم تصالحها مع نفسها وانفتاحها على الآخرين.
ومن الحدث الأقرب زمنيًّا الى اهتمام المتابعين، تستهلّ ندين الحديث، فتشرع في المقارنة بين يأس عنوان مسلسها الأخير” للموت” وأمل إنتاجها القادم “عَ أمل”، حيث الثاني لا يشبه الأوّل بأيّ تفصيل، سالكًا معالجةً جريئة لقضايا اجتماعية من صميم الحياة، تتشابك فيها المحرمات بالتشويق والصدمات والمفاجآت التي أصبحت ماركة مسجّلة باسمها في الأعمال الدراميّة.
ومن هذه المفاجآت التي تحرص ندين على دسّها في نهاية كلّ حلقة، ينتقل الحديث الى تصريحاتها الرافضة لإحداث أيّ تغيير في نصّها، فتعترف الكاتبة بأنّها كانت تتغاضى أحيانًا عن أمور كثيرة ليست مقتنعة بها إرضاءً لفريق العمل، وبموجب قرار اتُخذ ولا يمكنها تخطيه، بعكس الاستراتيجية التي تعتمدها اليوم بحيث تقف عند آراء المشاركين في العمل، انمّا ضمن حدود معينة لا تلزمها بما ليست هي مقتنعة به.
وعن الثمن الذي دفعته لتصبح ندين جابر، نفت ان تكون قد قدّمت أثمانًا باهظة، في ما خلا مسألة الوقت والجهد وتحديات معينة تأتّت من رفض عائلتها الانخراط في عالم الفنّ، بحيث تابعت اختصاصًا جامعيًّا في السرّ عززه الحظ بأن تحوّل فيلم تخرُّجها الى مسلسل درامي.
وفي سياق منفصل، كشفت ندين عن ميلها للحزن منذ نشأتها على الرغم من طفولة سعيدة، وكانت تدوّن خواطرها في مفكرة لا تزال تحتفظ بها، مستذكرةً كيف وقعت المفكرة في أيدي أشقائها ووالدتها ما دفعهم الى الاستهزاء بها، وهو مشهد زرع فيها التحدّيات في عمر الاثني عشر وعزّز لديها التصميم على بلوغ هدف في مكان ما. ولكن الكاتبة درست في المقابل الحقوق ونالت اجازة فيه بطلب من والدها، وهي لا تأسف على ذلك لما منحها من ثقة في النفس وقدرة على التحليل المنطقي للأمور وتفكيكها وتنمية شخصيتها. وتوضح ندين بأنها دخلت معترك الكتابة الدرامية متمكّنة من نفسها، حيث بنت لها شخصيّة مستقلة في قراراتها وطباعها تقيها الانجرار في الدهاليز القبيحة للمهنة. ولعلّ أسوأ ما واجهته اقتصر على التدخلات من قبل فريق العمل الذي كان يفرض آراءً متضاربة أحدثت خللاً في العمل الدرامي.
ويجرّ الحديث بالضيفة ومستضيفتها الى التطرّق للظروف التي تعرّض لها الكاتب السوري رامي كوسا في مسلسله “النار بالنار”، فأكدت ندين بأنها كانت لتسلك دربه في رفضه تدخُّل المخرج في عمله، ايمانًا منها بأنّه من دون نصٍّ يعجز صنّاع العمل ومخرجه وممثلوه عن تنفيذ أيّ عمل درامي، داعيةً الكتّاب جميعًا للاتحاد دفاعًا عن حقوقهم التي يتمّ قضمها لحساب المخرج، وهو الطرف الذي تصرّ على ان دوره لا يتفوّق على مهمّة الكاتب بل يوازيها أهميّة، على اعتبار أنهما مزيج من قوّتَين متعادلتَين لا بدّ ان تتوصّلا في نهاية المطاف عن طريق النقاش والحوار الى اتفاق موحّد.
وفي نفس الموضوع اعترضت جابر على سياسة شركة الصبّاح التي تعوّل فقط على الرؤية الإخراجية للعمل، من منطلق ثقتها بأهميّة الرؤيتَين، الإخراجية والكتابية، بما يخدم مصلحة العمل. وشدّدت ندين على ان ما تعرّض له المخرج رامي كوسا لا يمكن تمريره لناحية استفراد المخرج بالنصّ والتصرّف به بحسب أهوائه.
وتنتقل ندين للكشف عن شخصية “يسار” التي تجسّد الممثلة ماغي بو غصن دورها في المسلسل الرمضاني المقبل “ع أمل”، فتعترف بأنّها اختارت شخصية من صلب الواقع الاجتماعي بعد أن كانت قد تعرّفت الى صاحبة الاسم، يسار مروة، اثناء لقائها بها صدفةً منذ عشر سنوات في أحد المنتجعات البحرية حيث جلست الأخيرة تطالع كتابًا كانت ندين قد قرأته وأعجبها. ولشدة انبهارها بالاسم، رافقها طوال حياتها ممنّيةً النفس بإطلاقه على إحدى شخصيات أعمالها الدراميّة، الى ان تحقّقت الرغبة من خلال كاراكتير ماغي في مسلسل “ع أمل”، حيث الدور ينجرف عكس التيار باتجاه انتفاضة وتمرّد في السلوك الاجتماعي، وسط بيئة تنقسم الى اثنَين، أولى محافظة تتمسّك بالتقاليد والعادات القديمة، وثانية عصرية تجاهد لتجزئة قيود المجتمع الكلاسيكي وتفكيكه. أمّا عن هوية الابطال الذين سيضطرون الى مواجهة قصص يسار وماضيها وتقلباتها فقفزت الى بديع ابو شقرا ومهيار خضور، من دون ان تفصح عن المزيد من الأسماء.
وتسارع الكاتبة الى الحديث عن الخطر الذي واجهته بعد انتهاء مسلسل “للموت” حيث كان عليها ان تتحدى نفسها في ظلّ مطالبة الجمهور بجزء رابع منه، وهو مشروع مؤجّل حتى الانتهاء من مسلسلها الجديد، فإذا ما تجمّعت لديها الأفكار واكتملت خيوط الحبكة، باشرت بإنجاز عدد معيّن من الحلقات كي تروي ظمأ المشاهدين المتعطشين الى نهاية جازمة وواضحة بدل الخاتمة المفتوحة على احتمالات كثيرة.
وعن اضطرارها للاصطفاف الى جانب شركة إيغل فيلمز والمخرج رامي حنا في مواجهة شركة الصبّاح ونادين نجيم وشريكها السابق فيليب أسمر، وصفت جابر المنافسة التي تنتظرها بالشريفة، لأنّ ما يجمعها بفيليب أكثر من صداقة تصل الى حدّ الأخوّة، وهو على اطلاع بتفاصيل مسلسلها، وسيعودان الى التعاون مجدّدًا في موسم رمضاني آخر. على أنها في المقابل تعتزّ أيضًا بالتعاون مع المخرج رامي حنا، صاحب الرؤية الإخراجية الممتازة، تمامًا كما تعتز بعلاقتها الخاصة به.
وفي معرض الحوار عن شركائها في المهنة، تطرقت جابر الى اختلاف صداقتها مع نادين نجيم التي جمعها بها أكثر من عمل، آخرها “صالون زهرة ١”، عن صداقتها الحميمة بماغي بو غصن التي اقتصر تعاونها معها على مسلسل واحد، فاعتبرت بأنها تكنّ للأولى احترامًا انطلاقًا من علاقة لم تتعدّ حدود العمل، فيما تعيش مع الثانية صداقة أخوية حقيقيّة. أمّا عن خلافها مع الممثلة نادين الراسي فأكدّت على التباعد الكليّ بينهما بعد صحبة عميقة جمعتهما وقفت خلالها الممثلة عرّابةً لابنها داني ، لتتحوّل تلك الصداقة لاحقًا الى مجرّد معرفة وزمالة استدعتا منها مجهودًا للتأقلم مع الواقع المتغيّر والفراغ المستحدث.
وعن مفهومها للموت وفلسفته، تعترف ندين بأنها تخشى منه خوفًا على من حولها وليس على نفسها، لا سيّما ابنها داني، فيما يخلق هاجس الاصابة بمرض ما ذعرًا لديها من ان تنقلب الأمور من حولها وتغيّر في روتين حياتها التي اعتادت على مساره وتواصل حياتها من خلاله.
وفي الحديث عن الروتين، أقرّت ندين بأنّها لا تملّ حتى في الأيام التي لا تعمل خلالها، إذ هي قادرة على تسلية نفسها بالقراءة ومشاهدة الأفلام والطهو. وعن شغفها بالمطالعة اعتبرت الكاتبة ان ملكَة القراءة نمت لديها بفعل إرادة شخصيّ، وهي نفس الإرادة التي أوصلتها الى ما هي عليه اليوم، فهي التي حاربت ولاحقت أحلامها بقوة شخصيتها وانفتاحها.
وعن الشخصيات التي تلهمها وتوحي لها ببناء هويات على ورق، تقصّدت نادين اختيار نجمات مصريات مسمّيةً نيللي كريم ويسرا ومنى زكي، على خلفيّة ادعاء بأنها سبق ان تعاونت مع معظم ممثلات لبنان. وفي ردّ على من تشبهها من الممثلات، اختارت صديقتَيها المقرّبتَين ماغي بو غصن ورولا شامية.
ولأنّها خاضت تجربة الزواج المختلط لدى ارتباطها بشريك من الطائفة المسيحيّة، أكّدت على تشجيعها انفتاح الأديان حيث لا اختلاف بالمفهوم الربّاني، وحيث الإله واحد للجميع.
وتتابع ندين حديثها عن رؤيتها للتطرّف داخل المجتمع، معتبرةً بأنّ تعددية الأديان تفرض على الجميع احترام بعضهم بعضًا، وهي داعمة للحرية طالما لا تمسّ بحرية الآخرين. وفي هذا الإطار أفشت ندين عن معالجتها لقضية الدين بالمفهومَين الإسلامي والمسيحي إضافة الى محرمات أخرى كالتطرف والاعتدال في سيناريو مسلسلها الجديد “ع أمل”.
وفي فقرة “بتقطع ما بتقطع” رفضت الكاتبة ان يتولى كاتب سواها الجزء الرابع من مسلسل ” للموت”، من منطلق ان ما من أحد يتحمّل شخصيتَي سحر وريم، ويدرك كيف تتنفّسان باستثنائها، وهي بالتالي ترفض ان تسلّم مصيرهما الذي رافقها منذ ما قبل تنفيذ المسلسل الى كاتب آخر.
وفي سؤال عن غيرة لديها من نجاح مسلسل كتبه أحد سواها، اعترفت نادين بأنّها تغار إيجابًا من الكاتبة منى طايع، كما أفصحت عن غيرتها من المسلسل الأردني” بنات عبد الرحمن” الذي اتصلت بكاتبه مهنئة على نجاح عمله الدرامي، وهي نفس الغيرة التي شعرت بها لدى مشاهدتها مسلسل “قيد مجهول”.
كما كشفت ندين على انّ قصة مسلسل “ع أمل” تطابق في تفاصيلها معاناة سيّدة من المجتمع قامت إحدى المذيعات بالكشف عن تفاصيل تجربتها منذ عشرة أيام في فيديو عبر انستغرام، وقد تواصلت مع المذيعة بهذا الشأن واتصلت بالسيدة طالبةً منها مشاهدة المسلسل عند عرضه في رمضان المقبل.
وفي حال خُيّر لها ان تعيش حياة إحدى الممثلات، اختارت ان تكون يسرا، كما فضّلت قصي خولي على سائر زملائه الممثلين السوريين لأنه الأقرب إليها والى طريقة تفكيرها. وفي المحور نفسه، اختارت باميلا الكيك لتتعاون معها من بين مجموعة ممثلات شملت سيرين عبد النور ونور الغندور بناءً على صداقة تجمعها بها. كما اختارت الفنانة الراحلة داليدا لكتابة سيرتها الذاتية. وبالعودة الى الدراما اللبنانية اعتبرت ان التمثيل المزيّف وانتاج الميزانية المنخفضة والنصّ الضعيف لا يمكن ان يمرّوا. وختمت نادين جابر حوارها بالكشف عن الوعد الذي تقطعه على نفسها، وهو وعد يقضي بعدم التنازل عن كرامتها، تلك الكرامة التي حافظت عليها على مدار نجاحات طويلة جعلتها الأنثى الأجرأ على الإطلاق في مقدِّمة كتّاب الدراما في الوطن العربي .