تغطية خاصة- عاصي الحلاني في “كتير هلقد” يُتوَّج مَلكاً في الاداء والحضور وملكاً في الانسانية
في أجواء طريفة جدًّا تخللها الكثير من المفاجآت الفكاهية والوصلات الموسيقية المليئة بالحنين والحافلة بالنجاحات، لم يتوقّف مشاهدو الحلقة الأخيرة من الموسم الأوّل لبرنامج “كتير هلقد” عبر شاشة MTV ، عن الضحك المتواصل، كان نجماه مقدّم البرنامج هشام حداد، والنجم اللبناني عاصي الحلاني في حلقة استثنائيّة شكّلت مسك الختام.
حضر عاصي بكامل جهوزيته الصوتية، وروحه الدعابيّة، ومشاعره الانسانيّة، وحسّه الأبوي، وانتمائه الوطني، والأهمّ من ذلك كلّه صدقه اللامتناهي تجاه نفسه وفنّه وجمهوره، وهنا بيت القصيد.. فعلى مرّ التاريخ الفنيّ الحديث، أقلّه منذ عقدين ونيّف، منذ ان ظهر عاصي على الساحة الفنيّة وبنى مسيرة ناجحة لا غبار عليها، من النادر ان برز فنان لم يسقط في دهاليز الفنّ وخزعبلاته، ولم يجرِ خلف الرخيص والمستهلَك من الانتاجات الغنائية، كمثل ما فعل عاصي الحلاني الذي حافظ على صومعته النبيلة ملمّعًا بنْيانها بجوهر نظيف يعكس روح الإنسان الذي في داخله قبل ان يكون فنّانًا عاصر تطوّر وازدهار الصناعة الفنيّة وواكب توسّعها العالمي، مسمّرًا تطلعاته على ارض متينة صلبة لم تزلزلها جماعة من تطلق على نفسها “فنانو الجيل الحديث”. على انه من غير الصعب ان تكتشف صدق عاصي الحلاني وشفافيته وخفة ظلّه، فبريق عينيه وضحتكه الطفولية عندما يتحدّث عما يمسّه من الداخل هما دليلان قاطعان على ان الفنان لا يعرف ان يوارب وان يتلطّى خلف حقيقة يخترعها، لا بل ان ما يفكّر به يحضر سريعًا على لسانه حتى ولو اثار الانتباه والجدل عن غير قصد منه. انه الفنان المدركُ لطريقه ولحاضره وماضيه، والوفيّ لفنه وجمهوره وعائلته التي منها ينطلق واليها يعود. وهو ما تجلّى منذ ان دخل بلاتوه التصوير حيث استوى في مقعد الضيف “فوق العادة”، مدركًا ان ابنته ماريتا ستكون نجمة الحوار وأوّل الغيث في “حرتقات” المقدّم اللامع هشام حداد الذي لم يتوقّف عن مناداة ضيفه العزيز بالملك، نسبة الى عنوان البومه الذي حمل اغنية “طلّ الملك” الصادر حديثًا.
ومن عرس ماريتا وفرحها بدأ الحديث، وتحديدًا من الدموع التي ذرفها عاصي في عرس ابنته التي خرجت من دارها الأبوي الى منزلها الزوجي الذي تمنّى ان يكون افضل من بيته، معتبرًا ان تلك الانسانية التي تدفقت منه لا يشعر بها إلّا الأب الذي سلّم ابنته الى زوج لا يعرف خيره من شره سوى انه انسان عاقل ومهذب وابن عائلة، ومن هنا كان لا بد للشعور بالخوف والغصة والفرحة ان يجتاحه. وتابع عاصي حديثه عن يوم الزفاف الذي اقيم تحديدًا في مزرعته في الحلانيّة حيث اهله ومحيطه وبيئته التي يعتزّ بها ويفتخر، واقتصر فقط على المقربين منه واصحاب ماريتا مفضّلاً عدم دعوة احد من زملائه الفنانين او من اصدقائه السياسيين خشية ان يأخذ على خاطر من لم تتمّ دعوته.وعن حفلة الحناء التي طالتها الألسن انتقادًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي على اعتبار انها لا تدخل في تقاليد الأعراس اللبنانية، اوضح عاصي انها متجذرة في العادات البقاعية منذ زمن الأجداد وهو أحبّ استعادتها بطلب من ماريتا. وختم عاصي الحديث عن ابنته الفنانة العروس بأغنية “عرس قلبي” التي زفّ بها ماريتا منشدًا “زفّوا العروس زفّوها وعلى ضلوعي مشّوها” والتي انجزها قبل اسبوع واحد بطلب خاص منها .
ومن الحديث عن الأفراح، ينتقل المتحاوران الى توجه عاصي الى الأعمال الفنية الوطنية من خلال ما يسمّى بالنشيد اللبناني “بيكفي انك لبناني” الذي استذكر المطرب تفاصيل انجازه في يوم واحد ما أدهش آنذاك الموسيقار الراحل ملحم بركات الذي كان حاضرًا في استوديو التسجيل. واعتبر عاصي ان اغنيته وطنية بامتياز بغضّ النظر عن مختلف انتماءات الشعب اللبناني. ثمّ انتقل الى موضوع الهوارة التي اطلقته على المستوى المحلي ليعود فينشرها على مساحة الوطن العربي كرائد في غناء الفولكلور اللبناني. وبين “بيكفي انك لبناني” والهوارة بأبيات جديدة، أشعل عاصي مسرح “كتير هالقد” وأقام الجمهور من مقاعده وخلف الشاشة الصغيرة.
وتابعت الحلقة الأخيرة فقراتها الطريفة بالشكل، والاستقصائية في المضمون، فأعادت عاصي الى زمن البدايات، يوم عمل في النجارة واكتسب مهاراتها التي لا يزال يطبّقها في منازله الموزعة بين لبنان ودبي وباريس، كما كشف عن عشقه لمشاهدة المسلسلات التركية التي وقع ضحيتها عبر مسلسل “عودة ارطغرل” الذي شاهده اثناء حجره الالزامي بعد اصابته بوباء كورونا، وهو انهى لتوّه مسلسل “عزيز” ولا يزال يتابع “التفاح الحرام” مبديًا اعجابه بيلدز وابنة زوجها كومرو، كما لا تفوته اعادة عرض حلقات مسلسل “مرارة الحبّ ” التي سبق ان شاهدها، وقد أظهر عاصي الشق الانساني المرح في شخصه الذي يجعله أشدّ قربًا من مواطنيه وفي مرتبتهم في ممارسة يومياته. وقد استفاد هشام من صراحة ضيفه لينبش في صفة أخرى لديه تقضي بتجميع القطع الأثرية والمحافظة عليها انطلاقًا من قيمتها الثمينة وفرادتها.
ولا تحلو الجلسة من دون الاتيان على ذكر ابنه الوليد الذي استعاد له عاصي اغنية ” قالتلي” راويًا كيف دخل عليه الوليد الى غرفة النوم ذات يوم مستعينًا بأذن والده الموسيقيّة لاستشراف اغنية جديدة ومميزة يبحث عنها جاهدًا ولا يجدها، واذ بأبيه الفنان يفاجئه مدندنًا عبارتي قالتلي وتعشقني، لتولد في تلك اللحظة الأغنية الشهيرة التي أرست للوليد قاعدة شعبية لا يستهان بها.
وفي معرض حديثه، كشف عاصي عن دخوله مؤخرًا الى عالم التيك توك حيث وثّق لنفسه حسابًا رسميًّا على التطبيق الاكثر انتشارًا على مواقع التواصل.
ومن ضمن فقرة سريعة مستوحاة من كلمات اغنياته اعتبر عاصي ان السياسيين في لبنان عذّبوه اكثر من المصارف كونهم من أوصلوا الاوضاع الى ما هي عليه، كاشفًا الى انه فتح حسابات مصرفية له في البنوك الأجنبيّة يودع فيها مداخيل الحفلات التي يحييها في الخارج اسوة بزملائه الفنانين.
وعن زملائه من الوسط الفنيّ اختار عاصي الأقرب اليه مسمّيًا الفنانين جورج وسوف وراغب علامة الذي اتصل به مهنّئًا بزفاف ماريتا تمامًا كما فعل الفنان وائل كفوري، والمطرب وليد توفيق الذي تربطه به صداقة عائلية منذ زمن طويل. وفي سؤال الى من يوجّه اغنية “شنو احبك”، اختار زوجته كوليت التي ارتبط معها بحبّ كبير أثمر عن عائلة وهب نفسه لها ووضعها في قائمة اهتماماته. وانبرى عاصي منشدًا اغنينه الجميلة التي تصدّرت سلّم الاغانيات الأكثر نجاحًا وانتشارًا، بكثير من الاحساس، ليعود فيطرب الجمهور على المسرح وفي المنازل برائعة “لو نويت” للفنان جورج وسوف، ثمّ يخرج من الاستوديو ملكًا كما دخله، خاتمًا اطلالته الاستثنائية التي صادف عرضها في مناسبة عيد الأب، منشدًا “طلّ الملك”.
تجدر الاشارة الى ان المخرج كميل طانيوس الذي تولّى اخراج الحلقة الأخيرة من “كتير هالقد” فأضاف ابداعًا على المضمون الحواري والاسلوب التقني، هو الذي يسجل نجاحات متلاحقة في البلدان العربيّة حيث يتقدّم على سواه في البرامج الحوارية والترفيهية وفي اخراج أضخم الحفلات الفنيّة الى درجة ان أرسى هوية خاصة جعلته محطّ منافسة وقبلة الرؤى الاخراجية الحديثة.