خاص- زينة مكّي تعصر الآلام فرحًا وحبًّا وذكريات امرأة ايجابيّة
حلّت الممثلّة اللبنانيّة، زينة مكي، ضيفة على بودكاست “بيناتنا” مع الشاب الموهوب ريان حايك، في جلسة اختلطت فيها مشاعر الحزن بالفرح، وقلّبت في ذكريات الطفولة بين لبنان والكويت حيث كانت تعيش وسط عائلتها قبل الانتقال الى وطنها الأمّ منخرطةً في عالم التمثيل.
وفي اللقاء تقصَّد “حايك” النبش في جوانب إنسانيّة من حياة “مكّي” من دون التطرّق الى مهنتها او الخوض في دهاليز التمثيل وكواليسه، وكأنّ بالممثلة تقف أمام مرآة ذاتها، تسترجع بعضًا من ماضٍ فيه الكثير من حنان أمّ وعاطفة أبٍ لم تظهر جليًّا إلّا من خلال كتاب روى فيه قصّة ابنة كما كان يحلو له ان يراها. توقّف حايك مطوّلاً عند علاقة الابنة بوالدها، وهي على الرغم من بعض العتب واللوم على لحظات مرّت لم تجد فيها والدها الى جانبها بحكم عمله الدائم، كتعذّر حضوره عملية جراحيّة لتقويم انحناء في العامود الفقري أجرتها وهي بعد فتيّةً، وعدم تمكّنه من مشاركتها أشدّ ساعات مراهقتها ألمًا، إلّا أنّها لا تنسى بعض المشاهد المبعثرة في ذكريات طفولتها بصحبة والدها تغنيها عن تفاصيل قد يتباهى بها الآخرون وتكون أكثر سطحيّة، كعودته في منتصف الليل من عمله وقيامه بتسريح شعرها وهي تنجز واجباتها المدرسية، او مرافقتها الى داخل صفّ المدرسة حاملاً حقيبتها لتعذّر قدرتها على حمل أوزان بعد خضوعها لزرع حديد في ظهرها تقويمًا لانحراف في عامودها الفقري .
وعن السعادة في حياتها وظهورها المستمرّ مبتسمةً ضاحكة وكأنّها خارج الزمان والمكان، تؤكّد مكّي انّ ما يظهر أمام الناس يخفي آلامًا جسديّة ترافقها منذ لحظات الصباح الأولى، لكنّها تتمسّك دومًا بكمٍّ من طاقة إيجابيّة يحسدها عليها القريب والبعيد، مشدّدةً على أنّه يستحيل عليها الظهور أمام الناس وهي حزينة او متألّمة، فابتسامتها تسبقها وتبعث جوًّا من الفرح في محيطها.
وفي ما خلا آلامها الجسديّة التي تعتبر انّ الله قد خصّها بها لأهميتها عنده ككائن بشريّ، ثمة مواقف في تفاصيل حياتها اليوميّة تحزنها وهي تتآلف معها لأنّها تدخل في صلب كيانها الإنساني، كلحظة الافتراق عن أسرتها بعد قضاء إجازتها في الكويت وعودتها الى لبنان، واضطرارها الى الانفصال عن أحضان الوالد والأمّ والخوف من عدم رؤيتهما ثانية لسبب ما في نفسها، او لحظة ابتعادها عن كلبها، أنيسها وصديقها الوفيّ الذي لا يفارقها منذ لحظة دخولها الى المنزل، هي المولعة بحبّ الحيوانات على أنواعها ورغبتها في الاعتناء بها حتى لو كلّفها ذلك تأجيل رحلة ما او حجز مكان لسنجاب على متن نفس الرحلة داخل قفص بهدف اصطحابه الى منزلها والاهتمام به، وهي لأجل ذلك قد أطلق عليها لقب جمعيّة الرفق بالحيوان.
ربّما هي ليست المرّة الأولى التي تخرج فيها زينة مكّي الى الاعلام مشرّعةً على ماضٍ يختلط فيه الألم الجسدي بأحزان الغربة، إلّا أنّها في جلسة المصارحة الأخيرة عبر “بودكاست” ريان حايك، قد بدت أشدّ تعاطفًا مع نفسها وأكثر إيحاءً للنضج الزمني الذي تعيشه حاضرًا، لا بل أكثر استسلامًا لفكرة ان كلّ ما يمضي يزول ببعد الأزمنة، وكلّ ما يقترب انبعاث لسلام داخلي تعجنه التجارب والمنطق العقلي.