على هامش اطلاق البوم “طلّ الملك”، عاصي الحلاني في حديث استثنائي لموقع “بصراحة”:هل يجدّد عقده مع روتانا ومن بارك له من النجوم ؟
من سلطنة عمان تحدّث الفنان اللبناني عاصي الحلاني إلى موقع “بصراحة”، حيث كان يستعدّ ليطلّ ” ملكًا” في دار الأوبرا السلطانيّة ضمن حفلَين غنائيَّين.
بدا عاصي سعيدًا أكثر من أيّ وقتٍ مضى، سعيدٌ بالضيافة والحفاوة الكبيرة اللتين استقبله بهما جمهوره في مسقط، وسعيدٌ بانطلاق ألبومه الأخير”طلّ المَلك” انطلاقة مضيئة في مختلف دول العالم ، وفخورٌ بالأصداء الجميلة التي بلغته عن نجاح ابنه الوليد في جولته الفنيّة في الولايات المتّحدة الأميركية.
لعلّها تفاصيل اعتاد عليها عاصي في مسيرته الفنيّة، لكنّها كافية بأن تجعل منه فنّانًا عابرًا للأزمنة الفنيّة، وللمزاج الشعبي غير المنضبط بذائقةٍ ما، وللمسافات المكانية المتداخلة بعضها ببعضٍ الى حدّ انصهار شعوبها وانفتاحهم على مختلف الأذواق والأنماط الغنائية.
من الفندق حيث كان يستريح من عناء تمارين الأداء، كان لنا معه هذا الحوار:
⁃ عدت مؤخّرًا الى سياسة طرح ألبوم متكامل( “طلّ الملك”) بعنوان جاذب ولافت ومستفزّ ما دفع بالبعض الى اتهامك بالنرجسيّة على الرغم من ان الأغنية التي تحمل الاسم نفسه تبرّر الاختيار. فمن اطلق هذا العنوان على الألبوم؟
بالفعل، فالعنوان لافتٌ وجاذبٌ وجميلٌ كما ذكرتم، لكن الاختيار عُرفٌ فنيّ قديم اذ كنا ولا نزال نختار اسمًا يشدّ انتباه الجمهور، أضِف الى ذلك أنّ اغنية “طلّ الملك” تنتمي الى اللون الغنائي الذي تميّزت به منذ بداية انطلاقتي الفنية حتى اليوم.
–ظهرت في كليب” شنو احبك” في لوحة فنيّة متكاملة رقصًا وغناءً، وقد صرّح المخرج سيرج مجدلاني بأنّك وافقت سريعًا على فكرة الكليب، لا بل تقدمت باقتراحات عند تنفيذه. كيف تقيّم أهميّة هذا العمل بعد ان حصد مايقارب ال ٢٢ مليون مشاهدة في ايام قليلة؟
راقت لي فكرة الكليب ووافقت عليها تلقائيًّا لأنّها اختصار لمشهد مسرحيّ، إذ سبق ان خضت تجربة المسرح الغنائي مع فرقة كركلا في “أوبرا الضيعة” ومع الأخوين صبّاغ في “من أيّام فخر الدين” التي عُرضت على مدرّج مهرجانات بعلبك الدوليّة، وهي ذكريات لا تغادرني ابدًا. فأحببت ان أستعيد تجسيد هذا الفن المسرحي الذي استحال على شريحة كبيرة من الجمهور مشاهدته لعدم عرض تلك الاعمال المسرحيّة على شاشات التلفزة، لذلك ارتأيت ان يشاهدني الجمهور في كليب يحاكي تلك المسرحيات ويكون مختلفًا عن سائر الكليبات التي قدمتها.
– تحرص دائمًا على التعاون مع اسماء جديدة لديها الكثير من الطموح والافكار المتجددة ، هل تعتمد هذه الاستراتيجية كغاية للوصول الى مكان ما من خلال هذه الطاقات، او بهدف دعمها وتشجيعها ومدّ يد العون لها؟
أعترف أنّ لديّ الميل الدائم للتعاون مع مخرجين صاعدين في معظم الاعمال الفنية التي قدمتها، وتلك الاسماء اصبحت اليوم من أهمّ المخرجين وأفضلهم على الساحة الفنية العربية واللبنانية. طبعًا يهمني المخرج الذي يُظهر الكثير من الاندفاع والطموح، ولديه الرغبة بإيصال رؤية إخراجيّة مختلفة، صورةً وافكارًا.
–بالعودة الى ألبومك الأخير “طلّ الملك”، ما هي الأغنية التي يصوّب عليها عاصي لتصويرها ، وهل اختار لها فريق العمل المناسب؟
في الواقع ما زلت متردّدًا في الاختيار، ولكن ما استطيع تأكيده ان اغنية “طلّ الملك” هي الأوفر حظًّا حتى الساعة، على الرغم من اننا لم نبحث بعد في التفاصيل إن لناحية التوقيت او لناحية الاسماء المقترحة في التنفيذ.
⁃ من ضمن اغنيات الألبوم، بدا لافتًا تنوّعك في التعاون مع اسماء كبيرة في الكتابة والتلحين، يتقدمهم الشاعر علي المولى الذي كتب اغنية “عمرها الخيانة”. كيف تصف تجربتك الأولى معه ولمَ تأخرت على هذا التعاون؟ وهل أنت في وارد تصوير الأغنية؟
طبعًا يهمني ان أصوّر هذه الأغنية التي اخترت ان ألحّنها بنفسي لشدة إعجابي بالفكرة التي اقترحها المولى وترجمها صورًا رائعة تشهد على إبداعه في الكتابة والتأليف، وأعتزّ بتعاوني معه الذي لن يقف حتمًا عند حدود “عمرها الخيانة”.
–وماذا عن تعاونك الأوّل ايضًا مع الكاتب والملحن فارس اسكندر؟ كيف تختصر انطباعك لحظة عرضها عليك؟
سُعدت جدًّا بتعاوني مع فارس في اغنية “طلّ الملك” ، إذ لطالما تحينت الفرصة للحصول على عمل فنيّ من توقيعه، لكنّنا تأخرنا في اللقاء على امل ان يحمل هذا التأخير منفعة لِكلَينا.
–يدرك الجميع أنّ الاتجاه العام لدى طرح ايّ عمل غنائي يميل الى الاغنية المنفردة ( السينغل). كيف تجرّأ عاصي على السير عكس التيار السائد عبر انتاج البوم متكامل يدرك مسبقًا ان عددًا من اغنياته قد تتعثّر في السوق الفني؟
هي ليست المرة الأولى التي اعتمد فيها ألبومًا غنائيًّا كاملاً، حتى انني كنت أختار ضمن الألبوم الواحد ما يتخطى العشر أغنيات الى ما يقارب الاثنتي عشرة، بين فولكلوري وبدوي ورومانسي وجبلي ، في حين اكتفيت في “طلّ الملك” بثماني اغنيات، وهذا المطلوب مني في الواقع باتفاق مع شركة الانتاج التي تحددّ عددًا يتراوح عادة بين ثماني وعشر اغنيات، وقد اكتمل العدد بطرح اغنيتين منفردتين هما “ضحكة حبيبي”و أربعين خمسين”، أضف الى ذلك ان ثمة عقدًا يربطني بشركة الانتاج يفرض عليّ اصدار ثلاثة البومات في السنة.اما كيف أقيّم الألبوم فأنا سعيد بانتاجه وبتفاعل الجمهور مع اغانيه، اذ من المهم بمكان ان يكثّف الفنان من البوماته ويضيفها الى رصيده وتاريخه الفنيَّين، وانا مواظب على هذه الحال منذ العام ١٩٩٠ مما أغنى مكتبتي وتاريخي الموسيقيين.وقد حال انتشار وباء كورونا دون هذا التوجه مؤخِّرًا إصدارًا لي منذ ما يقارب السنتين.
⁃ بعيدًا عن تفاصيل الألبوم ، من اتصل بك من زملاء المهنة مهنّئًا بنجاحك؟
الفنان وليد توفيق كان في مقدمة الذين بادروا الى تهنئتي، فهو أخٌ وصديق تربطني به محبة قديمة العهد. (مستدركًا) عمومًا انا لا أعتب على أيّ من الزملاء، لأنّني انا أيضًا مقصّر بحقّهم، ولكن هذا لا يمنع من استمرار التواصل بيننا. لقد اتصلت براغب في العيد وهنأته، كذلك فعلت بالنسبة لنجوى كرم ونانسي عجرم وفارس كرم ايضًا. وطالما تجمع بيننا المودة والعلاقة فلا لوم لي على أحد .
–بمناسبة الحديث عن الفنانة نجوى كرم، هل تسنى لك الاستماع الى ألبومها الأخير؟
سمعت بعضًا من الأغنيات وأعجبتني، فنجوى فنانة لبنانية متألقة ومتجددة على الدوام وهي وفيّة وطيّبة القلب وشهادتي بها مجروحة.
–في أيّ ظرف وبأيّ شرط قد ينسحب عاصي الحلاني من الساحة الفنيّة؟
الفنّ بالنسبة لي شغف وحبّ، وليس مجرّد مهنة، هو في دمي، وطالما انا قادر على العطاء فأنا موجود، ولن اتخلى بطبيعة الحال عن شغفي وهوايتي التي احبها والتي صارت جزءًا من تركيبتي ومن كياني وشخصيّتي.
⁃ هل يتوّج ألبوم “طلّ الملك” تعاونك الأخير مع شركة روتانا، وما الذي قد يعيق تجديد العقد؟
نعم، انه آخر ألبوم، ولكن بانتهاء العقد قد تتجدد المفاوضات مع الشركة وروتانا شركة رائدة بمجال الانتاج والتوزيع الفني، ويجمعني بها عمر مديد منذ العام ١٩٩٦، ونحن نتكامل مهنيًّا وفنيًّا، فهي منزلي الثاني الذي أنتمي اليه وكلّ العاملين فيها اخوة لي من رأس الهرم ورئيس مجلس ادارتها سموّ الأمير بن طلال، الى العراب الاستاذ سالم الهندي فطوني سمعان وشربل ضومط وفراس عشمان.
–بالانتقال الى أبناء عاصي الحلاني، الذين انغمسوا جميعًا في عالم الفنّ باستثناء دانا، كيف تنظر الى موهبة الوليد الذي يقفز السلم درجة درجة، وكيف تسعى بالتالي إلى حمايته؟
الوليد موهوب ودائم الحماس وهو يطلعني على كافة اختياراته، وبالرغم من أنني أراقبه باستمرار إلّا أنّني غالبًا ما أفسح له الطريق ليجرّب ويشقى ويتعب، فما من احد يصل بين ليلة وضحاها. (مبتسمًا) لن تصدقّوا كمية النجاح التي يحصدها في جولته الفنيّة في الولايات المتحدة الأميركيّة، فهو “طاير طيران”.
–وماذا عن ماريتا؟ من تجد الأقوى فنيًّا، ماريتا المغنية او الممثلة؟
ماريتا مجتهدة وناجحة في الموقعين، وهي ترسم طريقها خطوة خطوة وبعناية، وانا احبها مغنية وممثلة، لا يسعني ان أفصل بين الاثنتين.
⁃هل يقف عاصي حجر عثرة في طريق تقرير مستقبل ابنتَيه دانا وماريتا ، بمعنى هل يضع شروطًا او يرسم خطوطًا حمراء في اختيارهما لشريكي حياتهما؟
على الإطلاق، ما يهمني فقط ان تكونا مقتنعتين بخياراتهما، وان يكون شريكاهما في الحياة من عائلتين محترمتين وان يبادلاهما الحبّ والتقدير والاحترام، وما خلا ذلك مجرّد تفاصيل.
–في ختام هذا الحوار، لا بدّ من الاطمئنان على مستقبل الأغنية اللبنانية من منظار عاصي، الفنان اللبناني. فعلى ما يبدو هي ليست اليوم بأفضل حالاتها مقارنة بالسنوات الماضية. ما السبب برأيك؟ أمزاج شعبي أم تراجع في مستوى الكُتّاب والملحنين؟
أنا أرى الأمور من منظار آخر، فهناك مراحل تبرز فيها لهجات غنائية وأنماط فنية على حساب أنواع أخرى، وهذا طبيعيّ للغاية، وطالما لدينا شعراء يطرحون افكارًا جديدة فلا خوف على مستقبل الأغنية اللبنانية وهويتها.