مقدمو البرامج بحاجة الى مدرسة
تتـعـدّد البرامج على اختلاف أنواعها، من سياسية الى فنية ومنوعات وغيرها، وتزدان الشاشات بالمقدمين الذين اصبحوا نجوماً يلمع بريقهم أكثر من ضيوفهم.
لكن كثرة البريق والتوهج تخفي حقيقة المضمون.
اعتدنا أن يمتاز المقدم بسرعة البديهة ودقة الملاحظة ليستطيع أن يلعب دوره بإمتياز، لكن اليوم انقلبت المقاييس فبات يتوجب على المقدم أن يمتاز بقوة نظر تسمح له قراءة ما يكتبه فريق الإعداد على الشاشة أمامه (Lecteur).
ولا نكتفي بهذا القدر، بل يخيـّــل إلينـا أن بعض المقدمين، ولشدة تلعثمهم، لا يميّــزون إسم المحطـة التي يبثون عليها برنامجهم، فإن لم تكن مكتوبة امامهم فعندها قد يخطئون الإسم والهدف!
والويل … كل الويل … إذا خرج الضيف عن الأسئلة المعهودة.
نرى في بعض الحلقات، أن بإمكان كل مقدم أن يصنع سكوباً من برنامجه لشدة صراحة الضيف، لكنه يخفق بسبب تقيـّــده أولاً بالوقت الثمين المخصص من قبل إدارة المحطة ، و ثانياً لأنه يسجن نفسه في اسئلة الإعداد ولا يجرؤ على تخطي الإطار المرسوم.
هذا كله سهل أمام أخطاء اللغة، فهنا نرى مقدمة لامعة تحــرّك كلماتها العربية بلكنة أجنبية، ربما لشدة تأثـــّــرها بالعولمة، فننـتـقــل معها من “طلابنا” الى “تشولابنا – tchoulapna” … والشاطر يفهم ماذا تقول لكثرة ما تستخف بأصول اللغة ومخارج الحروف !
وهناك مقدم لامع يمتاز بضحكته، حتى ولو كـان ينقل الى جمهوره الكريم أقسى وابشع المآسي، فلا ندري إن كان يضحك على جمهوره أو على الخبر، أم أن خبرته الطويلة علمته أن كل ما يذاع ليس سوى مسرحية كوميدية والحقيقة مخبأة في مكان آخر.
وبين الإثنين، مقدم من الطراز الأول، يمتاز برنامجه بالجرأة، ولكنه يتعب المشاهدين من كثرة تنقــّـل المواضيع بين اسبوع وآخر، فترانا ننتظر حلقته من اسبوع الى آخر وتنتقل المواضيع من اسبوع الى آخر.
ان كان ذلك مردّه الى سياسة تسويقية فهي ولا شك فاشلة لأن الناس باتت لا تكترث للموضوع الوارد في آخر جدول كل حلقة؛ أمــّـا إن كان ذلك خطأ في الإعداد فيجب الأخذ بعين الإعتبار ضرورة احترام المشاهد والتنبه لهذا الخطأ المتكرر.
مقدمونـــــا ولا شك نجوم من الطراز الأول ومدرسة يحتذى بهـا، وان انتقدنا فمن شدة محبتنا لهم ولأننا نريدهم أن يكونوا مميزين ان لم نقل “كـاملين”.
رسالة من القلب الى كل مقدم والى كل من يسعى الى التقديم، كونوا مدرسة لأبنائنا، علموهم قيمة اللغة وضرورة الإحترام لأنكم قدوة لهم، فإن أنتم أخطأتم كان خطأ جسيماً على مجتمع بأسره، لأنكم مرآة هذا المجتمع وصورة غده التي نريدها مشرقة!