رأي خاص-المشاهد يحتفل بعرس الدراما اللبنانية وانتم بلّوا احصاءاتكم واشربوا ميّتها
واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالارقام والاحصاءات … ليست ارقام الشهداء في غزّة وسوريا والعراق ولا احصاءات الدول العربية المتخاذلة،انما بأرقام واحصاءات المسلسلات الرمضانية ونسب المشاهدة او ما يعرف بالrating ، هذه الظاهرة المحبِطة للإبداع ، هذه الاعاقة لكل اشكال التميّز والابتكار ولعلنا هذا العام نشهد على ظاهرة جديدة، حرب في التصريحات الكيدية من قبل المحطات اللبنانية المتنافسة حتى وصل بها الامر الى خرق نشرات الاخبار بتقارير حول نسب المشاهدة من المبكر جداً التباهي بها قبل انتهاء شهر رمضان المبارك.
وهذه التقارير استدعت ردوداً مباشرة وغير مباشرة من قبل المحطات المنافسة التي تدّعي بدورها انها الاولى متناسية جميعها ان الريموت كونترول هي نجمة رمضان المطلقة .
وكانت صحيفة النهار قد نشرت احصاءات شركة “ايبسوس”، من تاريخ 29 حزيران حتى 10 تموز والتي اظهرت ان “أل بي سي آي” احتلت المرتبة الأولى من خلال مسلسل “باب الحارة 6” بمعدّل نسبة مشاهدة بلغت 7.6 في المئة من المشاهدين والمرتبة الثانية في المدّة عينها من خلال مسلسل “الأخوة” بمعدّل نسبة مشاهدة بلغت 5.6 في المئة في حين نال مسلسل “لو” نسبة مشاهدة بلغت 5.4 في المئة من المشاهدين اي احتل المرتبة الثالثة في حين احتلت قناة الجديد المرتبة الرابعة مع مسلسل “اتهام” بمعدّل نسبة مشاهدة بلغت 5.3 في المئة من المشاهدين في الدقيقة ليكون “عشرة عبيد صغار” في المرتبة الخامسة بمعدّل نسبة مشاهدة بلغت 4.7 في المئة من المشاهدين في الدقيقة.
الا ان هذه الارقام لم ترق لقناة الجديد التي ردّت على المقال الذي نُشر عبر موقع “النهار” وأكدت أنه “ووفقاً لأرقام الإحصاءات الصادرة عن شركتي Ipsos وGFK يحتل تلفزيون الجديد المرتبة الأولى بمعدل نسبة المشاهدة على مدار النهار كاملاً، والتي بلغت بحسب Ipsos نسبة 2.16 في المئة من المشاهدين في الدقيقة من 29 حزيران وحتى 16 تموز، لتتفوّق المحطة على باقي المحطات اللبنانية وأضافت في بيان: “أننا لن نخوض في أسماء المحطات التلفزيونية المحلية التي تلينا، ولكن في الأرقام المحطة الثانية بعد “الجديد” حققت نسبة مشاهدة وصلت إلى 1.85″. وأشار البيان الى أن “تلفزيون الجديد يحتلّ الصدارة في نسبة المشاهدة من الرابعة بعد الظهر حتى الثامنة مساء، وهو وقت ذروة خلال رمضان، إضافة إلى أن مسلسل “إتهام” يأتي في المرتبة الأولى عند التاسعة والنصف مساء متفوقاً على باقي المسلسلات التي تعرض في التوقيت عينه “الأخوة” عبر “أل بي سي آي”، و”كلام على ورق” عبر “المستقبل”، ويحقق وفق شركةIpsos نسبة 5.6 في المئة من المشاهدين في الدقيقة”.
ولم يكتفِ “الجديد” بهذا البيان بل يتقصّد ان يذكّر المشاهدين بذلك من خلال اعلان مسلسل “اتهام” حيث يتمّ الترويج له على انه الاكثر مشاهدة في رمضان دون تحديد المسلسلات التي تفوق عليها كما ذكرت الاحصاءات، ما يؤثر سلباً على سمعة باقي المسلسلات المنافسة، بما ان العنوان غامض ومموّه، وهذا ما يبرّر ما نشره نجوم مسلسل “لو ” بالامس على مواقع التواصل الاجتماعي فتمّ التداول بصورة لاحصاءات شركة GFK والترويج لمعلومة مفادها ان مسلسل “لو”هو بالمرتبة الاولى و”اتهام” بالمرتبة الثانية كإنتاج لبناني-مصري مشترك، مع العلم ان المرتبة الاولى المطلقة وبالارقام هي لمسلسل”باب الحارة 6″ الذي استثني من التداول لأنه انتاج سوري، وربما هذه المرة الاولى التي ينشر فيها ممثلون لبنانيون ارقاماً ونسباً بهدف التوضيح وتصويب الامور .
وامام هذا المشهد الصحّي، لا بد من ان نشعر بالفخر لأن الدراما اللبنانية ولو كانت مشتركة تنافس نفسها اليوم. وبعد ان كنا نتمنى ان نتابع عملاً درامياً لبنانياً واحداً في رمضان في عزّ فورة المسلسلات المصرية والسورية ، الدراما اللبنانية اليوم تفرض نفسها وبقوة على شاشاتنا المحلية والعربية ولم نتوقع ان يحصل ذلك “على ايامنا”،ولا يهمنا من احتل المرتبة الاولى ومن حصد الثانية ومن تراجع الى الثالثة والرابعة والخامسة طالما ان المشاهد اللبناني يخصص وقتاً لمشاهدتها ولا يفوت حلقة من اي منها، فهذا بحدّ ذاته انتصاراً للدراما اللبنانية وللممثلين اللبنانيين ولمحطاتنا اللبنانية، ومن يأبه بعد ذلك لأي “رايتنغ” طالما ان اللبناني امام مروحة من الاختيارات وانه للمرة الاولى يستعين بالريموت كونترول ليتنقل بين المحطات والمسلسلات اللبنانية؟ وعلى الرغم من كل الملاحظات على هذه المسلسلات، الا انها دون ادنى شك تحقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً في لبنان وخارجه وهذا ما ذكرته اذاعة ستار اف ام الاماراتية منذ اسبوع عن ان مسلسل “عشرة عبيد زغار” يحقق نجاحاً لافتاً في الامارات من خلال استفتاء قامت به، ربما لأن المسلسل يقدّم موضوعاً جديداً اثار اعجابهم وهذا امر مشجّع لكي يستمر المنتجون اللبنانيون بخوض مغامرة الانتاج .
هذا المشهد الذي يعتبره البعض تنافسياً ومعركة “كسر عظم” نعتبره وبقوة صحياً وتفاؤلياً ونتمنى ان يحرص النجوم على تهنئة بعضهم البعض والشعور بالفخر لتحقيق ما استطاعوا انجازه هذا العام خلال الشهر الفضيل، فلنضع الارقام جانباً هذه المرة ولنلتفت الى ما حققناه ولنحتفل معاً بهذا الانجاز الدرامي اللبناني، وان اردتم المنافسة بهدف التطور والتميّز، فلتكن المنافسة شريفة بعيداً عن الكيد والاحقاد والالغاء وتشويه الصورة والسمعة واتركوا للمشاهد متعة متابعتكم بحرية، دون التأثير على اهوائه ومزاجه ورغبته في مشاهدة ما يشاء.