باتريسيا هاشم: الجمهور يسلم روحه لشياطين مواقع التواصل الاجتماعي
باتريسيا هاشم: غريب هو امر الجمهور في الوطن العربي والعالم. يعترض على اداء ممثل، اعلامي، كاتب، مغنٍ، مخرج، مؤثر او فاشنيستا ويتابع حساباتهم على مواقع التواصل الاعلامي على الرغم من كل هذا الاعتراض…
لان الجمهور يعاني للأسف من فضول “زائد” يتفوق احياناً على مبدأ المحاسبة… فالمفروض، وفي الاحوال الطبيعية، ان يحاسب كل شخص غير محبوب او غير كفوء او غير ناجح بتجاهله وتحجيمه او عدم متابعته من مبدأ تسجيل موقف ما…
ولكن للاسف لم يعد الامر كذلك اذ اصبح هؤلاء هم الاكثر متابَعة والأكثر حصداً للاعجاب والاكثر مشاهدة والاكثر تأثيراً والاكثر من كل شيء…
نحن شعوب لم تعد تحاسب….
ننتقد احدهم ونقوم بحملات عنيفة للتعبير عن ذلك ولكننا نتابعه فضولاً لأننا قد لا نرتاح ان لم نراقبه ونعرف تفاصيل حياته..
نحن نمقت عارضة جريئة جدًا وفنانة هابطة وممثل منحرف ولكننا نتابعهم ونزيد ملايين على ملايينهم فقط لأننا فضوليون… حتى وان راقبنا تحت اسماء مستعارة… غير مهم! فالأهم الا تفوتنا شاردة أو وواردة… ففضولنا “قتولي” حد الانتحار الجماعي وتسليم ارواحنا لزمرة فشلة ممن يستغلون فضولنا المَرَضي ليحققوا شهرة غير مسبوقة او نسبة مبيعات عالية….
قديماً كان الناس يبحثون عن الأفضل والأرقى في كل شيء وكل واحد…. كانوا يدققون، يختبرون ويقيمون، ليعطوا ثقة كاملة او اعجاب خالص ولكن تراجع مستوانا اليوم لدرجة اننا بتنا نرفع احياناً الفاشلين ونتجاهل الناجحين فقط لان للفاشلين سر في التعامل مع فضولنا…وهم ينجحون دائما في اثارته واستدراجه الى حياتهم!! ولاننا خفيفو العقل والبصيرة احيانا…ننجرف الى مستنقعات هؤلاء ونغرق في وحولهم عمداً لاننا نجد انفسنا عاجزين عن كبح فضولنا المَرَضي باي شكل من الاشكال…
واليوم اسألكم واختبر جرأتكم وعجزكم في آن… هل باستطاعتكم التراجع قبل فوات الاوان عن هذه القاعدة العوجاء وتغيير مسار انحراف اذواقكم واعادة الصواب الى الصواب؟
هل تجرأون على مغادرة كل الحسابات الفارغة من اي قيمة لمضمونها او مضمون اصحابها؟ هل تجرأون على عدم متابعة اي فاشل او منحرف او سطحي او فارغ؟
هل تجراون بالمقابل على البحث عن من هم ذو قيمة وسيرة مشرفة من اصحاب النجاحات والفكر والانجازات ومتابعتهم؟ هل تجرأوون حقاً؟
حينها فقط يمكننا ان نقول اننا عدلنا مسار انحدارنا الاجتماعي وعدنا الى رشدنا بعد حالات الهذيان الافتراضي…