مخاطباً وزير الثقافة، مروان حداد: أوقفوا (مهزلة) مهرجانات توزيع الجوائز الفنية… وماذا قال عن (عشرة عبيد زغار)؟
حماسته “لعشرة عبيد زغار”، عشية بدء شهر رمضان الكريم، أعادت الى ذاكرتي حماسته يوم صوّر “باب ادريس” لرمضان منذ سنوات. وكلما سألت صاحب شركة “مروى غروب” للإنتاج عن عمل له ولغيره، استحضر ابتسامة محايدة وقال: “بيسألوك وين ولادك وهنّي قدامك”. مروان حداد الذي حرّر نفسه من “حصرية” العقود والوعود والصداقات الموسمية، تحدث إلى “الشبكة” عن مسلسله السينمائي أو عن فيلمه الدرامي الطويل.
الشبكة: كنت ضد عرض “عشرة عبيد زغار” في رمضان، فإذا بك من أكثر المتحمسين لعرضه؟
مروان: دعني أقول لك إنني لم أكن من المتحمّسين لعرضه، وفي الوقت عينه لست ضد عرضه بالمطلق. لا شك في أن رمضان هذه السنة في مواعيده المزدحمة، يتميز أنه شهر الاستحقاق الكروي العالمي. الجمهور يتابع مباريات كأس العالم بشغف كبير، وفي منتصف الشهر ننتقل من مرحلة إلى مرحلة في “المونديال”. لذا فإن مطلق مسلسل لم أكن مع عرضه وليس “عشرة عبيد زغار” فقط. القرار الحاسم كان لمحطة الـmtv التي تعي هذه المغامرة وتأخذها بعين الاعتبار في تسويقها وترويج المسلسل.
الشبكة: تعترف بالمخاطرة إلى حد المجازفة؟
مروان: (يضحك) البرمجة تعود للـmtv، وهي ولا شك في توقيت عرضه والدعاية التي تقدمها له وما نقوم به نحن كشركة إنتاج من خطة دعائية يستحقها، يمكننا أن نتجاوز هذا التوصيف الذي أسميته “خطراً”. ثم لا تنسَ أن “عشرة عبيد زغار” ليس كأي مسلسل عادي، أي يمكنك أن تشاهد حلقة ثم تقفز إلى الرابعة من دون أن تفقد إلماماً بمعرفة الأحداث. هنا أنوّه بكتابة طوني شمعون على التركيبة والحبكة والميكانيكية الاحترافية، العوامل التي طبعت المسلسل.
الشبكة: وماذا تسمّي الرقم الـ40 ألف دولار أميركي كلفة الحلقة: مغامرة أم مقامرة في موسم الأوكازيون على الدراما اللبنانية؟
مروان: لأكون معك صريحاً، حين بدأت ورشة التحضير للمسلسل، لم أكن أريد أن أتخطى مبلغ الثلاثين ألف دولار. لكنك تعرفني كيف أتوق إلى الكمال في العمل. عند بدء التصوير كان المخرج إيلي حبيب يهاتفني ويعلمني بحاجات ضرورية. وعلى فكرة إيلي “شاغل كتير حلو”، فتخطّيت السقف. تسألني بإضافة العشرة آلاف دولار على الحلقة “فرقت”. نعم، لقد تطورت الجودة الإنتاجية، وأنا كل ما أملكه هو أن يتوزع هذا العمل على فضائيات عربية لأنه يستحق الانتشار والمشاهدة.
الشبكة: ولماذا الرهان على ممثلة لم تكن أصلاً ممثلة هي الإعلامية ريتا حرب؟
مروان: أملك حسّاً احترافياً كبيراً لم يخذلني يوماً في اكتشاف الطاقات. حين بدأت ريتا حرب معي ببعض المشاهد الأولى، كانت محاولتها تحتاج إلى اجتهاد وإرادة منها لم تبخل بهما. بين يوم وآخر أحبت ريتا المهنة مع توافر موهبتها، فقررت المثابرة. حين اخترتها لم يتوقع أي من المقرّبين من العمل إلا أن تخفق ريتا بين هذه المجموعة. أمر غريب. حتى إيلي حبيب. حقهم. فكيف لريتا الجديدة والآتية من الإعلام ان يقع اسمها على أذن المعنيين في كاراكتير نافر بهذه السهولة. ثم هي ستكون مع باقة من المحترفين وخريجي معهد الفنون أو التمثيل أو… ريتا حرب ليست مع أي نوع من الممثلين. هي مع تقلا شمعون وجورج شهلوب وشوقي متى وكارلوس عازار ووسام حنا وبريجيت ياغي وطوني نصير وهشام أبو سليمان وميراي أبي جرجس، ومع الممثل المخضرم الذي سيضفي اسمه تألقاً زياد أبو عبسي. ضمن هذه المجموعة الكبيرة يحضر اسم ريتا حرب. لكن اليوم تبدد قلقهم وليس قلقي. طوني شمعون شاهد لقطات ريتا وأبدى إعجاباً، وإيلي حبيب أثنى على حضورها. وأتوقع أن الجمهور سيكون مثلهما.
الشبكة: توقعت أن تربط بمشهد، بعبارة، بجنريك بين “عشرة عبيد زغار” الماضي وعملك اليوم؟
مروان: بصراحة، لقد زرت مع الكاتب طوني شمعون منزل القديرين أنطوان ولطيفة ملتقى، واتفقنا مع أنطوان أن يكون له ظهور تقديري في المسلسل. أرسلنا له النص لكن، للأسف، فإن طبيبه منعه من إرهاق نفسه لظرفه الصحي. أشير هنا إلى ناحية مهمة وهي أن المقارنات لا تجوز بين ما قُدِّم منذ أربعين سنة وبين عملنا. لا يوحّدنا إلا الفكرة الأساسية للكاتبة العالمية آغاتا كريستي. هذا الإرث العالمي صُوِّر ونفذ بغير لغة ودولة وغير مرة. ونحن كشركة إنتاج يحق لنا أن نستقي من القصص العالمية من دون أن نتشبه بأحد. القصة ومعالجة الجرائم مختلفة. وحتى منفذ الجريمة. هناك دعوة للعشرة إلى القصر، والقتل من خيال مختلف وبتأليف مغاير. لذا حرصنا في الجنريك أن نضع هذه العبارة: “رؤية جديدة لطوني جورج شمعون”.
الشبكة: قلت في المقدمة إن “عشرة عبيد زغار” هو مسلسل سينمائي أو فيلم درامي تلفزيوني؟
مروان: لم تخطىء بما أسلفت، فالمخرج ايلي حبيب “شاغل سينما”. تقطيعه سينمائي بامتياز. الجودة مرتفعة. الصورة جميلة. الإضاءة مكلفة ورائعة. المشاهد الليلية. إدارة التصوير، الصوت، الديكور. أعجبت بما رأيت بعد المنتجة، والجمهور سيشارطني شعوري.
الشبكة: ستفتح في المشهد الأخير بين الموت واللاموت الستارة على جزء آخر؟
مروان: بصراحة، كل الممثلين في العمل لن يعرفوا كيف ستكون النهاية. اتفقنا على تصوير أكثر من صياغة لها. لن نفصح عن التي اعتمدت. سنسلمها إلى الـmtv قبل 24 ساعة فقط من عرض الحلقة الأخيرة. أتمنى من المشاهدين في هذا السياق عدم الر بط بين ما شاهدوه وما سيشاهدونه. لا تشابه في الجرائم ولا بطريقة ارتكابها ولا بهوية القاتل.
الشبكة: طرحت أسماء كثيرة لتكون في البطولة الجماعية التي بلغت عشرة أسماء بالتساوي؟
مروان: لن أعلّق على الأسماء ولن أذكر أيّاً منها. المجالس كانت بالأمانات، وأنا بطبعي لا أحب الدخول في لعبة عَرضت أو لم أعرض، ولماذا لم يكن معنا أو رفضت أن يكون معنا. عملنا كالصحافة، ألا يوجد مسودة عندك لكل مقال فيها تعديلات وتشطيب. أنا سعيت لاختيار المتفرّغين من الممثلين ليلتزموا 60 يوماً بتصوير المسلسل. كنت “حابب أشخاص” وأعترف، لكن بعد تصوير المسلسل أنا أعلن كامل الرضى عن الكاستينغ بكامله.
الشبكة: كيف تقول “عشرة عبيد زغار” هو المسلسل اللبناني الوحيد في رمضان. بمَ تصف “ملح التراب”؟
مروان: أنا لم أتابع تفاصيله. هل هو لمخرج لبناني؟
الشبكة: كاتبه لبناني، فيما مخرجه سوري وشركة الإنتاج لبنانية؟
مروان: أنا قصدت أن يكون العمل لبنانياً بالإنتاج والكتابة والإخراج والممثلين مئة في المئة. قصدت أن يكون مدير التصوير والإضاءة والإنتاج والأزياء من لبنان. أطمح دائماً إلى التحدي بكل جديد. أطمح في ظل الهجمة العربية المختلطة التي لست ضدها، أن يسافر المسلسل اللبناني الصرف بنجومه وإخراجه وكتّابه إلى الفضائيات العربية، وهذا ما أسعى له من خلال “عشرة عبيد زغار”.
الشبكة: لست ضد الانفتاح العربي في الدراما، لكنك تعارض حضور بعض اللبنانيين المحدود بل اللبنانيات في الدراما العربية؟
مروان: الانفتاح الدرامي الموقت هو فرصة للدراما اللبنانية وللممثل اللبناني، لكنها سيف ذو حدين بنتائجها السلبية والإيجابية. نحن لسنا ضد هذه الفورة، وإن كنا نتمسك بألا يفقد المسلسل اللبناني هويته اللبنانية بهذه الهمروجة. كل ما يؤلمني كمنتج أن اشاهد بعض النجوم يظهرون في مشهد أو مشهدين ويغيبون في حلقات وهي نسبة 95%. كل ما يؤلمني أن يسند المنتج العربي عندما يجيء الى لبنان الأدوار الثانوية الى لبنانيين ولبنانيات، فهم في رأيه أقل كلفة من استقدام ممثلين عرب من دولهم. هذه الموجة سبق أن شاهدناها في مرحلة من الماضي في السينما المصرية، فكنا نشاهد الراحل الكبير ابراهيم مرعشلي والممثل سمير شمص و… ثم ذهبت الموجة واختفت هذه الأسماء.
الشبكة: تبدي وجعاً لانحسار بعض نجومية اللبنانيين في بعض الأعمال العربية؟
مروان: لا أنكر ذلك وخصوصاً حين أرى بعض نجوم الدور الأول في عشرة مشاهد إلى حد يتحولون إلى كومبارس متكلم. عيب أن يوافقوا على هذه الأدوار، وأن تكون حجتهم “دافعيلنا اكتر”. هل بسبب القرش يحرقون ماضيهم وصورهم؟ هل من أجل عشرة آلاف دولار على تصوير عشرة أيام ننسف نجوميتنا؟ “المصاري بتروح” وتصرف وتهدر، لكن النجومية المنحسرة لا تعوّض.
الشبكة: أطلقت صرخة دعوت فيها وزارة الثقافة إلى تنظيم المسابقات الدرامية والفنية وشرعنتها وتوحيدها؟
مروان: قلت في مقابلة على إذاعة “صوت الشعب” مع الإعلامية فاتن حموي أن منذ 15 سنة تقريباً تولّى وزارة السياحة وزير ووضع حداً لمهزلة إنتاجات ملكات التفاح والإجاص والبحر والساحل وبيع الخضرة. وأصبح هناك مسابقة شرعية واحدة. لذلك أنا أخاطب وزير الثقافة ريمون عريجي من منطلق خلفيتين: أولاً أنا محام سابق وزميل له؛ وثانياً بعد أن أثبت لنا ما يملك من حس ثقافي اتضح وترجم في حركته وكلامه ولا سيما الأخير في باريس. أطلب إليه أن يتدخل بقرار منه لا يحتاج إلى آلية لمجلس وزراء الى توقيع مراسيم ويوقف هذه المهزلة”. كل مين طلع عَ بالو ينظم حفلة ويبيض وجو” يكرم أفضل ممثل وأفضل ممثلة. فيصبح لنا في حزيران أفضل ممثلة وفي تموز. ماذا يقول عنا الشرق والغرب. اطلب إلى الوزير عريجي، وكنت قد أرسلت له هذا التمني معك شخصياً كونك صديقه، أن يؤلف لجنة من النقاد الحقيقيين والصحافيين والمنتجين لوضع أسس ومعايير لهذا التصويت، ولغربلة من يحق له أن يكون في اللجنة. أما من يريد أن يكرّم فليكرّم من دون مسابقات وتصويت واختبارات تشبه “المهزلة” وتحولنا إلى أضحوكة للرأي العام.
الشبكة: ختاماً، لو كنت من الصحافيين وتريد أن تكتب سطراً عن “عشرة عبيد زغار” بعد أن شاهدت حلقته الأولى؟
مروان: لن أتحدث عن الإنتاج لأن أحداً لا يقول عن “زيتاته عكرين”. غداً حين تعرض الحلقة الأولى، لن يشاهد الجمهور حلقة تلفزيونية بل فيلماً سينمائياً. الجمهور سيكون شاهداً على كلامي.
وكان نجوم مسلسل “عشرة عبيد زغار” قد حلوا ضيوفاً على غلاف مجلة الشبكة لعددها الجديد.
روبير فرنجيه نقلاً عن مجلة الشبكة