رأي خاص- وأشرقت شمس الـ (ال بي سي ) والدراما اللبنانية…وتغيّر كل الموضوع
لأول مرّة تخونني الكلمات عندما أكتب مقالاً فبحثت في ذاكرتي ، في مخزون عقلي ولم أجد كلمات من العيار الثقيل، من ماسٍ وياقوتٍ وزمرّد فأجمعها في عقد أصنعه على هوايا لاقدّمه هدية لعروس الدراما اللبنانية وأزيّن به عنقها الجميل …
لأول مرّة يخونني الاحساس فأعجز عن ترجمته بسطور ونقاط وفواصل وعلامات استفهام وتعجّب علّ القارىء يدرك ما اختزنته من مشاعر حقيقية وصادقة حين تابعت هذا المسلسل وكم مرّة بكيت وكم مرّة تأثرت وكم مرّة تفاعلت وكم مرّة انفعلت وغضبت وثرت وتمرّدت…
سأحاول اليوم جمع كلماتي ، سأحاول استدراج الاحساس الى سطوري وعباراتي… سأحاول ان “أفّش” غليل مئات الاف اللبنانيين الذين تارة بكوا بحرقة وحسرة وتارة أخرى بكوا من جوعهم الى عشق كبير كذلك الذي عاشوه في أروع تفاصيل مسلسل “وأشرقت الشمس”.
ولكن في جميع الاحوال أدرك سلفاً واعتذر سلفاً انني لن استطيع ان أفي جميع الممثلين حقهم او ان أفي كل احداث المسلسل حقها. فهذا المسلسل تخطّى قدرتي على استيعاب هذا الكمّ من الابداع على كل الجبهات، في التمثيل والاخراج والمونتاج والموسيقى التصويرية والانتاج والازياء واماكن التصوير وتفاصيل التفاصيل التي جعلت من “وأشرقت الشمس” إدمان المشاهد اللبناني الذي يرفض بأي شكل من الأشكال ان يعالج منه، فلأول مرّة يكون الادمان بهذه اللذة وهذه المتعة وهذا الفرح….
لا اعتقد ان هذا المسلسل سيشكّل عقدة لصانعي الدراما في لبنان لأن في معظمهم الخير والبركة وهم يسعون خلال السنوات الماضية الى تقديم اجمل الاعمال الدرامية ونجحوا في تحقيق ذلك وبعضهم كان سباقاً في تبنّي الدراما في عزّ كبوتها ايماناً منهم بأحقيتها في الدعم والتشجيع رغم كل الظروف القاهرة، ولكنه دون أدنى شكّ سيشكّل عقدة وصفعة لصانعي ومروّجي وتجّار وسماسرة المسلسلات التركية حيث اثبت مسلسل “وأشرقت الشمس” الذي أحدث حالة جماهيرية هيستيرية لم يسبق لأي مسلسل تركي ان احدثه منذ “حريم السلطان” انه العلامة الفارقة والفرق الكبير الذي استطاع الانتاج اللبناني ان ينجزه ولا شكّ في ان المشاهد اللبناني سيضطر ان ينبذ ويرفض من اليوم وصاعداً اي انتاج اجنبي ان تأمنت له مسلسلات من وزن “وأشرقت الشمس” حيث استطاع هذا المسلسل ان يُجلس اللبنانيين بكامل رغبتهم وارادتهم ورضاهم في بيوتهم كل اثنين وثلاثاء وأحد والغاء كل مشاريعهم او تأجيلها بغية عدم تفويت أي حوار او حركة او انفعال او قبلة او عناق او وداع او لقاء او كل ما يخطر على بالكم وهنا لا بدّ من الاشادة بالمؤسسة اللبنانية للارسال عرّابة الدراما اللبنانية والتي اصطادت هذا المسلسل بدهاء ، ففيه سرّ وسحر وفيه ابداع وتميّز وفيه كل ما يتوق اليه المشاهد من قصة جاذبة وحوار “محنّك” مرصوص ومدروس لمنى طايع المرأة الحديدية في الدراما اللبنانية التي لطالما كانت نصوصها “ضربة معلّم” ، اما الصورة فجميلة جداً و”مهدّئة للاعصاب” بالاضافة لإخراج شارل شلالا المحترف والخطير وبمشاركة ممثلين قديرين ومتفوقين وموسيقى تصويرية خدمت المسلسل كثيراً واماكن تصوير اختيرت بذكاء جداً وملابس لم نكن لنتصورها أرقى وأجمل …بإختصار شديد مسلسل “وأشرقت الشمس” تحفة درامية قيّمة قيمتها تكمن في كل العوامل الناجحة التي اجتمعت فيها، فكانت مكتملة الابداع بغض النظر عن الملاحظات “القزمة” التي لا أتوقّف عندها بالعادة عندما اناقش عملاً عملاقاً، فإن كان الشيطان يكمن في التفاصيل فأنا منشغلة بملائكة الحبّ الذين اقتحموا كل بيت لبناني ومنشغلة بحملات التبرّع بالوطنية التي قادها مناضلون وثوّار في هذا المسلسل الذي جمع الحبّ من كل جوانبه، حبّ الوطن والارض والحبيب والابناء والأهل حتى لو ان الخيانة والكراهية والاحقاد حاولت ان تنخر كالسوس في بعض محاور المسلسل وبعض حواراته، الا ان نهاية المسلسل ستثبت انه في جدلية الخير والشر الغلبة دائماً للحق، فلا يموت حقّ وراءه أكثرية مطالبة ولا يموت حبّ وراءه عشّاق اوفياء…
جمع هذا المسلسل الذي نتوّقع ان يحصد وممثلوه جوائز محلية وعربية كثيرة ثلاثة اجيال من الممثلين، جيل كبير ومتوسط وصغير الا انهم جميعاً اثبتوا انهم كبار ابدعوا حتى الثمالة في خلق حالة تمثيلية استثنائية فتفوقوا على انفسهم في اكثر من مشهد وموقف ربما لأنهم لم يشاءوا ان يفوتوا على انفسهم هذه الفرصة الانتاجية الضخمة التي لا تتكرّر كثيراً فارادوا ان يستهلكوها حتى النهاية فقدموا افضل ما لديهم وبرهنوا مرّة جديدة ان الممثل اللبناني “وحش” تمثيل حين تتأمن له القصة المقنعة والمنطقية والمؤثرة وكل الظروف الانتاجية التي يحتاجها واثبت جميع الممثلين في مسلسل “وأشرقت الشمس” انهم أرقاماً صعبة وانهم ممتلئون موهبة وابداعاً وهم جميعاً فخر للدراما اللبنانية بخاصة الجيل الاول من الممثلين الذين كانوا “مجرمي” تمثيل ان اردنا تشبيهاً مناسباً لما قاموا به في المسلسل وهم أثروا أدوارهم وزادوها ابهاراً وهيبة وقيمة واثبتوا لجميع المنتجين ان الكبار لا يوضعون على الرفوف ولا في الادراج ولا في الظل انما في “عين الشمس” لكي تشرق شمس الدراما من جديد لأنهم القيمة المضافة لأي عمل ولانهم المسك والغار وكل انواع المطيبات لأي مسلسل تلفزيوني ونحن نطالب باشراكهم بكل الاعمال الدرامية المقبلة فلا تتخيلون كم استمتع اللبنانيون بمشاهدتهم وكم انتعشت النوستالجيا وكم تدلّلت الذاكرة وكم تمتّعت العين والاذن وكل الحواس…دون ان ننسى أدواراً بارزة لممثلين واعدين علّموا في اللبنانيين وعلقوا في أذهانهم والاهم دون ان ننسى دورَي يوسف الخال نجم الشاشة الصغيرة بدون منازع وايميه صيّاح اكتشاف منى طايع التاريخي واللذين شكلاً حالة درامية فريدة ربما لن تتكّرر ابداً.
نستكمل في مقالات لاحقة تعليقاتنا حول المسلسل ورأينا بالممثلين وأدوارهم…تابعونا