زاوية القراء – وجع غرام وائل كفوري المستحيل

زاوية القراء – هو ليس مفصوماً … ليس قاتلا … ليس مجنوناً … ولكنه بذات الوقت ليس ب ” وائل” واحد؟

ببساطة … وائل كفوري يجسد في الكليبين ” شخصيتين “!

هو في ” الأولى” الفاقد للبصيرة تحت تأثير الغيرة (الشخصية في زمن الماضي) .. و هو في ” الثانية ” النادم ” المتحسر على ما أقترفه من أذى بحق حبيبته والتي أضحت غراماً مستحيلاً له حاضراً ومستقبلاٍ بسبب غيرته العمياء القاتلة لكل الحب والسعادة التي كان يعيش فيها.
و” النادم ” يتذكر بطريقة ( الفلاش باك ) ماأقترفته شخصية ” الغيور ” من أخطاء دمرت حياتهما التي كانت أقرب للجنة .. رمز لها المخرج حسن غدار لها في الكليب ب ( حبيبة , قصر, ترف, إستقرار ,علاقات إجتماعية سليمة ) خسرها جميعاً و أنتهى به المطاف وحيداً نادماً في بيت مظلم مهجور أضحى كهفاً للذكريات.

قدّر لغرامه أن يكون مستحيلاً مترافقاً مع وجعه :
كليب ” كيفك ياوجعي ” هو نقطة البداية للقصة .. نرى الشخصيتين التي جسدها وائل في شخص واحد يصحو من النوم يغير ملابسه ..” الغيور” يحضر حقيبة رحيله .. أما ” النادم ” فنراه جالساً – بحالة مزرية – حزيناً وحيداً على كرسي جنب البيانو في ألم روحي شديد بعد أن أفاق من حالة — الكوما العقلية والعاطفية — التي مر بها بسبب الغيرة الشديدة وكبرياء الرجل فيه واللتان جعلتاه يرى الأمور على غير حقيقتها و يصدقها و يتخذ قرارات خاطئة .. على إثرها دُمرت حياتهما معاً .

يتذكر أنه لم يفسح لها أي مجال للتبرير أو الدفاع عن نفسها ( أو للحصول على فرصة أخيرة ؟؟ ) ويتذكر قساوته وتعذيبه لها بالصد عنها تارة وإرجاعها تارة أخرى ومن ثم استخدامه للعنف وبعد أن يأست منه .. ومع تصميمه على الإبتعاد … رحلت .. فيدخل ” الغيور” حالة عذاب وصراع داخلي بين حبه لها من جهة … وغيرته وهواجسه و كبريائه كرجل من جهة أخرى … ثم يغفر لها ( الخيانة المزعومة؟ ) و يعدل عن فكرة الرحيل ( يلقي بحقيبته بعيداً ) و يلحق بحبيبته مقرراً استرجاعها وإستدراك الموقف .. ولكن الأوان قد فات .. فقد رحلت حبيبته الى حيث غير رجعة ( رمز له المخرج بالدماء على قلادتها كرمز للموت ) بمعنى أن مابينهما قد مات.

فيظهر وهو جالسا في السيارة (رمز للانتقال الى حياة جديدة ) غير مستوعب لماحدث له وكيف فقدها .. في حالة من الصدمة ويقين ..أن القادم هو واقع مرعب عليه أن يتعايش معه وهو : أنها أصبحت المستحيل بالنسبة له..!

هنا يذوب الغيور ويختفي … وييتبقى النادم وحيداً متحسراً متألماً .. وينتهي كليب (كيفك ياوجعي) هنا.

ومن ثم يبدأ غرامه المستحيل:
نراه (أي النادم ) يرجع بسيارته الى المكان الذي كان جنته يوماً .. ولكنه وحيداً هذه المرة بعد أن كانت ترافقه دوماً .. فيجد جنته خاوية لا حبيبة لا أضواء لا فرح ..وأضحى قصره كهفاً لذكرياته وألمه .. ويتراءى له خيالها ويتذكر كم كان سعيداً وكم كانت تحبه وكم من لحظات جميلة جمعتهما ولكن هاجس شكه كان دوماً ثالثهما ..و يتذكرأيضاً غيرته عليها ومحاولاته لعزلها وإستئثاره بها لنفسه و مراقبتها وتتبعها ومن شدة غيرته خيل له أنها على علاقة برجل أخر .. و ما من رجل آخر أساساً كما ظهر جلياً في كليب كيفك ياوجعي . ( قد يكون هناك رجل آخر ولكنها خرجت من تلك العلاقة التي رمز لها المخرج ب بخروجها من الظلام الى النور).

وهنا قلب القصة
فعندما يركض الى حوض السباحة .. يقف الإثنان ( النادم والغيور) معاً في ذات المكان ولكن في زمنين مختلفين ..الأول يتحرق ندماً على فقدانه لحبيبته ….والثاني يتحرق غيرة وجنوناً فنرى النادم ( مردتدياً بدلته الرمادية ) في الدقيقة 5:10 من الكليب يصارع ندمه ثم في الدقيقة 5:12 نرى الغيور ( بالتوكسيدو ) يصارع كبريائه وغيرته متوجعاً من الخيانة .. ويبلغ شعورهما باللألم ذروته فيلقيان بنفسهيما في الماء!

“فالغيور” ألقاها في بحر الشك وظلماته أما ” النادم ” فألقاها في بحر الندم والذكريات … ليخرج الأول- مغيباً عقليا وعاطفياً – واضعاً غضبه وكرامته ” درعاً ” على قلبه ضد حبيبته ومتجاهلاٍ كافة محاولاتها للتواصل معه (مشهد رنين الهاتف + مشهد عودتها له ).

أما” النادم ” فيخرج من الماء معترفاً بخطأه .. مقراً بذنبه .. معلناً تقبله لقدره ووجعه الأبدي وإستحقاقه له .

ثم يذهب الى الغرفة لينام ويصحو ويغير ملابسه (رمز للتغير ) .. يعقبه الفلاش باك لما حدث بينه وبين حبيبته و كأنه يشاهد شريط ماحدث ملخصه في تعذيبه لها بالصد والرد والعنف ومن ثم الهجر .. أعقبه رحيلها مكسورة القلب .. ومن ثم فشله في إسترجاعها من حيث مالاعودة منه!

ليصبح أسير الندم وحبيس الذكريات.

قصة ليست بالمعقدة أو الغامضة بتاتاً .. وإنما مبتكرة ..تعتمد على الانتقال بطريقة ( الفلاش باك والفلاش فورود ) بين بعدين متناقضين لشخصية إنسان واحد .. يلتقي البعدان في نفس موقع الاحداث ولكن بإختلاف العامل الزمني والبصيرة التي يحملها كل بعد.

والقصة أشبه بدائرة مغلقة … تبدأ بمشاهدة كيفك ياوجعي أولاً ثم … الغرام المستحيل … ثم كيفك يا وجعي مرة ثانية.

ونقطة الإبداع في الكليب تكمن في أنه لم ينفي حدوث الخيانة ولم يؤكدها..وبالتالي أتاح للمشاهد تفسيره حرفياً بالاضافة الى التفسير الرمزي.

بمعنى أنها قد تكون خانته فعلاً ! فأوجعته وذبحت كيانه كرجل ومن ثم ندمت ورجعت راكعةً , طالبة السماح فلم يسامحها و لم يتقبلها فكبرياءه وعزة نفسه أغلى رغم حبه لها ورغبته باسترجاعها .. فعذبها .. وريما قتلها ! أو انتحرت أو توفيت بحادث … النهاية مفتوحة ..

ولكن المحصلة النهائية واحدة تكمن في أن غرامهما بات مستحيلاً!

فكرة مبتكرة من المخرج حسن غدار وغير مسبوقة في أي كليب .. وقدرة تمثيل رائعة وإستثنائية من ملك الرومانسية ” وائل كفوري ” وتقمص بإحتراف لشخصية مركبة جداً .. فهو يمثل بعدين إنسانيين متناقضين لذات الشخص مع محافظته على الخط الرئيسي للشخصية وغموضها الآسر و جاذبية ساحرة … حتى في الجزء المظلم منها!

إن عودة الكفوري لعالم الكليبات بعد 10 سنوات كانت حقاً على مستوى الغياب .. بقصة إنسانية تجسد ألم عاشه ويعيشه الكثير .. وماأصعبه من ألم عندما تتذكر نفسك وتتمزق ندمأ ولكن ليس بمقدورك الرجوع للماضي وتقديم النصيحة لنفسك وتحذيرها من عواقب تهورها وقرارتها المتسرعة.

وإن كانت أقدار الحب مكتوبة .. فبعضنا قدر لهم أن يشربوا بأيديهم من كأس وجعهم مدى الحياة

وهل هناك أمرّ .. من وجع غرام .. أضحى مستحيلاً؟

“عالم وائل كفوري “

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com