بالصوت- غابي لطيف لـ باتريسيا هاشم: تمّت إقالتي من تلفزيون لبنان برسالة بسيطة دون دفع أي تعويض مادي أو معنوي، شي بضحّك، ولوْ هيدا شي ما بيصير بالعالم كلّو؛ اتفّهم اعتكاف ماغي فرح الإعلام في هذه المرحلة الصعبة بالذات

أطّلت الاعلامية اللبنانية الجميلة غابي لطيف ضمن برنامج “بحث وتحرّي” الذي تقدّمه الاعلامية باتريسيا هاشم و تحدثت غابي بداية عن علاقتها بلبنان، الوطن الذي تعشقه و الذي ما زالت تُنشد حلم العودة إلى أراضيه حتى آخر نفس من حياتها.. و عندما سُئلت عن الوقت المناسب للعودة، لم تتردد بالإجابة أنه السؤال الأزلي الذي لا ينفكّ يطرق بالها و يشغل تفكيرها، فهو الجرح النازف في قلبها و هو بمثابة الحلم الأكبر الذي لا تعرف متى أو كيف سيتحقق..

و عادت غابي فأكدت ما سبق و صرّحت به في احدى لقاءاتها الصحفية عندما سُئلت عن وطنها لبنان فكررت عبارتها الشهيرة: “أنتَ من لبنان.. و إلى لبنان تعود”!

و أشارت الى أنها تعرّفت إلى لبنان منذ الصغر و اكتشفته بأوجهه المتعددة، فهي تحمله أيقونةً أينما ذهبت و حلّت، و هي تعتبر نفسها سفيرة لوطنها الأم و محظوظة جداً بهذه المعرفة الغنية..

هذا و أضافت أنّ لوجودها خارج لبنان ناحية ايجابية، فهي تعمل في مؤسسة اعلامية تمنحها حريتها المطلقة و كل حقوقها الإعلامية و الإنسانية و المواطنية..

في الخارج تعتبر غابي نفسها إعلامية حرّة، سيدة نفسها و سيدة قرارتها الاعلامية، و هذا ما سعت أن تكونه كلّ حياتها.. فهو العامل الأهم بالنسبة إليها في زمن يتعرّض فيه الإعلامي في لبنان لضغوطاتٍ اقتصادية و معيشية تؤدي به إلى كبت حريته و تقييدها و قولبة ذهنيته وفق مصالح جهات نافذة..

و قالت غابي تعزّي غربتها المتّقدة: “لا أستطيع أن أكون منضوية تحت لواءٍ سياسي معين.. أعتبر نفسي حرّة من كل القيود.. و الحرية هي احدى العناوين الكبرى في حياتي التي لا زلتُ حتى اللحظة أناضل من أجلها”.

غابي اعتبرت نفسها محظوظة كونها تمارس المهنة التي لطالما أحبّتها في بلدٍ لطالما أتى بالمرتبة الثانية بعد لبنان بالنسبة إليها، و عبّرت عن سعادتها بالمتابعة الصحفية التي تقوم بها و بالجو الإعلامي الذي تعيش فيه و يغلّفها، و الذي يجعلها تشعر برسالة وطنية تحققها من خلال هذا العمل..

و تساءلت عن سرّ وجودها في باريس قائلة: “هل القدر شاء أن أحمل جزءًا من هذه الرسالة للعالم”؟ و تستشهد بالكاتب جبران خليل جبران الذي كتب باللغة الانكليزية أيضاً لايصال الفكر الشرقي للخارج بطريقة مقروءة و مفهومة لتثني على الدور الفعّال الذي يجب أن يلعبه الإعلاميون و المثقفون و الفنانون خارج الوطن..

عبّرت غابي خلال الاتصال عن تعلّقها بمدينتي بيروت و باريس.. فهي لا تستطيع أن تسلخ نفسها عنهما أبداً، و قلبها دائماً مقسوم بين هاتين المدينتين اللتين يربطها بهما جسر الحنين الذي لا تستطيع أن تسيطر عليه..

و أضافت لطيف أنها تشعر بالمجتمع اللبناني موجوداً خارج حدود الوطن، سيما عندما تتابع عشية كل يوم القنوات اللبنانية كافة، و تأكل الأكل اللبناني و تعيش لبنانيتها على سجيّتها..

تقول غابي لطيف أنّ عتبها كبير جداً على تلفزيون لبنان التي عملت به لمدة ثلاث عشرة سنة، و التي تمّت إقالتها منه برسالة بسيطة دون دفع أي تعويض مادي أو معنوي.. و عبّرت عن هذا العتب قائلة: “شي بضحّك.. ولوْ هيدا شي ما بيصير بالعالم كلّو”!

هذا و نجح الاتصال الهاتفي بين بيروت و باريس بالغوص في معالم شخصية الإعلامية غابي لطيف خاصة عندما كشف عن تعلّقها بالكتب إلى حدّ الجنون و عشقها للكلمات لدرجة قد تغنيها عن أي شيء آخر في الحياة من ضمنها المجوهرات.. و قالت ضاحكة: “إذا بروح ع بيت جديد لأول مرّة، ما بطّلع ع شي بالبيت، بهجم عالمكتبة تشوف شو فيها.. بحب إلمس الكتب و شمّ ريحتن”!

و أضافت أنّ الذي يهمها في الحياة فقط هو سعيها الدؤوب لتطوير نفسها و الوصول إلى نضج معين في التفكير و لسلامٍ داخلي بعد مرحلة صعبة مرّت بها طبعت شخصيتها، شأنها شأن كل اللبنانيين، ألا و هي الحرب اللبنانية..

تحدّثت غابي عن تجربتها الكتابية الأولى التي تُوِّجت بكتاب “بصمات على الهواء” و هو كتاب تضمن المقابلات التي أجرتها خلال مسيرتها الإعلامية الحافلة مع أشخاصٍ لمعوا في مجالاتٍ مختلفة.. و صرّحت أنها بصدد كتابة قصصاً تمثل مراحل من تجربتها الإعلامية، و أعلنت أنها ستتابع سلسلة “بصمات على الهواء” التي قد تصل إلى ستة أجزاء متتالية سوف يصدر منها الجزء الثاني قريباً.. و أكملت أنها قد تطرح فيما بعد موضوع تجربتها على القراء و على الناس الذين يملكون من الذاكرة لاستحضار وجوه لبنان الإعلامية الخالدة..

تختصر غابي لطيف حياتها المليئة بالمغامرات بعبارة واحدة هي: “ضوء و عتمة”..

و تروي للجيل الجديد -الذي لم تتسنّ له الفرصة للتعرّف إليها عن كثب- أنها انسانة دخلت الشهرة حياتها عن طريق “الفجأة” عندما كانت لم تتجاوز ال18 من العمر بعد..

تقول لطيف: “أحببت الشهرة و الشهرة أحبّتني، تأقلمت معها و أحببتها.. دخلتُ عالم التلفزيون و لم أتوقف يوماً عن التصرّف كإعلامية”..

.. تتابع: “صارِت.. حبّيت التلفزيون و التلفزيون حبّني.. صرت متل الفنانة التشكيلية كل يوم إلبس و إتبرّج.. نقي كلماتي.. كنت حقيقية صادقة.. و بعتقد صدقي و تساؤلاتي هنّي اللي شدّوا الأنظار إليّ.. فجأةً أتت الحرب اللبنانية، فشعرتُ بالصدمة الكهربائية التي أشلّتني و أبعدتني، فانتقلتُ إلى باريس التي لم أتوقع يوماً أن أصبح مقيمةً فيها، و عملتُ في إذاعة مونت كارلو التي لا أزال أعمل بها حتى اليوم”..

و تتابع غابي فتقول أنها عاشت مرحلة ذهبية في لبنان لن تتكرّر، فكوّنتها إعلامياً و جرحتها انسانياً و وطنياً.. فعادت انسانة شبه عادية في هذا المجال.. و تقول: “في هذه المرحلة رأيتُ الحياة من منظارٍ آخر، و بدأت أتعلّم الحياة العادية و الطبيعية من جديد”..

هذا و اعترفت أيضاً أنها كانت المرحلة الأصعب التي مرّت بها على الإطلاق، انتقلت خلالها إلى باريس علّها تنسى التلفزيون، علّها تنسى الضوء.. و تقول أنّ ذلك تطلّب وقتاً و جهداً، لكنها تخطّت الوضع اليوم و أصبحت انسانة أقوى تشعر بالصفاء و التوازن و بالاكتفاء بوجودها إذاعياً، مشددة أنها ستتابع مسيرتها حتى النهاية..

و اعتبرت أنّ حتى الجراح في لبنان هي نواة مهمة جداً للمستقبل لأن الحياة مليئة بالجراح..

فهي تعتبر أنّ جراحها و تجاربها التي حملتها معها من لبنان إلى باريس كانت السبب الرئيس بتقويتها لتحمّل المآسي و عيشها لحظات الفرح و التمتع بها..

تناول الإتصال أيضاً موضوع الإعلامية الزميلة ماغي فرح التي اعتزلت الإعلام نهائياً، فعلّقت غابي على هذا الموضوع قائلة: “ماغي صديقة عزيزة، كنّا سوياً في الجامعة، و أنا أدرك كم كابدت في محطاتٍ كثيرة من حياتها لتصل إلى ما وصلت إليه اليوم”..

و تابعت غابي و عبّرت عن تفهمها لاعتكاف ماغي الإعلام في هذه المرحلة بالذات التي وصفتها بالصعبة إعلامياً قائلة: “يمكن بيوصل وقت بحب الإعلامي ياخد مسافة”..

أما من جهتها فقالت غابي أنّ فكرة الإعتزال بعيدة نوعاً ما، كون أنّ عملها الإعلامي مقتصرٌ فقط على الإذاعة، و أنّ طبيعة عملها تسمح لها بالاستمرار كونه لا يتعدّى العمل الصحفي الثقافي الذي يقوم به الإعلاميون اللبنانيون و العرب الموجودون في العاصمة باريس، و الذين يسلّطون الضوء على كلّ جديد على الساحة الفرنسية التي تتطور كثيراً في الآونة الأخيرة.. فصرّحت أن في فرنسا تقوم يومياً أكثر من خمس عشرة تظاهرة ثقافية و فنية عربية مما يعزّز لديها الشعور بالمساهمة بجزء من الحراك الثقافي من وراء الميكروفون..

أما في رسالة إلى الجيل الجديد، تمنّت غابي مستقبلاً زاهراً لجيلٍ أحبّ الإعلام و امتهنه، داعيةً إياه إلى مزيد من الثقافة و التواضع.. كما دعته إلى التركيز على المضمون على الرغم من أهمية الشكل..

تقول غابي: “الإعلام جميل و نحن نتابعه اليوم، و لكن يُشترط أن يكون الإعلامي حقيقيا و صادقاً و أن يبقى كذلك طوال مسيرته”..

أما العبرة الأخيرة فكانت مؤثرة، اختصرت بها غابي لطيف تجربتها الجمّة في الإعلام، و هي أنّ “الإنسان لا يعرف في أي بلد سيُخلق، أو لأي عائلة أو وطن سوف ينتمي.. الإنسان لا يقرّر ذلك، إنما هي الظروف التي تقوده إلى خيارات قد تناسبه أو لا.. ليعود في النهاية و يعثر على خط سعادته و سكينته، فيلمس ذاته و يحاورها..”

أخيراً تمنّت غابي تعزيز التواصل بين إعلاميي الداخل و الخارج من خلال لقاءات تلفزيونية، مؤتمرات و طاولات مستديرة.. و شكرت باتريسيا هاشم على المقال التي كتبته عنها مؤخراً و الذي لمس -إلى حدّ قول غابي- شيئاً فيها و حرّك شعوراً في داخلها..

برنامج “بحث وتحري” من اعداد وتقديم الزميلة باتريسيا هاشم ومن اخراج نضال معتوق يبث كل يوم اثنين، اربعاء وجمعة في تمام الساعة الثانية ظهراً عبر اثير اذاعة ميلودي اف ام 99.9 في تمام الساعة الثانية ظهراً.

استمعوا الى المقابلة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com