زافين قيومجيان يستقبل الرجل الذي هدد بإرتكاب مجزرة
ألقى زافين خلال برنامجه “سيرة وانفتحت” الاثنين الماضي الضوء على تجارب درامية شبابية تبصر النور لاول مرة على شبكة الانترنت. وناقش مع مجموعة من الشباب الهواة ولادة أول مسلسل رمضاني لبناني “اونلاين” بعنوان “بحكي؟”، ومسلسل “من القلب” الذي عرض ايضا عبر الانترنت. كما تحدث عن الفيلم السعودي “مونوبلي” للمخرج بدر الحمود الذي حقق اعلى نسبة مشاهدة على الانترنت عربياً. ولمناقشة هذه الظاهرة استضاف الكاتب والباحث في شبكات التواصل الاجتماعية المقيم في لندن فيصل عباس.
كما استقبل في بداية الحلقة، السيد جان فارس الذي كان قد اتصل في الحلقة السابقة وتحدث عن محاولاته العديدة للانتحار, وتطرق معه الى تخطي السيد فارس هذه الازمة التي نتجت عن ادمانه على لعب الميسر.
لكن المفاجأة كانت في بداية الحلقة حين استقبل زافين رجل يدعي محمود حضر خصيصاً ليبلغ زافين انه بصدد القيام بجريمة قتل.
في بداية الحلقة تحدث السيد جان فارس عن يأسه الذي اوصله إلى محاولة الانتحار مرات عدة. وقال: “كل انسان معرّض للوصول الى مرحلة اليأس والتفكير بالانتحار بسبب الضغط النفسي والعصبي. وهو اذا لم يجد شخصاً يقف الى جانبه فسيضيع حتماً. أنا ضعت بسبب القمار لانني كنت استدين، ووصلت الى مرحلة لم اعد استطيع خلالها تسديد كل ديوني، ولولا وجود زوجتي في حياتي لكنت مت”.
وصلت ديون فارس إلى حدود 150 الف دولار، فشعر بالذلّ والاحتقار، فحاول ان ينهي حياته لانه لم يستطع سد العجز الذي وصل اليه. يقول فارس:”شعرت بالذل خصوصاً عندما كنت ابحث عن مَن يسلفني نقوداً لأسدد خسارتي. لعبت القمار في كازينو لبنان، وظننت للوهلة الاولى انني سأجلب الكازينو وما فيه من شركات واموال الى منزلي، ولكن اكتشفت بعد فترة أن للقمار اربابه وانا لست منهم. هناك اشخاص كثيرون يقتلون انفسهم بسبب القمار واشكر الله انني في تلك الفترة وجدت من ينقذني من الهلاك”.
حاول فارس الانتحار أكثر من اربع مرات عبر تناول كميات كبيرة من الادوية، لكن تهديدات زوجته واولاده بالانتحار ايضا منعته من تكرار المحاولة. وأكد فارس على اهمية وجود انسان جيد في حياة الشخص الضائع واليائس، وشكر زوجته واولاده ومن ساعده على عاطفتهم ووقوفهم الى جانبه. فارس ترك القمار وعاد الى حياته الطبيعية وأكد ان الادمان على القمار اصعب من الادمان على تعاطي المخدرات، لانه يذل صاحبه ويدمره .
بعد فارس استضاف زافين محمود، الرجل الذي كان قد اتصل خلال الاسبوع بفريق عمل البرنامج بعد عرض حلقة تناولت موضوع جريمة رأس النبع التي راح ضحيتها ام واولادها الخمسة، وابلغهم انه يريد ان يشارك في الحلقة المقبلة من البرنامج والا ارتكب جريمة وارسل الى زافين فاتورة تؤكد شراءه بندقية من نوع “بامب اكشن “.
وكان محمود، وحسب قوله، تعرض لحادث سير دخل على أثره في غيبوبة افاق بعدها يعاني من عدة اضطرابات نفسية. بعد هذه الحادثة اشترى منزلاً وسجله باسم زوجته، لانه لا يضمن نفسه وسلوكه في المستقبل، وهو يريد ان يضمن حق اولاده الاربعة في البيت.
قال محمود لزافين: “بعد هذه الحادثة تشاجرت مع زوجتي وطلقتها، وبسبب هذه الخلافات اعتدى عليّ ابن اختها سبع مرات وضربني أمام أولادي، وبات يهددني بالقتل وبحرق سيارتي، وطردني من بيتي ورمى ثيابي هو وطليقتي خارج المنزل. لم اعد استطيع تحمل ممارساته ضدي ولجأت الى القضاء ورفعت عدة دعاوى لاسترداد منزلي ولكف اعتداءاته عني، ولكن لم ينصفني أحد. حتى ان القوى الامنية لم توقفه رغم حصولي على اربعة تقارير طبية تفيد بأنني تعرضت للضرب من قبله.”
حضر محمود للحديث عن ما يؤلمه وما يعاني منه، حتى لا يقدم على فعل جريمة بحق عائلته ومن يقف في وجهه. وقال:”لجأت الى البرنامج حتى اوصل صوتي الى كل من يعنيه الامر وخصوصا القضاء الذي آمل ان ينصفني”.
طالب محمود, الذي أكد انه يريد ان يعيش مع اولاده الاربعة بأمان، باسترداد بيته وكف يد الشاب الذي يعتدي عليه عنه، وقال انه اشترى بندقية صيد لهذه الغاية: “أنا احب عائلتي ولست مجرماً ولكن اشتريت بندقية كي ادافع عن نفسي، واذا لم يحمني القضاء ويعطيني حقي سأرتكب جريمة واحصّل حقي بيدي”.
بعد هاتين القصتين عاد زافين لطرح موضوع الحلقة الاساسي، فبدأ الحديث مع فريق عمل مسلسل “بحكي؟” الرمضاني وسألهم عن تجربتهم الفريدة وكيف انهم حاولوا من خلال هذا المسلسل الذي امتد لثلاثين حلقة، تقديم صورة مختلفة عن الاسلام في ظل موجات التطرف والتعميم والتمييز.
محمد طبارة، مخرج المسلسل، قال ان ما قاموا به هو عبارة عن وسيلة للتعبير عن انفسهم وعن افكار الشباب التي لا تلقى عادة منبراً حراً لها. اما صاحبة الفكرة، ريهام قوّتلي، فقالت انها فكرت بالتطرق لهذا الموضوع لانها شعرت بحاجتها لايصال فكرة معينة للناس، وهي اختارت اليوم موضوع الاسلام وغدا ستختار موضوعا يهم الناس ايضا. واضافت ريهام انها اختارت الانترنت كوسيلة لعرض المسلسل لانها الوسيلة الاقرب الى الشباب والاوسع انتشارا فيما بينهم. كما تحدثت نعم قاطرجي، التي شاركت في تصوير ومونتاج الحلقات، عن اقبال الناس على المسلسل والنتائج الايجابية التي لقيها.
وعرض زافين خلال الحلقة مقتطفات من المسلسل وناقش مع الحضور الافكار والمفاهيم التي طرحت من خلاله.
اما بالنسبة لمسلسل “من القلب” فقد استضاف زافين عددا من المشاركين فيه، الذين تكلموا عن هذا العمل الدرامي الذي يقدم خدمة للعمل الانساني، من خلال تسليط الضوء على حاجة اللبنانيين للتبرع بالدم من دون مقابل .
وفي هذا الصدد تحدث رجا طويل وجود شهاب واحمد فتاح وريتا شعبان ومجموعة كبيرة من الحضور عن المسلسل، وقالوا انه ترك انطباعا جيدا لدى من شاهده، وقد حقق حتى الان ما يقارب 5000 دخول او مشاهدة، واضافوا ان الهدف منه رفع عدد المتبرعين بالدم من الرقم الحالي البالغ 30 الف متبرع الى 50 الف متبرع وقال رجا طويل، مخرج الفيلم، انه ينوي عرض الفيلم على شاشات التلفزيون وشكر الممثلين المخضرمين الذي شاركوا في هذا الفيلم جون اي مقابل .
وعن الفيلم السعودي “مونوبلي” الذي وصل عدد مشاهديه الى مليون مشاهد خلال اسبوعين فقط ، قال مخرجه بدر الحمود :”ان الهدف من الفيلم ليس تسويق الافلام السعودية وترويجها بقدر ما هو رسالة لالقاء الضوء على هموم الشباب وازمة السكن واحتكار الاراضي والعقارات في السعودية وقد حقق الفيلم غايته ولقي ردود فعل ايجابية لدى فئة كبيرة من الناس والمسؤولين”.
واضاف الحمود انه اختار الانترنت كوسيلة لعرض الفيلم بسبب تمتع هذه الوسيلة بحرية اكبر وعدم خضوعها لسيطرة اي شخص،واكد تفضيله الانترنت على التلفزيون حتى لا يخضع لاهواء اصحاب المحطات وسيطرة مموليها:” للتلفزيون حدود زمنية وفكرية فيما لا يوجد ذلك في الانترنت. هو عمل حر بكل معنى الكلمة ويقصده من يريده بكل قناعة.”
ولمناقشة هذه الاعمال الثلاثة، تحدث زافين مع الباحث في مجال شبكات التواصل الاجتماعية فيصل عباس وناقش معه عدة نقاط ابرزها : اهمية دخول الانترنت على حياتنا، مدى مواكبة العالم العربي لما يحصل في العالم، هل الفيديو والمسلسلات على الانترنت ستنافس الدراما التلفزيونية؟ فرأى عباس انه لا يمكننا المقارنه بين الانترنت في العالم العربي والانترنت في اوروبا واميركا لان هناك فرقاً شاسعاً فيما يتعلق بالخدمة والسرعة. وقال ان ما يحصل في الدول العربية من اعمال على الانترنت طبيعي جدا ومواكب لما يحدث في العالم ككل. واذا نظرنا بشكل عام نكتشف ان حوالي 8 ملايين فنان تم اكتشافهم في العالم من خلال موقع “ماي سبايس” فقط. هناك موجة عامة تسير في العالم وهذه من مميزات الاعلام الاجتماعي الذي يزيل كل الحواجز.
اما بالنسبة لتجربة الشباب في مسلسلات ال”اونلاين” فقال: “ان الشباب المتحمسين لديهم فرصة كبيرة لانتاج الاعمال التي يريدونها وعرضها عبر الانترنت، وهو يعطيهم حرية وسهولة اكبر للتعبير. مثلا فيلم “مونوبلي” السعودي لقي اعلى نسبة مشاهدة عربية خلال اسبوعين، علما انه لا يوجد سينما في السعودية والانترنت تحقق نتائج جيدة لهذا الفيلم .
لقد بات الانترنت والمواقع الموجودة فيه مثل “ماي سبايس” و”اليوتيوب” وغيرها، مواقع للتجارب ولمعرفة الاصداء على اي عمل، وباتت الشركات تعرض اعمالها عليها لمعرفة نسبة الاقبال والمشاهدة.
واضاف عباس ان سياسات الدول العربية وطبيعة الحكم فيها دفعت الشباب نحو الانترنت الذي بات المتنفس الوحيد لهم. وعن مدى وجود محطات تلفزيونية تنتج مسلسلات لعرضها على الانترنت قال:” نعم هناك محطات تلفزيونية تنتج مسلسلات خاصة بالانترنت وذلك بهدف بناء مشاهدين على مواقعهم لانه يوجد قناعة لدى كثير من الناس ان مستقبل الاعلام سيكون على الانترنت. هذا خطأ لان الانترنت لا يلغي دور التلفزيون ولا الصحيفة او غيرها، ولكن الفرق هو بدل ان تشغّل التلفزيون تستعمل الانترنت. ولا بد من الاشارة انه على الانترنت يوجد فرص متكافئة بين العمل الحر وعمل الشركات الكبرى، ولم تعد ضخامة الانتاج والتقنيات تستطيع ان تنافس الاعمال الحرة والفردية.
وعن رقم مليون مشاهد لفيلم عربي، مدته 20 دقيقة على الانترنت، قال عباس انه رقم كبير ولكن اذا اردنا التحدث عالميا تمثل اللغة العربية نسبة 1% من المحتوى على الانترنت، وفي هذه الحالة يمكن ان يكون هناك في المقابل عمل اجنبي جذب 15 مليون مشاهدة. لكن الرقم مليون بالنسبة للعرب رقم لا يستهان به ويعتبر انجاز.
وردا على سؤال عما اذا كانت الدراما على الانترنت ستقضي على الدراما التلفزيونية قال:” لا شك انها ستنافسها، الميزة بالانترنت انها تعطي فرصة للجميع للاختيار. أما في التلفزيون فهناك من يختار مسبقا ويقيّم البرامج التي ستعرض ويحدد توقيتها”.
وأضأف:” اعتقد ان ثورة الانترنت في العالم العربي مستمرة وتحتاج لقليل من الوقت حتى تتفاعل اكثر. فمثلا احصاءات العام 2009 افادت ان مستخدمي الانترنت في العالم العربي خلال سنة كاملة كانوا حوالي 40 مليون شخصاً، فيما قناة الجزيرة الناطقة بالعربية تحقق هذا العدد في يوم واحد. ان نسبة النفاذ الى الانترنت بالتوازي مع سرعة الاتصال مع التطورات التقنية ومع الانفتاح الذي يحصل متوقع ان يصل في العام 2015 الى مئة مليون شخص واعتقد اننا سنبدأ بلمس هذا التغيير الفعلي من اليوم وحتى العام 2015.”
وختم عباس بالقول انه في موضوع الانترنت، نحن نعرف اين بدأنا ولكن لا يمكننا ان نعرف اين سننتهي ولا يسعنا سوى التفاؤل.
وفي بداية نقاش حول موضوع الحلقة واستضافة زافين لرجل هدد بتنفيذ جريمة في حال عدم استقباله على التلفزيون، كتبت الزميلة فيكي حبيب مقالة في صحيفة الحياة يوم الاربعاء في 28 ايلول سبتمبر 2011 تحت عنوان : ضيف طارئ، هذا نصها:
لم يكن زافين قيومجيان ليفوّت عليه «صيداً ثميناً» مثل ذاك الذي علق ليل أول من أمس في صنارة برنامجه الأسبوعي «سيرة وانفتحت»: مريض نفسي يُهدد علناً: «إما اطل في البرنامج وإما ارتكب جريمة بحق عائلتي». تصريح لم يجد زافين امامه إلا الرضوخ، خصوصاً ان الأنظار لا تزال متجهة في لبنان الى حادثة قتل مروعة ارتكبها شاب قبل أيام بحق 7 من أفراد أسرته. من هنا، وعلى وقع هذا المستجد، عدّل صاحب «سيرة وانفتحت» حلقته بإضافة فقرة لا علاقة لها بالعنوان العام (مسلسلات أونلاين)، حلّ عليها صاحب التهديد ضيفاً، وكرر خلالها أكثر من مرة على مسمع ومرأى مشاهدي تلفزيون «المستقبل» انه قد يرتكب جريمة في أي وقت ان لم يعد إليه حقه ويسجن المعتدي عليه. ولم يجد الضيف الطارئ حرجاً في ان يضيف انّ لديه استعداداً لارتكاب هذا الجرم نظراً لحالته النفسية غير المستقرة بعد حادث سير تعرّض له، وكانت نتيجته دخوله أياماً في غيبوبة، قبل ان تسلبه زوجته منزله وتطرده منه.
أياً يكن الأمر، وسواء كان الرجل يُدرك ما يقول أو يتكلم كنوع من «فشة خلق» يمكن ان يستنتجها المشاهد من طريقة كلامه والدموع التي انحبست في عينيه أو حتى قوله في ما بعد انه لا يستطيع ان يؤذي نملة، لا شيء يُبرر فتح زافين هواء برنامجه، أمام مثل هذه الحالة، حتى وان وصلته فاتورة السلاح الذي اشتراه الرجل، ما جعله يستجيب لرغبته، كما قال.
ربما أراد زافين تجنب الأسوأ، كما أشار مواربة في الحلقة، وربما وجد في الحكاية إثارة قد تعود بالفائدة على برنامجه، كما بدا من طريقة أسئلته، وفي الحالتين تغيب المسؤولية الإعلامية. فهل يدرك زافين خطورة ان يصدر كلام من هذا النوع عبر منبر مفتوح؟ وهل يعي حجم الورطة القانونية التي قد يضع بها ضيفه في حال تحركت النيابة العامة سنداً للتهديد الواقع على الهواء؟ ثم، هل يمكن ان يمر مثل هذا الكلام من دون حسيب، خصوصاً ان هناك نية جرمية ظهرت معالمها بشراء السلاح والمجاهرة بتنفيذ الجرم؟
هنا يعود السؤال القديم – الجديد: الخبر المسؤول أم الخبر المثير؟ ولا شك في ان عالم الفضائيات العربية الذي يزخر بكمّ هائل من الشاشات والبرامج التي تتنافس في ما بينها لدخول بيوت ملايين العرب، ينحو أكثر فأكثر الى الخيار الثاني… وعلى المسؤولية السلام.
برنامج سيرة وانفتحت
إعداد وتقديم زافين قيومجيان
يعرض الاثنين 9:30 ليلا بتوقيت بيروت والمملكة العربية السعودية