زاوية القراء – الشرّ المستتر
التحفت الخوف عباءة أستر بها شرّ شراستي، شراهتي للرفض، لمعاندتك، لمخالفتك الرأي لمقاومة رغباتك لطردك من قفص مصيري.
أوصَدتَ منافذ حريتي، قوَّضت شغف نقاشاتي، لَجَمْتَ صخب مشاكساتي، أبكَمت رعونتي وأهديتني قلادة مفاتيح خلاصي. رميتها، أَبَيت اطلاق سراحي من سجني أحببت عذاباتي معك، اعتدت عبوديتك.
استنفَذت طاقاتي، دمَّرت مواهبي، أفرَغت ثقتي من نفسي، لوَّنت أوقاتي بالسواد أياماً ويوماً ببياض ترقّطه سريعاً بقعات غضبك القاتمة، ذوّقتني العسل بالقطّارة والعلقم فيض شلاّل.
نهبت صباي ومفاتني، شلّيت نشاط قوامي، سحقت عنفوان عزيمتي، لعقت بريق وجهي، أضرمت شرارات نارك في قلبي أرديته قتيلاً، اضمحلّ رماداً…
رميتني فارغة، صلعاء، باهتة، مفككة، بالية قادني حبّي الى انهياري، قدسيتك طوّبت هلاكي، قبعت زاويتي أغني ذكرياتي، انتفخت جفوني من بكائي . يا ويلي أضعت فؤادي.
عدت بعد نزفي وتقوقعي في سرير الاحباط اشتهي جلاّدي ، أشتاق لمخالبه تغرز قوياً تهشّم براءتي، تصفع طفولتي، تخنق أنوثتي، توقظ وحشي الباطني يستشيظ، يتمرّد، يستفرس يسن أنيابه يُذعر قوّاده تتسربل خطواته للوراء معتذراً متوسلاً الفرار، يستفرس وحشي يغويه عطر دماه ينقضّ يطبع بصماته على مساحة غطرسته وتقاسيم جشعه وأنانيته، يعوي ألماً ولا من يبالي ينقر مسامه وخزة ينتقم فيها لسنين الخوف للحظات الذعر وأخرى لقهرالخيانة وذل الرضوخ والقضمة القاضية لمصدر الاستفحال يبتره ويصخب زئير البكاء.
يحنّ وحشي يتلاشى جبروته، تنهمر دموعي تطيّب ندوبه… أقّبل عنقه أشد على الوتر أقطعه، أتلذذ باجتراع خمره حتى آخر قطرة دم وماء، أودّع أجزاءه وأودع قبلاتي قربه أنثرها بخوراً يرافقه، يطهّر مثواه الاخير …