إلى محمود شكري

كل ما غمر قلوبنا و اعتلى صدورنا جراء صمتك ورد فعل ذويك ومحبينك وكل من وقف وراءك في ضلالك، كل ذلك القهر والحزن الذي شعرنا به خلال الأشهر المنصرمه..اعلم أنه تضاعف آلاف الأضعاف بعد ظهور الصور الأخيرة لرامي في إحدى المستشفيات.

لأنه ولأجل دفعك للخروج عن صمتك الآثم وإثبات الحقيقه جعلت البعض -ممن آلمهم سكوتك عن الحق وتماديك في الظلم- جعلتهم يضطرون إلى نشر مثل هذه الأدلة الموجعه التي سكبت فوق الجروح ملحاً أرّق ذوي رامي وجميع محبيه..صور لم تكن لتنتشر جهرة أبداً لولا صمتك المخزي.. لماذا؟ لماذا تركت الأمر يصل إلى هذا الحد؟ ألهذه الدرجة صعُب عليك أن تقول جملة صغيرة تحق فيها الحق و تبطل الباطل؟ أصعب على يدك الكسيره التى تخط على لوحة مفاتيحك وعلى صفحات معجبيك عبارات الشكر والتقدير.. أصعب على ذات اليد أن تخط بياناً صغيراً تقر فيه ببراءة رامي من قيادة سيارتك ؟!! ألم يكن مثل هذه الفعل البسيط ليوفر علينا كل هذا الألم والحسرات المتتالية.

من أنت ومن ماذا جُبلت؟ أليس هذا صديقك الذي أتاك فرحاً وكله أمل في أن يقضي في ضيافتك فترة يعدها بعد ذلك من أجمل أيام عمره..ولكنه بدلاً عن ذلك قضى ليلته الأولى ممداً على لوح قذر في غرفة أقذر..ولا أقول أن هذا كان ذنبك أو مسؤوليتك.. ولكنني فقط أتساءل: ألم تحرك فيك هذه الصور شيئاً؟ أما شعرت أنه آن الأوان لتنطق؟ ماذا تنتظر أكثر.. أن يذوب قلب أمه و تذوب قلوبنا؟ أن تصيبها لوثة من هول ما ترى في كل يوم وتسمع في حق ابنها؟ أن تستمر هذه الأحداث متوالية حتى تُلحق يا شكري قدراً غير بسيط من محبين رامي به ألماً وغصة ؟

من أنت قلي؟ بل عفواً ماذا أنت؟ مم صُنعت؟

أتعلم شيئاً..بعد ما طرأ في الفترة السابقه لم يعد اعترافك طوق نجاة سيعيد محبة الناس واحترامهم لك..حتى إن أفقت الآن وتكلمت..حتى وإن صحى ضميرك وقلت الحقيقه..سيريحنا قولك الحقيقه ولكن لن تتحسن صورتك بعد الآن..ولا أظن بأن ضميرك سيرتاح يوماً..أتدري لماذا؟! لأن ثمن هذه الحقيقة كان غالياً جداً ..دفعه رامي وأهله من خصوصيته وحرمة موته وحقه في الستر ..وثمن دفعه كل من أحبه من مشاعرهم وقلوبهم التي باتت تنكسر كل يوم وتنزف حتى الموت

ولا تظن أن توبتك ستمحي كل ما فعلته وكل ما تسببت فيه من أوجاع..حتى وإن سامحك رامي وسامحتك أمه وذويه..هل كنت تظن أنه بسكوتك المشين كنت تظلم رامي و اهله فقط؟؟ استفق يا شكري فأنت تظلم و تؤلم الآلاف من محبي ذلك الملاك..آلاف قلبت حياتهم رأساً على عقب منذ أن فارقنا رامي مظلوماً بتهمة لم يرتكبها..آلاف أصبح جرمك واقعاً على شخص كل واحد منهم..هل تنتظر أن تعفو عنك هذه الجموع الغفيرة من محبي رامي؟

أنا شخصياً لا أسامحك..نعم لا أسامحك..وقد تسألني من أنت حتى أنتظر منكِ السماح ؟ وها أنا اقولها لك: أنا لاشيء ، أنا لست سوى محبة لرامي ..رحيله الدامي أيقظ مضجعها وصمتك الملطخ بدمائه آلم لياليها وخيانتك و الظلم الذي لحق به جعلا الحياة تظلم في عينيها وباتت تخاف الخلان و الأحباء قبل الأعداء ..لست سوى محبة لرامي قلبتَ حياتها وصادرتَ فرحها منذ رحيله جراء تهورك ومن ثم ظلمك له لا لذنب ارتكبه غير أنه أحبك وأجلّك وأدخلك حياته معززاً مكرماً ..لم تلبث بعدها أن أخرجته من حياتك كسيراً مهاناً

ولتتذكر يا شكري أن الله يقبل التوبة و يعفو عن التقصير في حقوقه..لكنه لا يعفو عن حقوق عباده ما لم يعفي المظلوم و المأخوذ حقه..وما أصبرك على عقابه وأنت ترى كم من حق سلبت و كم من عين أبكيت جراء صمتك..وأظنك تعلم أن العبد قد يأتي يوم القبامه بمثقال الأرض و السماء من الحسنات من صوم وصلاة وصدقة ثم بلمح البصر يجدها قد أصبحت هباءً منثورا وميزان حسناته وفضائله أضحى قاعاً صفصفاً لأنه أكل مال هذا وأخذ حق هذا وظلم هذا..فيأخذ جميع من آذاهم من حسناته حتى لايبقى له منها شيء..وانظر كم من الآلاف أنت ظلمت

وأكررها لك: أنا لااسامحك..وبيني وبينك رب العزة و الجلالة ليأتي يوم اقتص فيه حقى منك أمام الله وامام خلقه..ويقتص غيري حقهم ممن أصابهم مصابي..وتكفيك حتى تفيق -لو أن لك قلباً- أن تأخذ جولة صغيره بين الصفحات لترى فيها كمّ الداعين عليك والداعين الله بأن يأخذ حق رامي وحقهم منك ..في اليوم ملايين الدعوات..و بالطبع لا أظنك ترى مثل هذه الدعوات وانت كل ما تظنه أن الدعوات هي فقط تلك الصادره من مؤديك ومناصريك الذين يلهجون لك دعاءً بالشفاء العاجل وجبر كسور جسدك ناسين كسر ضميرك الذي يستحق دعاءهم..فلتطلب منهم أن يدعو لك بالهداية و الصلاح لأن دعاءهم بالشفاء والحياة المديده ليس بالضرورة دعاء خير..فكم من شيخ طال عمره وزانت صحته وهو من أهل الضلال و الثبور وكم من شاب مات يافعاً وهو من أهل النور وأصحاب النعيم و الجنة.

ان مجلّة بصراحة الالكترونية أفسحت بالمجال أمام قرّائها لإرسال مقالاتهم على اختلاف مواضيعها ولغتّها ونشرها والسماح بالتعليق عليها تشجيعاً منها لهؤلاء وايماناً منها بحرّية الرأي والفكر.
الا ان مجلّة بصراحة الالكترونية تحتفظ بحقّها في نشر او عدم نشر اي موضوع لا يستوفي شروط النشر وتشير الى ان كل ما يندرج ضمن “بريد القرّاء ” او mailbox لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة التحرير وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.
لإرسال مقالاتكم ، الرجاء مراسلتنا على mailbox@new2.bisara7a.com

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com