خاص من القاهرة- دُرّة: الخسارة بسبب “وين صرنا “عن فلسطين، مكسب إنسانيّ
أقيمت النّدوة الحواريّة، عن الأفلام الفلسطينيّة واللبنانيّة قصص الهويّة والبقاء، ضمن فعاليّات مهرجان القاهرة السّينمائيّ بدورته الخامسة والأربعين، بحضور الممثّلة التّونسية دُرّة زروق والمخرجة اللبنانيّة مريم الحاج والمخرجة الفلسطينيّة مي عودة والمخرجة نجوى نجّار.
إنطلقت النّدوة، بدقيقة صمت حدادًا على أراوح شهداء لبنان وفلسطين، ثم تحدّثت دُرّة عن تجربتها الإخراجيّة الأولى في فيلم “وين صرنا”، الذي عُرض ضمن فعاليّات المهرجان، إذ قالت إنّ دافعها لتقدّم فيلم “وين صرنا” ليس حبّها للسّينما أو للإخراج فقط، إنّما رغبتها أن توثّق من خلال الفنّ والسّينما، ما يحدث في فلسطين، لأنّ هناك محاولة لطمس الهويّة الفلسطينيّة.
كما لفتت “دُرّة”، إلى أنّها تربّت وتعلّمت أنّ القضيّة الفلسطينيّة هي قضيّة كلّ عربيّ وكلّ إنسان حسّاس سيشعر بما يحدث.
وأضافت “درّة”، أنّ قصّة العائلة الفلسطينيّة التي سردتها في الفيلم لمستها، لذلك حاولت أن تعبّر عنها باللغة التي تملكها وهي اللغة الفنّيّة والسّينمائيّة، كما أشارت إلى أنّ الأعمال السّينمائيّة هي عبارة عن وثائق تعيش وتوثّق ما يحدث سواء من داخل فلسطين أو من خارجها، كما أنّها بمثابة كلمة حقّ لأصحاب الحقّ.
وأضافت أنّه من المهمّ أن نتكلّم بلسان أصحاب الأرض، لافتةً إلى أنّها سمعت كلمة مؤلمة جدًّا قالها أحد الأجانب وهي “أنّ ليس هناك وجود للشّعب الفلسطينيّ”، لذلك أشارت إلى أنّه من المهمّ وجود أعمال تتحدّث عن فلسطين وأهلها.
من جهة أخرى، قالت دُرّة إنّ الإنسان الذي يوضع في قالب معين فهذا يحدّ من حريّته، لذلك يجب التّصدّي للصّورة النّمطيّة للفلسطينيّين وهي صورة استدرار التّعاطف، لافتةً إلى أنّ السّينما تقدّم الموضوع بشكل ذكيّ مؤكّدة أنّها ضدّ الخطاب المباشر النّمطيّ الذي يتسوّل التّعاطف، مشدّدةً على أنّ السّينما تلقي الضّوء على تفاصيل إنسانيّة أكثر.
وعن التّجربة الشّعوريّة في الفيلم قالت دُرّة، إنّها ًاختارت أن يكون الفيلم وثائقيًّا، خاصّة أنّه يتضمّن لحظات حقيقيّة تعبّر عن قصّة أبطال الفيلم. لافتةً إلى أنّها عاشت مع أبطال العمل مشاعرهم وحاولت أن تنقلها إلى الشّاشة.
كما أشارت دُرّة إلى أنّها واجهت صعوبة في تصوير المشاهد الحقيقيّة في الفيلم وبنفس الوقت الحفاظ على جودته الفنّيّة، لافتة إلى أنّها لم تخاطر بحياة أحد من أبطال الفيلم خصوصًا أنّ منطقتهم وهي منطقة “تلّ الهوى” في غزّة مدمّرة كلّيًّا ولم يكن من الممكن التّصوير فيها، ممّا دفعها إلى الاعتماد على بعض المقاطع التي تعبّر عن ذكرياتهم وهي من تصويرهم.
من جهة أخرى، قالت دُرّة، ردًّا على سؤال، إنّها تتقبّل أيّة خسارة فنّيّة في حال وُجدت بسبب تصويرها فيلم عن فلسطين، مؤكّدةً أنّها تعتبر تلك الخسارة مكسبًا إنسانيًّا بالنّسبة إليها.
ولفتت دُرّة، في إطار النّقاش حول الفيلم، إلى أنّ الهويّة والبقاء هاجسٌ لديها وهما عنوان رسالة الماجيستير الخاصّة بها في العام ٢٠٠٣، في جامعة القديس يوسف في بيروت، لافتةً إلى أنّها زارت في ذلك الوقت المخيّمات الفلسطينيّة وتعرّفت إلى ساكنيها، مؤكّدةً أنّها لا تدّعي قدرتها على تمثيل الهويّة الفلسطينيّة أو الحديث عنها، بل قدمت فيلمها بحُبّ، ومن الممكن أن تقدّم عملًا روائيًّا عن مواضيع أخرى تتعلّق بالموضوع.
من جهة أخرى، قالت دُرّة إنّ القضيّة الفلسطينيّة لا يمكن أن يتِمّ حصرها في فيلم واحد، إنّما يمكن أن نقدّم في الأفلام قصصًا إنسانية. وأبطال فيلمها هم فلسطينيّون يعيشون في مصر، مؤكّدةً أنّ المشاعر الحقيقيّة تكون نابعة من أصحاب القضيّة أنفسهم مثل الطّفلة التي شاركت في فيلمها وقالت لها إنّها حرقت دفاترها الدّراسّية للحصول على الدّفء وهذه لحظة مؤثّرة.
من جانبها، تحدّثت المخرجة اللبنانيّة مريم الحاج، في كلمة مؤثّرة جدًّا عن الوضع في لبنان، إذ أكدّت أنّ النّدوة مهمّة جدًّا، لافتةً إلى أنّها صوّرت فيلمها في الأعوام السّابقة في ظلّ استغرابها من قدرة الشّعب اللبنانيّ على الصّمود والوقوف على قدميه من جديد بعد كلّ حرب تمرّ عليه، ووثّقت ذلك من خلال عدستها. لافتةً إلى أنّ هذه الصّورة النّمطيّة عن اللبنانيّ الذي يتحدّى الظّروف ويقف من جديد بعد كلّ محنة تزعجها وكأنّها أصبحت سببًا لإقامة الحروب ضدّه.
كما أكّدت مريم الحاج، أنّها كمخرجة تهتمّ بأن توصل الرّسالة عن لبنان أو فلسطين بشكل سينمائيّ قويّ، لافتة إلى أنّها لا تسمح لنفسها بتصوير أيّ عمل يشبه الرّيبورتاج لأنّ المخرج السّينمائيّ يقدّم أعماله بنظرة مختلفة عن المصوّر الصّحفيّ، لذلك فإن مهمّتها عدم تثقيف الأجانب فقط إنّما تقديم عمل سينمائيّ كامل متكامل.
الجدير بالذّكر، أنّ فيلم “وين صرنا” وهو فيلم وثائقيّ أخرجته وأنتجته الممثّلة درّة زروق في أولى تجاربها الإخراجيّة والإنتاجية.
الفيلم مدته تسعة وسبعون دقيقة يحكي عن نادين، إمرأة شابّة من غزّة، وصلت إلى مصر بعد ثلاثة أشهر من الحرب، برفقة ابنتَيها الرّضيعتَين، اللتين أنجبتهما قبل الحرب ببضعة أشهر بعد معاناة خمس سنوات. في مصر تنتظر زوجها الذي لن يتمكن من الانضمام إليها إلّا بعد شهريَن.
درّة أصبحت أوّل ممثّلة تقوم بالإخراح بين بنات جيلها وأوّل ممثّلة تقدّم فيلمًا وثائقيًّا كمخرجة.
تابعوا قناة bisara7a.com على الواتساب لتصلكم اخبار النجوم والمشاهير العرب والعالميين. اضغط هنا
وكانت درّة قد كتبت في وقت سابق عبر “إنستغرام”: “يشرّفني ويسعدني اختيار فيلمي “وين صرنا؟” ليشارك رسميًّا في مهرجان القاهرة السّينمائيّ الدّولي وهو فيلم وثائقيّ طويل أهمّ وأصدق تجربة سينمائيّة وإنسانيّة حاولت فيها تقديم رؤيتي لقصّتهم وصوتهم ومشاعرهم، لأنّ الموت أحاط بهم وهم يستحقّون الحياة، لأنّ التّهجير فُرِض عليهم وهم يستحقّون الوطن. أردت أن أسخر بحبّ ما في استطاعتي لتخليد لحظة فارقة، لأترك بصمة مهما كانت صغيرة ضدّ نسيان حكايتهم لأنّهم ليسوا أرقامًا ولأنّهم في نظري الأجمل والأقوى والأحقّ، أردتهم أن يكونوا أبطال الفيلم الأوّل من إخراجي وإنتاجي. شكرًا لكلّ من آمن بالفيلم ودعمه بأيّ شكل ولكلّ فريق هذا العمل الخاصّ الذي اتمنّى أن يصل لأكبر قدر من النّاس”. (شاهدوا الفيديو)