رأي خاص – “أعلى نسبة مشاهدة” رسالة مفتوحة هادفة الى مجتمع نخره سوس السوشال ميديا
حرصت كاتبة المسلسل المصري “أعلى نسبة مشاهدة” سمر طاهر، على نقل واقع السوشال ميديا المأزوم بأمانة كبيرة، فلم يكن الواقع ليُترجم الى مسلسل بهذه الروعة لولا عمق تحليل الكاتبة ومعرفتها بدهاليز مواقع التواصل الاجتماعي، وإلا كنا شهدنا على سقوط المسلسل وخروجه من المنافسة الرمضانية، إلا ان الكاتبة غاصت في تفاصيل حياة ال “تيك توكيرز” وخرجت بمعالجة ابداعية وضعت الاصبع على جرح جيل كامل من الشبّان والشابات…
المعالجة النفسيّة والاجتماعية في المسلسل قد تكون الأهم على الاطلاق لا سيما فيما يعني اسباب هوس الشباب بمواقع التواصل الاجتماعي ولهثهم المستميت وراء المال السهل والشهرة السريعة التي قد تكلّفهم احياناً حياتهم ومستقبلهم.
نجحت الكاتبة سمر طاهر في استئصال هذا الورم الخبيث الذي ينخر منذ سنوات في عظام مجتمعاتنا العربية ووضعه امام مشاهدي رمضان لأجل تشريحه ووضع التشخيص المناسب واستخلاص العلاج. ولعلّها من المهام الأصعب في الدراما التي نادراً ما تكون هادفة وتخرج بعلاجات وعِبر ودروس حياة كوننا في السنوات الاخيرة نعاني من مواضيع المسلسلات التي اقتصرت على المافيات والقتل والعنف بعيداً عن هموم بيئتنا ومجتمعنا، فأعاد مسلسل “اعلى نسبة مشاهدة” خلط الاوراق هذا العام مسلّطاً الضوء على اكثر المواضيع الاجتماعية اثارة للجدل والقلق والخوف .
ومع بلوغ المسلسل حلقته الـ ١٣ وجّهت الكاتبة رسائلها الاجتماعية في اكثر من اتجاه، داعيةً الشباب المتورّطين بالسوشال ميديا، عائلاتهم ومجتمعاتهم الى حلقات حوار دراميّة جِديّة طارحةً المعضِلات ومقترحةً الحلول ومخلّفةً مساحات فارغة لتصول وتجول فيها الافكار البنّاءة دون ادانة جهة او تبرئة اخرى، انما داعيةً الجميع بذلك الى تحمّل مسؤولياتهم.
فالشابة شيماء (سلمى أبو ضيف) التي دخلت عالم “تيك توك” بالصدفة وجدت نفسها غارقة في قذارته دون ان تلوّث نفسها لأنها شابة طيبة، حنونة ومتفانية ولكن بسيطة “وعلى نيّاتها” أيضاً، الا ان المجتمع الظالم الذي يُطلق الاحكام دون ان يتأكّد او يتحرّى، تسبّب في تقليب عائلتها الفقيرة، الجاهلة والمتديّنة عليها، فهربت من واقعها القاسي وعائلتها غير المتفهّمة الى احضان من احتضنوها لأجل مصلحة او نيّة سيئة، فوجدت نفسها تتخبّط في واقع جديد اكثر قساوة وظلماً لم تكن مستعدّة لمواجهته، فباتت تتورّط اكثر في اوضاع تفوق براءتها تعقيداً. وبذلك تكون الكاتبة قد وجّهت دعوة مباشرة الى الاهل ليكونوا اكثر تفهّماً وتسامحاً واستيعاباً لأولادهم فلا يدينوهم ويحكموا عليهم قبل ان يستمعوا اليهم فيدعموهم ويساندوهم ويكونوا لهم الملجأ والملاذ الآمن.
سننتظر لنرى كيف ستتطوّر احداث مسلسل “اعلى نسبة مشاهدة” الا انه عالاكيد من اكثر المسلسلات نجاحاً هذا العام حتى لو لم يحظَ بأعلى نسبة مشاهدة.
تتناول أحداث المسلسل حكاية عائلة مصريّة بسيطة تتألف من ثلاثة فتيات ووالدهم الذي يعمل خطّاطاً ووالدتهم التي تعمل في تنظيف المنازل، إحدى الأخوات الثلاث وإسمها “نسمة” التي تجسد شخصيتها الممثلة ليلى احمد زاهر وهي لعوب شقيّة ومهووسة بالشهرة وضوضاء “السوشيال ميديا”، لذلك تقوم بتصوير فيديوهات عشوائية طمعاً بالشهرة لكن لا يحالفها الحظ الى ان فيديو لها مع شقيقتها “شيماء”(سلمى ابو ضيف) وهي صبية خجولة وساذجة تخطّت الثلاثين من عمرها ولم تتزوّج او تنهي دراستها في المعهد، بل تكتفي بالجلوس في المنزل ومساعدة والدتها في أعمال التنظيف والطبخ.
هذا الفيديو ينتشر بقوة كبيرة على “تيك توك”، وبشكل مفاجىء تصبح شيماء “تيكتوكر ” مشهورة ويحتل اسمها الترند عل جميع مواقع التواصل الإجتماعي، ما يدفع شقيقتها “نسمة” الى الغيرة منها واستغلال شهرتها من اجل جني المال.
المسلسل من بطولة سلمى أبو ضيف، ليلى أحمد زاهر، إنتصار، محمد محمود، إسلام إبراهيم، أحمد فهيم، فرح يوسف، يوسف عمر وآخرين… ومن تأليف سمر طاهر وإخراج ياسمين أحمد كامل.