حلقة الأمس من برنامج (سيرة وانفتحت) انتهت بخيبة وأمل
يمر الإنسان منذ ولادته وحتى نهاية حياته بتغيرات ومواقف كثيرة، يتعلم، يتطور، يحلم ويعيش مفاجآت وخيبات كثيرة.
برنامج “سيرة وانفتحت” الاجتماعي، الذي فتح بابه وقلبه لكل إنسان لديه قضية على مدى إثنا عشر عاماً، مر أيضاً بكل هذه التغيرات والأحداث التي رافقت مشاهديه وضيوفه. ومن هذا المنطلق، واستكمالاً لحلقة الأسبوع الماضي والتي حملت عنوان “عالم مدهش” والتي استعرض فيها زافين ابرز الموضوعات التي لفتت انتباه المشاهدين وأدهشتهم، إضافة إلى أبرز خمس أمنيات تحققت خلال البرنامج، قدم زافين هذا الأسبوع مجموعة جديدة من الذكريات والتقارير تحت عنوان “خيبات سيرة وانفتحت”.
حلقة الاثنين الماضي بدأت مع عرض تقرير عن أبرز الأشخاص الذين مروا في “سيرة وانفتحت” وصاروا مصدر إلهام للبرنامج وللمشاهدين، وانضموا بعد مرورهم هذا إلى فريق عمل البرنامج. لحظات مؤثرة تظهر مدى تواصل البرنامج مع مشاهديه في صناعة ثقافة تلفزيونية جديدة.
استضاف زافين خلال الحلقة المعالجة النفسية الدكتورة رندا شليطا التي واكبت البرنامج منذ انطلاقته، وفاجأها بتقرير خاص عنها، يجمع الإطلالات التي شاركت فيها والتي أحصاها بـ 22 إطلالة خلال اثنا عشر عاماً. شليطا تذكرت كيف تعرفت على زافين، وأبرز الحلقات التي شاركت فيها لتتحدث عن المرأة والأسرة والعلاقات الاجتماعية، وتحدثت عن أهمية الظهور الإعلامي بالنسبة لها : “أتفاجأ عندما ألتقي ببعض الناس وأعرف منهم أن كلمة ما قلتها ساعدتهم أو غيرت حياتهم”.
خلال الحلقة استعرض زافين أبرز خمس خيبات كبرى واجهها البرنامج، والتي جاءت كالتالي:
في المرتبة الخامسة قصة الأخوين خوسيه ودانيال دانكا:
لغز هذين الأخوين دوخ العلم والعالم والمشاهدين. فبعد حلقتين من الحديث والأخذ والرد، ومشاركة عشرات المتصلين من لبنان والعالم، لم يستطع البرنامج أو الناس فهم حقيقة هذين الأخوين. هل هما من لبنان؟ من سوريا؟ أم من نور المكسيك؟! الأسئلة بقيت ضائعة وشائكة بين تفاصيل غريبة عجيبة ورحلة شاقة بين سوريا وقبرص والمكسيك ولبنان.
في المرتبة الرابعة حلت قصة عيسى التهامي:
رجل سبعيني يعاني من مرض الألزهايمر خرج من منزله منذ سنتين وضاع في شوارع بيروت ولم يعد. قصة قوبلت بعجز رسمي وإعلامي، ولم يستطع برنامج سيرة وانفتحت إيجاد أي اثر لعيسى التهامي بالرغم من إطلاقه حملة تلفزيونية خاصة بحثاً عنه.
أما الخيبة التي احتلت المرتبة الثالثة فهي قصة يمنى مرتضى:
يمنى، الفتاة التي كانت تعاني من قصور في الكلى والكبد، والتي شاركت في إحدى الحلقات لتتحدث عن حاجتها لإجراء عملية زراعة كبد وكلى، “إذا لم أزرع كبد وكلية، ما رح اقدر عيش واكبر مثل رفاقي، أنا مهددة بالشلل والعمى. أنا إلي الحق بالعيش، لو ما كنت مريضة الآن لكنت في الجامعة مثل رفاقي…” هذه الكلمات التي قالتها يمنى حركت مشاعر فاعل خير ثري، فاتصل وتبنى قضيتها وتكفل بكامل علاجها. سافرت يمنى إلى أمريكا لتلقى العلاج الذي تصل تكلفته إلى أكثر من الربع مليون دولار، ولكن كل هذه الجهود باءت بالفشل، إذ أن يمنى توفيت قبل إجرائها العملية.
في المرتبة الثانية كانت قصة صباح رباح:
امرأة أخذت منها ابنتها وبيعت إلى جهة مجهولة. صباح التي حملت ملفا صعبا وشائكا، تخوض منذ عشرين عاما معركة قضائية ضد مجهولين ومعلومين. صباح عاشت على الهواء لحظات أمل وخيبة انتهت بعدم إيجادها ابنتها… وما زالت القضية والبحث مستمرين.
أما أكبر خيبات “سيرة وانفتحت ” والتي احتلت المرتبة الأولى، والتي اعتبرها زافين نكسة لمذيع ثقته نفسه كبيرة، ولإعلام يعتبر انه ممكن أن يكون عاملا موحدا لمجتمع تتفاعل فيه كل الأطراف، هي عندما أطلق زافين صرخة عفوية للأمهات للمشاركة في اعتصام سلمي، ليقفن وقفة تضامنية واحدة خلال الحرب المذهبية التي سادت في العام 2008.
يقول زافين: “كانت ثقتي بنفسي كبيرة، بدنا نوقف كل الذي يجري، نطلب من كل الأمهات الحضور إلى الاستديو الأسبوع المقبل للتعبير عن رفضهم لما يجري”. الحملة أطلقت ولكن مع الأسف لم تحضر في الأسبوع الأول سوى سيدة واحدة، وكانت النتيجة “أمهات لبنان غير جاهزات لهذا الحدث”. تم تمديد الدعوة أسبوعا ثانيا لكن أيضا لم تحضر سوى سيدة واحدة. “ما يجري يعبر عن قمة اليأس من أي محولة للتغيير في المجتمع”، علقت الدكتورة شليطا بعد التقرير: “إنها صورة عن واقع الحال السيئ، وتعبير عن انعدام الثقة لدى الأمهات اللواتي على ما يبدوا فقدن الأمل من أي مبادرة”.
بالإضافة إلى هذه الخيبات، حاول زافين أن يفتح الباب أمام خيبة صغيرة مرت خلال البرنامج، وهي خيبة محمد القرصيفي الذي أطل في إحدى حلقات “سيرة وانفتحت” وتحدث عن حادثة أليمة مر بها، وعن طموحه بإصدار كتاب أكاديمي يعلم اللغة الانكليزية بطريقة سهلة وسريعة. محمد القرصيفي الذي كان وقع من الطابق الخامس ونجا بأعجوبة، تحدى كل الصعاب واستغل فترة مرضه ومكوثه في المنزل، وقام بتأليف هذا الكتاب الذي استغرق التحضير له مدة ست سنوات. محمد لم يحقق حلمه بعد بإصدار كتابه وما زال يحاول أيجاد شخص يقدر قيمة عمله ويتبناه ويصدره.
حلقة الخيبات الكبرى تضمنت أيضا احتفالا بالعيد الخمسين للحبة التي أحدثت ثورة اجتماعية وطبية عالمية في تاريخ العلاقات بين الرجل والمرأة. فتم عرض عدة تقارير عن تاريخ هذه الحبة، وشهادات لأطباء مختصين بالأمراض النسائية والتوليد فكانت مداخلة للدكتور عبد الله عدره رئيس الجمعية اللبنانية للأمراض النسائية والتوليد الذي أشاد بأهمية هذه الحبة وهذا الاختراع، ومداخلة للبروفسور يوهانز بيتزر، رئيس قسم النساء والتوليد في المستشفى الجامعي في بازل في سويسرا، والذي قال أن هذه الحبة أدت إلى تغيرات كثيرة بالمجتمع، وأدت إلى دخول نساء كثيرات إلى سوق العمل، وأحدثت ثورة كبرى أولى من نوعها”. كما تلقى العديد من الاتصالات من أشخاص جاؤوا عن طريق الخطأ وتحدثوا عن شعورهم إزاء هذا الموقف ولحظة علموا بالأمر من أهلهم.
خلال الحلقة أيضاً أعطى زافين فرصة أخرى لموضوع كان أطلقه ولم يلق تجاوبا، وهو سلسلة كان يعمل على إطلاقها تحت عنوان “بين نارين”. فأي شخص يرى نفسه في حيرة بين أمرين ولا يعرف ما هو الخيار الصائب ما عليه سوى الاتصال بالبرنامج للكلام عن تجربته، وهكذا كان.
خلال الحلقة أيضا، دعا زافين كل الأشخاص الذين ولدوا بتاريخ 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 للاتصال بالبرنامج قائلا أن بانتظارهم مفاجأة مميزة.
هكذا انتهت حلقة “سيرة وانفتحت” للاثنين الماضي بخيبة وأمل يترافقان دائما، في البرنامج كما في الحياة.