رأي – فنّ بلا كلمات… النجوم في الغربال
أضحى الفنّ في لبنان في أدنى درجات الرقي والثقافة. وصمت النقاد وكبار الفنانين وسط ضجيج الصغار يدفع هؤلاء الى مواصلة هذه الظاهرة وجعل رضى الجمهور المصدر الأساسي للثقة المعطاة لهم. ونعرف أن الجمهور اللبناني وخاصة الفئة الجديدة منه والتي تهتم بالإيقاع دون الكلام ، لا تكترث لما يحصل لأن ما يهمها الإستمتاع والرقص على الأنغام.
فتسمع أغنية وديع الصافي بكلماتها المتناسقة والواقعية مثال “مرقوا الحصادين مرقوا طيور البرد يبسوا وراق التين و الغيم تل الجرد و عم ينزلوا حساسين يبكوا بفيي الورد وناطورة الياسمين بعدا ما رجعت بعد مين ناطر مين مين ناطر عابواب الشوق مين ناطر…” لتراها ترسم ما حولك فترتاح لأنّ الجمال يضعك في استراحة الإبداع. وغيرها من الأغنيات التي ترسم طريقها الى القلوب ولذة الإستماع والإستمتاع، وقد ذكرنا الفنان وديع الصافي لأنه صاحب الذوق الذي أرهف لبنان والعالم بأجمل المواويل والأغنيات والتي لا يزال يرددها كل فنان صاعد. ويُمتحن الفنان في مدرسة وديع الصافي لأنّها صاحبة الشهادة الشرعية في الوسط الفني .
وإذا أردنا معاصرة الفنّ اللبناني والإستماع الى الجديد في الإيقاع والموسيقى فيمكننا إذاً الذهاب الى أصحاب الذوق في الكلام والألحان مثال عاصي الحلاني ، معين شريف، أيمن زبيب و ملحم زين. تلك الأصوات المميزة التي تريح مستقبل الفنّ وترفعه الى أعلى المستويات. فنرى تألّقهم في الكلام المنسّق والجميل والذي لا يخرج عن الأدبيات أو الصور التي تضفي رونق الإسمتناع بالإغنية.
وقد ذكرنا هؤلاء الفنانون دون سواهم لأننا نقيّم كلمات أغاني الدبكة والإيقاع التي تتميّز بالكلام واللحن الجميل.
كثير ما نسمع الأغاني التي تنجح وتتصدّر قائمة الأغنيات مثل أغنية ” جمهورية قلبي” للفنان محمد اسكندر التي خلقت بلبلة في المجتمع النسائي رغم أنّ طابع الترفيه كان هو الأساس ولم يقصد الشاعر أو الفنان تطبيق الكلمات في هذا المجتمع. وقد سبقها أغنيات فارس كرم ” اللي بتقصّر تنورة ونسونجي”. ولكن ما أردنا قوله أنّ هذا النهج أصبح مروّجاً كثيراً من قبل الفنانين وذلك للرجوع الى الساحة ولأنّ الجمهور يطلب الأغنيات القويّة والمؤثّرة. هنا نضع المقارنة بين فنّ الوديع والفن الجديد.
وأما الفنانات فقد مررن على غربال الفنّ الأصيل فبعضعم غاب والبعض الآخر أكمل المسيرة. فإذا تكلمنا عن نجوى كرم ، نانسي عجرم ، إليسا، يارا، نوال الزغبي نراهنّ يبدعن من ناحية الكلمات، الألحان والصوت الجميل. وقد مرّت ظاهرة الإستعراضات التافهة والكلمات السخيفة في الوسط الفني اللبناني وسرعان ما اختفت بسبب نضوج الرأي العام وأهل الفنّ الأصيل.
يحتاج الوسط الفنّي في هذا الوقت الى نصائح الكبار في الفنّ لتجنّب الوقوع في مستويات تخرجنا من الفنّ الراقي الذي أوجده الرحابنة والست فيروز ووديع الصافي وصباح وغيرهم. فإن كان الإيقاع هو الهاجس الوحيد عند الشباب فليتمّ اختراع نمط جديد من الإيقاعات اللبنانية كما يفعل الغرب فيتمتّع به الشباب ويرقصون على أنغامه وعندها نجنّب الكلام الوقوع على منحدر اللغة التافهة.