بين الحسابات الشخصيّة والمادية الـ “ال بي سي” هي الضحيّة
انّه سؤال الجميع ال “ال بي سي لمين؟”، هل هي للشيخ بيار الضّاهر، أم أنّها للدكتور “سمير جعجع” ولحزب “القوّات اللبنانيّة”؟… انّه لصراع قديم الأزل، أكبر منّي عمرا، فالقصّة بدأت قبل أن أولد حتّى، وحالي حال كل الشباب من الزملاء والقرّاء… نحبّ ال “ال بي سي” كما هي الآن، كما شاهدناها منذ أن وعينا على هذه الدنيا… نحبّ ال “ال بي سي”، لأنها أصبحت جزءا من عمرنا العشرينيّ، أصبحت قطعة من ماضينا وحاضرنا…نحبّها لأنّها لطالما ولا تزال تجمعنا على برامجها الممتعة، أكانت الفنيّة، السّياسيّة، والاجتماعيّة منها… هذه القناة التي تشكّل محطّ رحال لكلّ اللبنانيّين على اختلاف انتماءاتهم السياسيّة، هذه المحطة التي تعوّدنا على وجوهها ونجومها وفريق عملها… لا نريدها أن تغيب، أو أن تتبدّل، أو حتّى أن يتم التعديل في “برغي فيها… لأنّه ان تمّ ذلك، فهذا يعني حتما لعبا في خيالاتنا، وماضينا، وذكرياتنا!
نريد أن نسهر كلّ ليلة خميس مع مارسيل غانم في برنامجه “كلام النّاس”، كما أنّنا نريد أن نتابع النشرات الأخباريّة بصحبة “دوللي غانم”، و”جورج غانم” … نريد أن ينقل لنا الحدث من قلب الحدث، كل من “بسام ابو زيد”، وزملائه الكرام… نريد أن نضحك مع “بسمات الوطن”، وأن نتابع أهمّ التحقيقات و البرامج التوثيقيّة… وأن نرفع رأسنا بمؤسّسة لبنانيّة أسّست لمفهوم الاعلام اللبناني المتفوّق!
ال “ال بي سي” نتاج كدّ وسهر وعمل متواصل، نتاج أسهم، وشركاء و تمويلات ضخمة، نتاج ذهنيّة ابداعيّة، ووحدة فريق عمل جبّار مبدع… وهي كانت لمن تكن، مؤسّسة قادها رجل الكواليس الأهمّ، شئنا أم أبينا، الشيخ بيار الضاهر، فهو من صنع منها صرحاً اعلاميّا له وزنه، وهو من أوجد قيمة ال “ال بي سي” الحاليّة، هو أيضا من جمّع العائلات العربيّة واللبنانيّة حول الشاشة التي يديرها، وهو من وقّع العقود، وأصدر القرارات، ونصّب الشراكات، وأنتج البرامج، ورسم صورة المحطة الماسيّة الموجوجة في ضمائرنا! فهل خان الأمانة؟.. ولمن كانت تكن… أننكر دور بيار الضاهر و فضله على المحطّة… أننكر دور كل من عمل ولا يزال فيها؟
كما أنه بعيدا عن الخوض في المعارك الطاحنة بين الأطراف المتنازعة على المحطّة، التي لا أفهم فيها ولا أريد، لأنّها طبعا محشوة ببشاعة حبّ المال والسلطة والاستغلال، أريد أن يبقى لهذه المؤسّسة مركزها وقيمتها، وان رحل عنها بيار الضاهر أريد أن يتسلّمها رجل بحنكته وخبرته، وألا فستسقط المملكة وسنخسر اسماً لبنانيًا عريقاً في عالم الاعلام، أبعدوها عن صراعاتكم، أبعدوا ذاكرتنا وحاضرنا عن مشاكلكم، فالـ “ال بي سي” لنا، ملكنا نحن من تابعناها سنين طوال، ومن شاركناها وتشاركنا معها أجمل اللحظات، كما أسوأها وأكثرها ايلاماً!!… اتركوا الأمر للقضاء الذي ننتظر منه الرأفة بنا، والذي سيحكم عاجلاً أم آجلاً بأحقيّة أحدكما… وحافظوا على ما حقّقته هذه المحطّة من انتصارات للبنان وللعالم العربيّ…!
أبقوها المنافس الأكبر لمحاطتنا اللبنانيّة، واحدى أهمّ المنابر الاعلاميّة، واحدى منارات الشاطئ اللبناني المطل على العالم أجمع، فهي لي ولزملائي، للفلّاح والملك، للكبير والصغير، للمرأة والرجل، للحداد والنّجار، للكاتب والمثقف، للعالم و طالب العلم، لمحبّ التسلية واللهو، هي للجميع فحافظوا على جزء كبير من ارثنا التلفزيونيّ، ولا تسقطوه ضحيّة خلافات ماديّة و حسابات مصرفيّة، ونأمل أن يأخذ كل ذي جقّ حقّه، وأن تتوافقوا وتتفقوا لمصلحتنا جميعا…ولمصلحة ال “ال بي سي” أولا وأخيرا…!