رأي خاص- مسلسل “وأخيراً”…من يتعثّر في بدايته لا يفوز بالماراثون
تدور احداث مسلسل “وأخيراً” في دائرة مفرغة حيث عُرضت حتى الآن سبع حلقات منه يمكن دمجها في حلقتين فقط، الا ان الكاتب اراد ان يستغل الاحداث في مطولّات قد تُبرَّر في مسلسل من ثلاثين حلقة وليس مسلسلاً من ١٥ حلقة يجب ان تحتوي احداثاً متلاحقة، سريعة ومكثّفة.
نشاهد المسلسل برغبة كبيرة بأن تتسارع وتيرة الاحداث علّنا نكون مخطئين بحكمنا القاسي عليه كذلك لأننا نشجّع الدراما اللبنانية العربية وشركات انتاجنا التي تضع مجهوداً فائقاً لتقدّم اعمالا ناجحة على منصّات وشاشات عربية، الا اننا في بعض الأحيان نلاحظ ان تشجيعنا تحوّل الى “تحصيل حاصل”، فارتاحت هذه الشركات ورمت سلاح ابداعها، مطمئنّةً الى ان جمهورها ملتزم ووفيّ لا يتخلى عنها، غير مدركةٍ ان الجمهور لا يعترف بوفاء ولا انتماء حين يكون استمتاعه على المحك، والاهم حين يُستهان بذكائه ولا يُراعى ذوقه، فيحيد عن دعم هذه الاعمال ويغدر بشركات الانتاج.
ان سألتم معجبي نادين نسيب نجيم وقصي خولي إن اعجبهم المسلسل، لن تتوقعوا اجابة غير ايجابية حتى وان طالت قائمة ملاحظاتهم على المسلسل، فالشمّاتون ينتظرون عند بابهم بخبث ومكرٍ، فلا يتجرّأون حتى على الهمس بشكواهم فينقضّ عليهم الكارهون.
اما من يشاهدون المسلسل من جمهور الدراما الرمضانية الكلاسيكيين، فقد تجد لديهم نبضاً مختلفاً وملاحظات كثيرة على مسلسل “وأخيراً” حتى وان كان يحتلّ المرتبة الاولى في كل الاحصاءات. فمن بينهم من يشاهد المسلسل تحبباً بنادين وقصي، وآخرون لأنهم من هواة المسلسلات العربية المشتركة وغيرهم من النكَديين الذين يستمتعون بجمع الأخطاء والهفوات كمن يجمع الطوابع البريديّة وشريحة كبيرة تشاهد المسلسل بفضول كون هذا الثنائي قد نجح في السابق بإمتاعهم في مسلسل “عشرين عشرين” فشاءوا ان يمنحوا المسلسل فرصة.ولكن مواقع التواصل الاجتماعي تبقى النبض الأهم والأكثر واقعية حتى وان كان روّادها لا يؤثّرون على نِسب المشاهدة الا انهم مرآة الحقيقة التي لا تُحجب ولا تشوَّه…
عندما علمنا السنة الماضية ان مسلسل “وأخيراً” يعاني الكثير من المشاكل وتتخبط شركة الانتاج في تعديل القصة ومضمونها بعدما انسحب كاتبه الاصلي بلال شحادات على الرغم من نفي الشركة ذلك،عندها اتُّخذ القرار بانتاج ١٥ حلقة فقط لأن القصة لا تحتمل اكثر او لأن الكاتب والمخرج اسامة عبيد الناصر عجز عن ملء اكثر من ١٥ حلقة، تمنينا لو ان المشروع أُلغي بالكامل، فمن كانت بدايته متعثرة لا يفوز بالمراثون سيما وان الجو العام للمسلسل ومكان التصوير مشابه كثيراً لمسلسل “عشرين عشرين” حيث جازت المقارنة للأسف ولم تكن لصالح “وأخيراً”. وكنا نتمنى لو ان نادين نسيب نجيم العائدة الى حلبة رمضان بعد غياب عامين قد اختارت قصة مختلفة لتصارع بها وتفوز على حلبة رمضان، ليس فقط بالارقام على المنصات بل بقلب كل بيت عربي عشق”حياة” و”سما” في “عشرين عشرين” ودكتورة بيان في “خمسة ونص” وأميرة في مسلسل “طريق” وزهرة في مسلسل “صالون زهرة” وحتى ليلى في “لو” و”ياسمين” في تشيللو واللائحة تطول. وهنا ليست نادين الملامة وحدها ولو انها مسؤولة عن الورق الذي اختارته بكامل رضاها لتنافس به في رمضان ٢٠٢٣ بعد غياب، الا ان شركة الانتاج المخضرمة مسؤولة ايضاً سيما وانها تحرص دائماً على اختيار افضل النصوص لنادين كل عام في رمضان والامر مختلف لقصي خولي الذي يشارك في اكثر من مسلسل خارج السباق الرمضاني دون ان ننسى ان نادين غائبة عن الجمهور اللبناني للعام الثاني على التوالي كون المسلسل لا يعرض على اي محطة لبنانية.
نحن نجهل ظروف الموافقة على الورق ونرفض كل الحجج التي قد تعطيها اي جهة شاركت في هذا العمل الذي ليس سيئاً البتة-لا سمح الله- الا انه ليس من أفضل ما قدمته نادين وشركة الصباح معاً في رمضان. لماذا؟ لأن الورق فارغ ولأن الاخراج غير ممتع مع العلم ان الاسماء المشاركة في المسلسل وحدها كفيلة بإنقاذ المسلسل ان اضفنا اليها الانتاج السخي للشركة المنتجة التي قدّمت افضل ما لديها، الا ان العمل خرج باهتاً، بطيئاً، مملاً وفارغاً بغض النظر عن الحلقات المتبقية، الا ان عامل الجذب غائب من اللحظة الاولى، لا قصص جانبية ممتعة، اطالات دون مغزى، اخطاء اخراجية واحداث غير منطقية نتطرق اليها بالتفصيل في منتصف الشهر الكريم موعد عرض الحلقة الاخيرة.
حتى ان عامل الاثارة غائب ومتلاشٍ في المسلسل لدرجة اننا توقعنا ان يكون المحقق (سعيد سرحان) متورط مع المافيا وهو شريك فيها وربما له ماضٍ انتقامي مع خيال وان ياقوت (قصي خولي) هو من سيحل لغز الاختطاف وان مساعد المحقق سينقلب على رئيسه حين يعلم انه يتقاعص في التحقيق عمداً او ربما يتبين رئيس المافيا (كميل سلامة) هو والد خيال. لا نعلم! وعلى ذكر تقاعص المحقق ورغبة ياقوت في احقاق الحق والتمرد على الامر الواقع، الا يذكركم ذلك بدوره في مسلسل “من…الى” حيث تجاهله المحقق(محمد ياغي) حينها يقرر ان يأخذ حقه بيديه بمساعدة اصدقائه في نفس الحي الذي صور فيه ايضاً مسلسل “وأخيرا”؟ نفس الموقف في المسلسلين لنفس الممثل نعتبرها نقطة ضعف كبيرة وقصة déjà vue.
وأخيراً، لا يسعنا الا ان ننصح المعنيين بالتدقيق في المرة المقبلة بالورق واختيار المخرج المناسب للورق المناسب، فلا يهم من يملك قصة ومن يكتب هذه القصة بل الأهم كيف كتبها…