رأي خاص- رقصة مطر… ابداع الجريمة والموسيقى
باتريسيا هاشم: لا نعلم ان انتهى الموسم الاول من مسلسل “رقصة مطر” من انتاج شركة الصبّاح واخراج جو بو عيد وتمثيل ماكسيم خليل، ايميه صياح، يوسف حداد ورولا بقسماتي وعدد جميل من ممثلي الشاشة الصغيرة. لا نعلم ان انتهى ام انه فَتح الباب بشهية على الموسم الثاني…
مؤسف ان نكتب عن مسلسل لم يشاهده كل الوطن العربي بل انحسرت مشاهدته فقط بالمشتركين بمنصة “شاهد” الذين تابعوا مسلسلاً مكتمل النكهات بكل جرعات الابداع دون المبالغة بأي نكهة، فكان المذاق “عالقدّ”، فخدمت كل النكهات الشهية بعضها وامتزجت وتماسكت وصنعت واحداً من اكثر المسلسلات نجاحاً لهذا الموسم.
رفضنا في مقال سابق الافصاح عن قصة المسلسل خشية ان “نحرقها” كون المسلسل متوفرًا بالكامل وبحلقاته الـ ١٣ على “شاهد” ولكن يجوز اليوم -وبعد انتهاء الوسم الأول- تقديم تحية تقدير لكل من شارك فيه.
لا شك في ان قصّة المسلسل حماسية وجاذبة ولكنها ليست بجديدة او خارجة عن المألوف الا انها عولجت بطريقة جميلة وممتعة وهنا يكمن سرّ جمال النكهات… فالقصص في المسلسلات والافلام التي تعنى بالجريمة تتكرر دائمًا وهي نفسها (جريمة يتبيّن انها غير كاملة- مشتبه به بديهي ومرتكِب غير متوقّع) ولكن ما يختلف دائماً هي المعالجة والتفاصيل وشيطان الابداع يكمن دائماً في هذه التفاصيل وعرف الكاتب حازم صموعة كيف يستدرجنا الى مكامن مخيلته الخصبة وعرف المخرج كيف يصطحبنا معه في مغامرة مثيرة وممتعة وعرف الممثّلون كيف يحركون بإسهاب مشاعرنا وعرف زياد بطرس كيف يضع الكرزة فوق قالب الحلوى فكانت لموسيقاه الكلمة الفصل في معادلة التميّز-التفوّق- النجاح، فخلطت موسيقاه كل الاوراق وقدمت للمشاهِد العربي واحدة من اكثر الاعمال الغريبة التي دمجت الجريمة بالموسيقى فكان لهما مجتمعَين، طعم مختلف ولذيذ…
نجح مكسيم خليل في ابهارنا مرة جديدة… ممثل مجرم ابداعاً فلم تصعُب عليه كثيراً مهمته…فبدا وكانه في نزهة تنقل بين مشهد ومشهد وبين حالة نفسية وأخرى كما تنقل زياد بطرس بين نوتاته الموسيقية بدهاء ومكر وجمالية فنية نادرة…فثنائية مكسيم والموسيقى الاستثنائية طغت على كل شيء آخر فولِد الابداع والجمال من رحم الجريمة…
النجمتان الممثلتان بطلتا العمل اي ايميه صياح ورولا بقسماتي تناتشتا روعة العشق بكل اشكاله فوقعتا ضحية مريض نفسي مهووس بمجد الموسيقى التي يؤلفها يدوس على كل من يعترض طريقه الى القمة الا انهما ولو فارقتا الحياة في المسلسل بسبب هذا الحب، الا انهما ولدتا من جديد وعادتا الى الحياة في الدراما من بابها الواسع وحجزتا لنفسيهما مكاناً برّاقاً في صفوفها الاولى.
يوسف حداد ووسام صليبا لعبا دوريهما بمهنية عالية وكانا كما دائماً على مستوى التوقعات، كانا العنصر المحرّك لكل اللعبة وساهما الى حدّ بعيد بإنجاح خلطة المسلسل السحرية.
فادي ابراهيم وعصام الأشقر كانا ضيفَي المسلسل الجميلَين فهما استاذين يرفعان بمجرد مشاركتهما منسوب التميّز في العمل فلخبرتهما الفضل الاكبر في رفع مستوى اي عمل يشاركان فيه.
يبقى ان نوجه تحية لكل الممثلين المشاركين في المسلسل الذين ادوا مهامهم بإمتياز امام الكاميرا وكانوا الإضافة المستحبة فيه.
اما التحية الاخيرة فهي لمايسترو هذا العمل، المخرج جو بو عيد، الذي لم يأبَ ان يقدّم عملاً وسطاً بل اصرّ على ترك بصمة مختلفة تشبه فنه وموهبته، فكان وفياً للورق والموسيقى على حدّ سواء ونجحت كاميرته مرة جديد بإتمام مهمتها بالابهار والتفرّد فلم ولن يمر مسلسله مرور الكرام حيث بدأ مشاهدو منصة “شاهد” يطالبونه بجزء ثانٍ كونه اغلق الجزء الأول على إثارة غير متوقّعة ستفتح دون ادنى شك الباب على جزء ثانٍ اكثر اثارة…
يبقى ان نوجه التحية لشركة الاعمال الابداعية ” الصبّاح اخوان” ونشيد بالانتاج المبهر الذي جيّرت له كل امكاناتها ونجزم مرة جديدة انها شركة الاحلام لكل كاتب وممثل ومخرج وموسيقي.