من وراء استبعاد الدكتور زياد نجيم عن محطّة ام تي في؟
ودّع مشاهدي الـ mtv في الموسم الثاني من برنامجه ووعدهم أن يلتقي بهم في العام الجديد، ومرّ كانون ومر شباط ومرّ آذار ونيسان وسينتهي أيار ولم يعد مالىء الشاشة وشاغلها ليطّل عبر الشاشة التي أحّب وليمسّي على المشاهدين بـ “مسا الحرّية”
غاب الدكتور زياد نجيم عن الشاشة الصغيرة في ظروف غامضة ترافقت مع الوعود بالعودة، الا ان باطن الامور حمل الكثير من الخفايا والأسرار التي نفجّرها اليوم بركاناً تكاد غباره تعمي عيون الحاقدين والحسّاد وأصحاب النفوس المريضة الذين خطّطوا لاستبعاد نجيم عن الشاشة التي تهوى “شغبه” وحنكته وحتى غضبه، فحين يكون غاضباً يقول الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة التي أزعجت البعض فسارعوا الى اقصاء ملك الحوارات التلفزيونية ، لذا لم تقنعنا حججهم الصغيرة التي ليست على مقاس من يؤمن بخمس حاءات : حرية ، حبّ، حقيقة، حزن وحنان وبالتالي لا مكان “للخاءات” في حياته اي الخداع والخيانة والخبث .
اعتبر البعض برنامج “مسا الحرّية” لزياد نجيم فاشلاً ، الا ان بمفهوم المحطّات عبارة “فاشل” لا تعني العبارة نفسها الى نطلقها على من لا ينجح فيتراجع ، او انه لا يملك المقوّمات ولا عناصر النجاح وبالتالي لا يستطيع ان يحقّق انجازاً ام تغييراً ام حلماً فيخفق ويفشل، بل هي وبكل بساطة تعني عدم قدرة مقدّم البرامج على استقدام المعلنين بهدف جلب المال للمحطّة التي يعمل فيها وبالتالي تتخلّى المحطّة عنه ان لم يتحوّل الى “سمسار” اعلانات بغض النظر عن قدرته وقوّته في ادارة الحوارات السياسية والاجتماعية و بغض النظر عن ثقافته وذكائه وسرعة بديهته وتمرّسه بالمهنة وسنين الخبرة وسعة الاطلاع…
هذا هو للأسف واقع المحطّات التلفزيونية التي تراهن على مردود الحلقة المادي وتغّض النظر عن المضمون ام عن كفاءة مقدّم الحلقة والا كيف تفسّرون ان تغيب بعض الاسماء المهمّة عن الشاشة الصغيرة ، أسماء لها وزنها وتاريخها فتستبدلها هذه المحطّات بأسماء هواة في التقديم “إجوا وجابوا دعايتهم معهم” ؟؟؟؟؟
بالعودة الى برنامج “مسا الحرّية” ، فقد انتهى الموسم الاول منه على شاشة mtv ووعدنا مقدّم البرنامج الدكتور زياد نجيم بالعودة بعد ان قدّم خمس وعشرين حلقة مباشرة على الهواء، حلقات حملت همّ الوطن والمواطن وعالجت أكثر المواضيع حساسية في المجتمع اللبناني حيث تنقّل نجيم بين المواضيع الشائكة بحرفية عالية وعرف كيف يدير الحوار بين أكثر من عشر شخصيات من سياسيين وحزبيين ومناصرين وممثلين لجمعيات أهلية .
و بالفعل عاد زياد بالموسم الثاني الذي اقتصر على ثماني حلقات وعلى ثماني ضيوف بمحاولة من القيمين على البرنامج تسريع وتيرة الحلقة وتجنيبها الملل والتكرار الا اننا علمنا ان ادارة محطّة mtv لم تكن بوارد التجديد لموسم ثانٍ لـ “مسا الحريّة” لأسباب نجهل تفاصيلها الا اننا نستطيع التكهّن واستنتاج دوافعها ولكن الراحل الشيخ خليل الخازن اصّر على التجديد ايماناً منه بأهمّية وجود نجيم على الشاشة الصغيرة وخاصة شاشة mtv التي لطالما ناضلت من أجل حرّية الراي فدفعت ثمن ذلك غالياً وأغلقت قصراً لأكثر من سبع سنوات وتلافياً لاي احراج خاصة وان زياد ودّع المشاهدين في الحلقة الاخيرة ووعدهم بلقاء قريب.
رحل الشيخ خليل ولم يعد الدكتور زياد نجيم ولعل ذلك يطرح الكثير من التساؤلات . من المستفيد من استبعاد نجيم؟ من المتضرّر الاول من وجوده وبقائه في ال mtv؟ هل هي جهّة سياسية ام دينيّة ؟ ام زملاء له في المحطّة نفسها أزعجتهم شعبيّة نجيم الواسعة وقدرته على استقطاب أكبر عدد من المشاهدين فشكّل بذلك خطراً على برامجهم كونه منافساً شرساً و”خطراً ” ؟ هل هم منافسون ام مقصّرون وصوليون؟؟ هل الاعلانات حجّة لوضع الاصبع على جرح الكرامة وعزّة نفس نجيم الذي لم يعتد يوماً على الجري خلف شركات الاعلانات والـ Sponsors ؟وهل هذه مهمّة مقدّم البرنامج أصلاً ام مسؤولية المحطّة التي يعمل فيها؟ وهل أفلست محطّة mtv الى درجة استقدام اي مقدم برامج يحمل في يده عقداً موقّعاً من الشركة المعلنة بدل حمل مسوّدة برنامج من العيار الثقيل من حيث المواضيع والمضمون والضيوف ؟؟
وان كانت حجّة الادارة ان البرنامج لا يجذب المعلنين ام ان نسبة مشاهدته قليلة صحيحة، وان سلمّنا جدلاً وبسذاجة ان هذا الامر صحيح، فعلى شاشة المحطّة اليوم برنامج حواري لا ينافس برنامج “مسا الحرّية” لا من قريب ولا من بعيد من حيث هشاشة الاعداد وضعف مقدّمة البرنامج التي لم تخرج بعد من قمقم ربط الفقرات ولو انها أعطيت ثقة المحطّة التي انضمّت اليها حديثاً بعدما رُفضت فكرة برنامجها في المحطّة التي غادرتها ، الا انها لا تزال مقيّدة بل script والـ conducteur ، لا تتفاعل مع الضيوف ولا ترتجل جملة أم سؤالاً واحداً خارج النصّ المكتوب فترى الضيف يستفيض بالحديث بينما هي تقاطعه لتطرح عليه سؤالا آخر، مع انسحاب معدّة البرامج الاشهر جنان ملّاط من البرنامج بعد تصوير الحلقة الـ pilote ومع تغيّب المخرج باسم كريستو في معظم الاحيان عن الحلقات بحجّة تصوير برامج أخرى .
للاسف ان الـ Sponsors في محطّة mtv باتوا أهمّ من البرنامج نفسه، أهمّ من معدّيه ومقدّميه ، بعدما راهن اللبنانيون على هذه المحطّة، التي وخلال افتتاحها في السابع من نيسان الماضي عرّفت المشاهدين على رموز للمحطة شكّلوا أعمدة ثابتة لها ، لم تستغني عنهم في عزّ محنتها وطيلة فترة اقفالها واسترجعتهم فور عودتها الى البّث وأبرزهم الدكتور زياد نجيم، كلود أبو ناضر هندي، هيام ابو شديد، ميراي مزرعاني حصري وسيرج زرقا وغيرهم ، واذ بها تتخلّى عن أبرزهم عند أول استحقاق لأسباب ماديّة صغيرة لا تليق بمبادىء المحطّة ولا رسالتها الكبيرة ، ضاربة عرض الحائط مكانة هؤلاء عند المشاهدين الذين ولو سئلوا ، تجدهم مستعدون لجمع المال ودفعه للمحطّة بهدف استرجاع من يحبّون ، ان كانت ال mtv قد تحوّلت الى بورصة للاعلانات وتخلّت عمن لم يتخلّوا عنها في أحلك الظروف واصعبها.
هنا نلفت الانتباه الى أن سيرج زرقا أيضاً تمّ ايقاف برنامجه “انت عالخط “Wanted بالرغم من النجاح الجماهيري الذي حقّقه خلال شهر رمضان المبارك الماضي والذي استمر بعد الشهر الفضيل ، بحجّة تأجير الاستوديو والاستفادة المادية للمحطّة على ان يعرض على سيرج برنامجاً آخر ، الا ان هذه الوعود تبخّرت أيضاً واستغني عن زرقا المقرّب من اصحاب المحطّة تحت شعار “المَوْنِة” والـ” صحبة” .
هل تمّر محطّة ال mtv بوضع مادي حرج لدرجة ان تتخلّى عمّن شكّلوا دائماً خطوطاً حمراء وكانوا من أهل البيت وركناً اساسياً فيه؟؟ هل تراجعت ال mtv عن مبادئها ولم يعد صوتها حرّاً في خدمة الحريّة بل في خدمة المعلنين واصحاب شركات الاحصاءات ام statistiques؟ هل تعتمد ال mtv مؤخراً سياسة الطلب لا العرض وتترك لمقديمي برامجها مسؤولية استقدام الاعلانات ام sponsors؟
في جميع الاحوال نتمنى ان تعود المحطة التي نحب ونحترم الى صوابها ورشدها وان تفي بالوعود الى قطعتها على اللبنانيين في السابع من نيسان 2009 بخدمة الحريّة ، فيعود “مسا الحريّة” صوتاً جهوراً مدويّاً في خدمة الحريّة ويعود الدكتور زياد نجيم الى بيته وأهله وجمهوره ويقدّم برنامجه الجديد الذي وعدنا به وتؤكّد الmtv بذلك انها على مستوى وعودها وعلى مستوى أحلام وتطلعات الشعب اللبناني الذي حمّلها همومه وشجونه وأوجاعه .