رأي خاص – مسلسل “سمرا”وضع الاصبع على الجرح وشرح واقع المجتمعات العربية
رأي خاص: اسدلت الستارة مساء الأربعاء على الحلقة الأخيرة من مسلسل “سمرا” من بطولة الممثلة اللبنانية نادين نسيب نجيم والممثل المصري أحمد فهمي والممثل اللبناني طوني عيسىونخبة من نجوم الدراما، وإستطاع مسلسل “سمرا” طيلة حلقاته أن يكون حديث الجمهور على مواقع التواصل الإجتماعي.
جسّد مسلسل “سمرا” قصة حب واقعية ومنطقية بين الفتاة الغجرية التي لا تحمل قيد سجل وبين الشاب الثري القادم من عالم الطب والأعمال، وتعاني الغجرية من تطرف وإرهاب القبيلة التي تنتمي اليها حيث أن عادات وتقاليد القبائل الغجرية شديدة ولا تسمح للفتاة بأن تخرج من عباءة إبن عمها أو إبن خالها، تقاليد لا تزال في المجتمعات العربية التي تعاني من إنسداد الرؤى الفكرية وإنعدام بُعد النظر، وقد تكون إحدى أسباب هذا الظلام الفكري ما تعانيه المجتمعات العربية من رؤية حكومية غير واضحة لمعاجلة المشاكل الإجتماعية المتمثلة بالفقر والبطالة والحرمان.
نقل المسلسل في أحداثه عدة قضايا إجتماعية يعاني منها المجتمع اللبناني والمجتمعات العربية، دعارة، عمالة أطفال، فقر مقنع، إنتشار أحزمة البؤس والتشرد، وصور عن الفروق الطبقية بين الغني والفقير، حيث يستغل الغني وصاحب السلطة الفتاة الفقيرة من أجل إشباع غرائزه الجنسية، ونقل المسلسل قضية مهمة تعاني منها المجتمعات العربية والمتمثلة ب “التبصير” الذي يعتبر نوعا من التنجيم حيث أن شريحة كبيرة من المواطنين العرب تقف حياتهم على التبصير وقراءة الكف من أجل معرفة النصيب والمتسقبل، وطبعاً هذه خرافات من أجل الربح المادي ولا تمت للواقع والأديان السماوية بصلة.
لم يرسم المسلسل صورة نمطية عن علاقة الحب بين نادين نسيب نجيم وأحمد فهمي، كُسرت تلك النمطية من خلال طوني عيسى الذي يشعق إبنة عمه “سمرا” والذي إنتهى مصيرها بالقتل على يده أثناء زواجها من أحمد فهمي الذي عانى من عدة مشاكل قضائية وقانونية كشفت فساد القضاء والطب في العالم العربي، وكشفت حدود علاقة الحب عن الخيانة وصبر المرأة على خيانة زوجها من أجل الحفاظ على أولادها وحياتها الأسرية، حتى أن المرأة التي صبرت وعانت الأمرين إنتهى مصيرها بالقتل على يد زوجها “سيف” الذي إنساق وراء الحب والعشق الذي نقل صورة قاتمة وسوداء تدل على العنف والتعنيف الأسري والجسدي الذي تعاني منه الزوجة.
مسلسل “سمرا” سلط الضوء بطريقة غير مباشرة على الأزمة السورية التي دخلت عامها الخامس، ونقل المسلسل تداعيات الأزمة السورية على لبنان من ناحية النازحين السوريين الذين باتوا عبئاً كبيراً على المجتمع والإقتصاد والامن اللبناني حيث أن الدولة والمجتمع اللبناني غير قادرين على تحمل أعداد النازحين الهائلة في لبنان التي تخطت مليون ونيف، وسلط الضوء على معاناة النازحين السوريين في لبنان وتلك المعاناة صورة مصغرة عما يعانون منه في الدول التي لجأوا اليها.
نجح مسلسل “سمرا” في نقل الواقع وتجسيده من خلال فكر الكاتبة اللبنانية كلوديا مارشيليان التي قدمت نموذجاً عن الواقع، ونجح جميع أبطال المسلسل في تقديم أدوارهم بصورة مميزة ولائقة، ولكن الفضل الأساسي في نجاح مسلسل “سمرا” ليس بسبب الثنائيات أو الأعمال الدرامية المشتركة، بل لأن مسلسل “سمرا” عبارة عن صورة مصغرة مما تعاني منه المجتمعات.
بقلم: موسى عبدالله