رأي خاص-وائل كفوري خرق المعادلة بين النجوم وسلّم ملِكاً الجائزة لنانسي عجرم
باتريسيا هاشم – بيروت: وقفا معاً على المسرح، أحدهما كرَّم والآخر تكرّم في مشهد قلّ مثيله في لبنان وفي الوطن العربي بين نجمين زميلين من جيل الناجحين والمبدعين…
بالعادة يكّرم الجيل الثاني الجيل الاول، والثالث الثاني، ولكن ان يُكرم نجمان من الجيل نفسه بعضهما، فهذا امر يعتبر بأمانة نادراً جداً، وأقول نادر لأن “الأنا” عادة ما تكون متضخمة جداً لدى نجوم العرب ولا تستوعب ان تتشارك النجاح والتميز والاستثنائية مع أحد، ليس من منطلق الغيرة فحسب انما من باب الرغبة بالاستحواذ على كل شيء وافضل شيء، غير معترفين بنجاح الآخر، وغير راضخين لمبدأ المنافسة الشريفة وعدالة إنصاف المتفوقين، فإمّا هُم أو لا أحد، ما عزّز للأسف الجفاء بين النجوم وزاد الشرخ ما بينهم، فبتنا نحتفي بصداقة اي نجمين ونعتبرها حدثاً نادراً ونستهجن التواصل بينهما او ثناء احدهما على نجاح الاخر او مباركته له في أي مناسبة.
وهذا ما يفسّر ايضاً غياب معظم النجوم عن مهرجانات التكريم في لبنان والوطن العربي ان لم يحالفهم الحظ بالفوز، فيقاطعون هذه المهرجانات ولا يتكلّفون عناء حضورها ومشاركة زملائهم فرحتهم بها لاعتبارهم ان حضور اي حفل وهم من غير المكرمين إهانة لهم ، ربما لعدم ثقتهم بنتائج التصويت في معظمها او لعدم ثقتهم بأنفسهم .الاّ ان النجم وائل كفوري خرق هذه المعادلة المتخلّفة خلال حفل مهرجانات بيروت الدولية للتكريم بدورتها السادسة ، فقدّم جائزة تكريمية للنجمة نانسي عجرم في الحفل الذي نقل مباشرة على هواء قناة mtv اللبنانية، ليس لأن نانسي نجمة لبنانية كبيرة وهي زميلته وصديقته وشريكته في لجنة تحكيم برنامج الهواة “اراب ايدول” فحسب ، بل أيضاً لأن ثقته بنفسه تخطّت حدود أي مهرجان واحتفال، ولأن وائل كفوري من أكثر المؤمنين بحقيقة ان الشهرة مجد باطل وان الانسانية هي الاساس وان المحبة لا يدركها ويمارس فعلها الا كبيري العقول والنفوس والاخلاق .
وقفا على مسرح بياف يتبادلان النجومية في مشهد سرق كل أضواء الاحتفال وحَبَس انفاس كل الحاضرين والمشاهدين واستدرج الاقلام الى الاشادة بهذا الموقف الفنّي الانساني الصادر عن نجم تخطت نجوميته بعض الامجاد الآنية فأصبحت عابرة للابداع بالمطلق، حيث توقف سباق وائل مع التميّز منذ حين، فأصبح يبحث عن محطات تجلٍ في الفنّ أكثر سحراً ، ليس لأنه اكتفى من التميّز بل لأن التميز طالب بأخذ قسط من الراحة بعد ما استنذف نفسه مع وائل خلال اكثر من عشرين عاماً ، فخرج وائل من المنافسة ليغرد منفرداُ في سماء الفن الحقيقي والراقي الذي لا يقدر بثمن واختلى في عالمه الخاص الذي لا يشبه عالم اي فنان آخر ، يبحث عن نوتة نادرة هنا وصورة شعرية خارقة هناك وتعالى عن امور الفن الدنيوية ليرفع صوته الى مرتبة الصلاة.
“من القلب الى القلب” هذا ما قاله وائل وهو يسلّم الجائزة لنانسي عجرم تلك الاميرة الآتية من سحر المحبة والشغف ،المجبولة بشهامة ونبل الرجال وتوأم البراءة والطيبة ، ومن القلب الى القلب سلّم وائل الجائزة لنانسي امام ملايين المشاهدين… ومن القلب الى القلب شكرته نانسي امام ملايينها على مواقع التواصل الاجتماعي معتبرة اياه نبيلاً وكبيراً بمحبته الصادقة.
ما أروع ما حصل خلال حفل بياف، ما أروع ما شاهدناه وسمعناه وكنت أنا شخصياً شاهدة على ذلك عندما كنت واقفة الى جانب وائل على المسرح بانتظار نانسي لتصل وتستلم جائزتها حيث توجه وائل الى النائب سيرج طورسركيسيان هامساً “مش معقول شو طيبة هالنانسي!” غير مدرك ان الميكروفون التقط همسه فكانت شهادته بنانسي أصدق شهادة تعطى بين الزملاء النجوم.
كبيران من لبنان أعطيا أجمل وارقى صورة عن الفنانين اللبنانيين واثبتا ان النجم الكبير والعظيم ليس بألقابه وعدد الجمهور الحاضر في حفلاته ونسب المشاهدة على اليوتيوب او حساباته في المصارف او عدد الالبومات التي يبيعها، انما بأخلاقه ومحبته وانسانيته والأهم بتواضعه ، فكلما تواضع… عظم بعيون محبيه.