تغطية خاصة – الأب طوني الخولي خرج عن صمته للمرّة الأولى والأخيرة بعد 15 سنة من الغياب وماذا قال عن شقيقه الراحل؟

يارا حرب: في مساء أعظم ليلة في التاريخ، ليلة الآلام الكبرى، ليلة الجمعة العظيمة، قررت شاشة أم تي في عرض حلقة خاصة في هذه الليلة تحت عنوان “الأب طوني الخولي مع المسيح” في حوار أول وأخير من إعداد وتقديم الإعلامي إيلي أحوش وإخراج شربل يوسف…

فبعد أن ترك الأب طوني مجد الدنيا الباطل مكرّسًا حياته ليسوع المسيح ونادرًا الطاعة والعفّة والفقر في الرهبانية اللبنانية المارونية، وبعد انقطاع تام على مدى 15 عامًا، قرر اليوم أن يخرج من صمته ويتكلّم عن الإختبار الذي غيّر له كل حياته… وكان اللقاء في البيت الذي يعيش فيه منذ عام 2008 وهو دير “قلب يسوع” في المدرسة المركزية في جونية.

بدايةً أشار إلى أنه طيلة هذه السنوات ال 15 كان في الدير ولم يخرج منه قط! “ففي 25 حزيران عام 2000 دخلت الدير ولم أخرج حتى ندرت الندر مؤخرًا… فدرست الفلسفة عامين ودرست ثلاث سنوات لاهوت. وتدرّجت من الشدياقية إلى الشماسية فالكهنوت، وانتظرت ” البطنظة” أي الرسالة التي تحدد له إلى أي دير سيتّجه ليسكن فيه. وهكذا انتقل عام 2008 إلى دير “قلب يسوع” في المدرسة المركزية في جونية.

وأكد أنه ليس هو من اتّخذ قرار الدخول إلى الرهبنة “حين يريدك الله ويعطيك النعمة، يدخلها إلى قلبك ويحرق كل زاوية الندم! يسألونني الناس كثيرًا إذا كنت أندم على هذا القرار، ولكن كيف أكون عند الله وأعمل في خدمته وأكون نادمًا؟! فالإنسان بطبعه يحب أن يكون متكبرًا ومشهورًا ومالكًا للمال… ولكن حين يريدنا الله فهو يعمّدنا من لحظة تكويننا في حشاء والدتنا…”

وعمّا إذا كان وفاة شقيقه ومدير أعماله سليم هو السبب الرئيسي لتركه الفن ودخوله الدير، أجاب الأب الخولي: “حدا بيلحق موتاه؟ عقل الإنسان لا يستوعب الله، لذلك يحدّه ويعطي أعذارًا… فكل الناس لديهم موتاهم، فهل دخلوا جميعهم الدير؟! أخي سليم كان مدير أعمالي ويمكن لو ضلّ لما كنت دخلت الدير، ولكن الله يعرف كيف ينظّم حياتنا أكثر منّا، فيا ليتنا نستعمله للوصول إلى القداسة، فالله هو كل شيء في حياتنا وأنا تركت الله يشتغل فيّي… وأنا أسعد إنسان مع يسوع صرلي 15 عامًا في الرهبنة مع قداسة شربل ورفقا والحرديني واسطفان، وفي مقابر الرهبنة الكثير من القديسين…” وأضاف: “حقبة الفن مرّت وانتهت، أما اليوم فقد أعطاني الله نعمة لأعمل معه، وكما عملت في الفن حتى النهاية وأعطيت من قلبي بصدق، أريد أن أعمل في الرهبنة وفي الكهنوت حتى النهاية.

أما كيف استطاع التخلي عن كل الأمور المادية وأغراضه الخاصة وكل ما كان يقتنيه ليلبس عباءة الكهنوت؟ فنوّه الأب طوني: “إذا كان الشخص لا يفرح بما يقوم به، فليعد إلى منزله، فأنا أتشوّق صباح كل يوم لأرتدي عباءتي، وأحبّها كثيرًا لا بل أنا متعلّق بها، ولكنها رمز، فالأهم أن نتعلّق بيسوع وندعه يدخل قلبنا، فصحيح أنه من الصعب ننظف الشر من قلوبنا لكن يسوع قادرًا أن ينظّفه، لذلك فلننزل من عليائنا ونأتي إليه، فإذا نزلنا من تكبّرنا نصبح أصدقاء لله ونعترف أنّه والدنا…”.

هذا وأكّد الخولي أنّ الدعوة ليست سهلة أبدًا وأنّ لكل إنسان دعوته، ولكن يبقى الفعل هو الأهم، وأن نكون مقتنعين بما نقوم به مع يسوع… وتوضيحًا عن سبب صعوبة الوصول إليه ومحادثته، صرّح أنه لا يحمل هاتفًا وأضاف: “أنا راهب وأريد أن أعيش حياتي الرهبانية والكهنوتية حتى النهاية، فأنا لا أخرج خارج المدرسة، وحتى أمي تأتي إلى المدرسة لزيارتي، فأنا أريد أن أسير على الطريق التي اختارها الرب لي. وأنا بخدمة يسوع والله وأحضّر نفسي لأتقدّس… إذا كنت جايي إلعب فالأفضل لي أن أعود إلى الفن! ولكن أنا مع يسوع حتى النهاية وأتيت إليه لأتقدّم، وأقبل كل شيء مع يسوع لأني مؤمن بشخصه وكوني مؤمن سمعته، ولأني سمعته نزلت النعمة على قلبي وكل من يؤمن بيسوع ويدعه يشتغل به يصبح شربل ورفقا والحرديني واسطفان!”.

وحول السبب وراء تأخّره في الإطلالة 15 عامًا، واختياره اليوم ليطلّ إعلاميًا أجاب: “لم أكن أريد أن أطلّ وأتكلّم في الإعلام، ولكن من الممكن أن يكون يسوع قد أحبّ أن أطلّ وأتكلّم في هذا الزمن حيث غلب الشر على الخير ولا نعلم كيف نخرج من هذا الشر… فالأهم أن يساعدنا يسوع على الخروج من الشر الذي نعيشه فهو صلب لأجلنا، وكلمة الله هي التي ستفوز في النهاية، فأنا مؤمن جدًا أنه وحده سيخلّص كل البشرية والكرة الأرضية بأكملها من الشرور، ولكن فلندخل إلى أعماقنا وننظفها حتى نشرع له الأبواب ليدخلها لأنه لا يدخل قلوبًا مليئة بالحقد والبغض والشر، وإذا دخل قلوبنا نستطيع أن نصبح قديسين…”.

وأضاف: “أحببت في هذه الليلة أن أقول للناس أنّ يسوع المسيح هو حقيقة، وانظروا إليّ كيف عشت حياتين، حقبة الفن واليوم حقبة الكنيسة. فحقبة الفن شاهدوها حتى النهاية لأني عملت فيها بصدق ومحبة حتى النهاية. واليوم أيضًا أعمل من قلبي وولا نهار بحياتي ما رح كون مع يسوع، ففي كل صباح أصحو وأقول “يا ريت كل السنين التي مرّت كانت معك يا يسوع” فهو يعطيني حياةً أبدية ولكن على الأرض!”.

وشدد أنّ الإنجيل هو دستوره وأنّ يسوع المسيح هو زعيمه “وأقول للناس لن تخسروا إذا أخذتم يسوع قدوة” وأشار إلى أنه ينقل النعمة التي أعطاه إياها المسيح للتلاميذ في مدرسة المركزية حيث يعيش… وقد ختم الحلقة بكلماته الرائعة “يسوع أعطاني نور، ورأيته خلاصًا… ولم أعد أريد شيئًا، فهو وضعني في العز وأعطاني كهنوتًا”…

في سياق متصل تخلل الحلقة عدّة تقارير مميزة وفيها الكثير من الذكريات والمواقف الجميلة، فكان تقرير عن مرحلة ستوديو الفن حين شارك عام 1980 ونال المرتبة الأولى عن فئة وديع الصافي في محافظة جبل لبنان. وتقارير عرضت العديد من حفلاته وأرشيفه الفني الذي لا يزال مطبوعًا في ذاكرة وقلوب الناس في كل الوطن العربي، كما وعرض آخر أعماله التي كان قد صوّرها قبل دخوله الدير ولم تبصر النور لحد اليوم، وعرضت أيضًا وللمرة الأولى صورًا مميزة من طفولته وحياته الفنية والكهنوتية، وتقرير له في مدرسة المركزية وهو يعلّم التلاميذ…

كذلك تخلل هذه الحلقة الرائعة عدّة تقارير مع عائلة الخولي وعدد من الأشخاص الذين أثروا وطبعوا في حياة الأب طوني الخولي الفنية والكهنوتية.

والدته السيدة ليندا الخولي:

أفصحت والدته أنها أطلقت عليه اسم “طوني” تيمنًا بمار مطانيوس إذ كانت قد وعدته أن تطلق اسم طوني على مولودها. وصرّحت أنها اعترضت جدًا حين غيّر له المخرج سيمون أسمر اسمه إلى “ربيع” قائلةً: “قلت له أنا ناضرة تقلك ت جيب طوني” ونوهت إلى أنها كانت تقول للجميع أنه يدعى طوني وليس ربيع… وأشارت إلى أنه لم يكن يجيب أحدًا حين كان يركع ويصلّي في غرفته، وأفادت أنها كانت تتوقع أنّ ابنها سيدخل الدير لأنه كان يحمل همومًا كثيرة ويسكت…

المطران أنطون نبيل العنداري:

تحدث المطران العنداري كيف أتى إليه الخولي بشوق كبير قائلاً له: “قلبي ولعان بالإيمان وأريد أن أدخل الدير!” فدعاه ليفكر ويصلي ويختار وبعد 10 أيام سمع أنه دخل دير الإبتداء في كفيفان التابع للرهبانية اللبنانية المارونية في نيسان عام 2000 حيث بقي لأسبوع حتّى يختبر دعوته، ومن ثمّ في 25حزيران 2000 غيّر اتّجاهه وودّع ربيع ودخل الدير رسميًا، وأضاف: “الخطوة التي أقدم عليها هي تغيير نمط حياة وتخلّي، فقد ترك كل شيء متفرّغًا للرب… وما زال يعيش اليوم الفرح نفسه الذي دخل معه…”.

المخرج سيمون أسمر:

أفصح أسمر أنّ الفنان روميو لحود هو من قدّم الخولي له لأنه أعجب بصوته، وقد وجد صوته لبنانيًا ورائعًا ووجده شاب محب وصغير. وأوضح أنه غيّر له اسمه كي لا يخرج إلى الدول العربية باسم غير عربي، فأطلق عليه اسم ربيع لأنه كان شابًا في ربيع العمر… ونوّه إلى أنّ الخولي والفنانان راغب علامة وغسان وملهب كانوا يملكون حينها كل مواصفات النجومية، وأنّ الناس أحبوهم كثيرًا وبدأوا بفضلهم يحبّون الأغنية اللبنانية. وأضاف: “لقد تخلّى عن كل شيء وقال لي أستاذ قررت أن أدخل الرهبنة، فصمتّ بين النعم واللا، وفكرت في همّ العقود الموقعة، فاتّصلت بجورج ابراهيم الخوري ليحاول أن يقنعه بأن يؤجّل خطوته ستّة أشهر فقط من أجل العقود وصعوبة تفكيكها ولكن لم يكن بإمكاني أن أقف في طريق دعوته، فتوصّلنا إلى إقناع الناس وألغينا العقود وتفهّموا الأمر لأنه ديني…” وأكّد أنّ اليوم لم يبقى شيء من طوني القديم…

شمس الأغنية اللبنانية نجوى كرم:

أثنت كرم كم أنّ أغنيات الخولي كانت ضاربة وأنه كان مشهورًا ومحبوبًا جدًا. وكان من الفنانين الذين يفرضون وجودهم على الساحة بشكل رهيب. وصرّحت بأنه كان أول فنان يضع المسبحة في عنقه! وأشارت إلى أنه كان مهضومًا وعشوائيًا، وأحيانًا لا يتذكّر المواعيد التي يعطيها إذ أنّه ذات مرّة دعاها إلى العشاء مع عائلتها فذهبوا ولم يجدوه!وأضافت نجوى: “لقد أثبت طوني قول “أترك كل شيء واتبعني” حين حين راهن كثيرون أنه لن يستمر، ولكنه بدّل السعادة المؤقتة بسعادة أبديّة لا تفنى وشعرنا أنّ هناك ما أجبره أن يكون الأب طوني وليس ربيع…”.

المؤلف الموسيقي جوزيف خليفة:

تحدّث خليفة كيف دعاه الخولي إلى منزله وتفاجأ به راكعًا في غرفته وأمامه الإنجيل، فبدى له شخصًا آخر! وتفاجأ أكثر حين طلب منه أن يأخذه إلى دير كفيفان قائلاً له: “طالع على الدير بدّي أعمل راهب!” وأكّد أنه صدم بالخبر لأنه لم يفكر يومًا أنّ دعوة طوني ستأتي ويترك كل شيء ليدخل الدير…

إبنة شقيقته ماريان صفير:

أفصحت ماريان أنه وخلال مرحمة شقيقه سليم طلب منها خالها طوني أن تأخذه إلى دير كفيفان أي في 25 حزيران 2000 وأوضب فقط حقيبة صغيرة وعوده… وأشارت إلى أنها لم تستوعب الفكرة في البداية وظنّت أنه ذاهب ليقوم برياضة روحية ولكنه قال لها: “العدرا هيك بدا أنا مبسوط، ففي الفن عشت حياة فيها كذب وخطايا…” وأفصحت أنها راحت تبكي لأنها كانت متعلقة به كثيرًا! ونوهت أنها كانت تذهب كل أحد لرؤيته من بعيد، وأنه بعد شهرين طلب منها أن تأتي بكل أفراد العائلة ليراهم وقال لهم أنه سعيد ويشعر بأنه تغيّر فعلاً مؤكدةً أنه لم يكن يريد أن يعرف ماذا يحدث خارج الدير وماذا يكتب عنه وعن اعتزاله في الإعلام… وتذكّرت أنه كان دائمًا يقول أنه سيأتي يوم ويدخل الدير..

وهكذا وبعد أن قرأ كلمات “أيتها البتول مريم” في نشرة الرعية وحوّلها إلى ترنيمة بصوته الرائع، كرّس هذا الصوت للرهبانية اللبنانية المارونية، ووضعه في تصرّف يسوع المسيح…فعرف كيف يوظّف الوزنات التي أعطاه إياها الرب وكيف يكون مثالاً لتلميذ يسوع الحبيب والمخلّص الذي يجسّد قوله: “من أراد أن يتبعني، فليترك كل شيء ويتبعني”…

شاهدوا الحلقة

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com