بالصور- إبهار وحنين في ليلة الإرث الرحباني… وتألق لنجوم مسرح الرحابنة
ليلة من العمر قدمها مهرجان أبو ظبي العالمي خاصة “بالإرث الرحباني” من إعداد غدي وأسامة الرحباني. هذه الليلة التي تميزت بين ليالي المهرجان، انتظرها المئات من أهل دولة الإمارات إضافة إلى جمهور عربي وأجنبي حضر خصيصاً لمتابعة هذا الحفل. وقد كانت ضيفة هذه الليلة من لبنان السيدة الأولى وفاء سليمان وفعاليات وشخصيات سياسية من الإمارات.
قبل بدء الأمسية إمتلأت الصالة بالجمهور ومع دخول الأوكسترا السيمفونية الوطنية الأوكرانية بقيادة فلاديمير سيرانكو يرافقها عراب الحفل أسامة الرحباني عزفاً على البيانو حيث أبدع بشكل لافت، إضافة إلى غدي الرحباني ضمن مداخلات خاصة بصوته عن أهمية مدرسة الأخوين الرحباني، بدأت الأمسية بمقدمة “سفر برلك”. وكانت هذه الليلة أشبه بقصيدة حب وحنين إمتدت لنحو ساعتين من الوقت مع أجمل الإختيارات الغنائية من أرشيف الأخوين الرحباني ومنصور الرحباني إضافة إلى أعمال خاصة بأسامة الرحباني.
الفنانون تألقوا بشكل لافت وقد كانت إطلالة غسان صليبا لها وقع خاص على الجمهور، كذلك رونزا وفاديا طنب كانت إطلالتهما آسرة… هبة طوجي بدورها لفتت الإنتباه بشكل كبير ولاقت تصفيقاً حاراً من الجمهور. الفرسان سيمون عبيد ونادر خوري وإيلي خياط أيضاً أضافا على الحفل بدفء أصواتهم وخبرتهم المسرحية الواسعة.
أمسية “الإرث الرحباني” كانت أشبه بحلم نقلت الحضور إلى زمن الفن الجميل من خلال أجمل الإختيارات الغنائية من أرشيف يمتد إلى أكثر من نصف قرن. وقد تميز الميدلي الأخير الذي خُتمت فيه الأمسية إذ جمع كل الفنانين في باقة من أجمل الأغاني الوطنية هي “بتتلج الدني” و “بقولو زغير بلدي” و “بمجدك احتميت”. وقد امتلأت الصالة بالتصفيق الأمر الذي أعاد كل الموسيقيين إلى كراسيهم والفنانين إلى مكانهم لإعادة غناء “ليل ليل ليل” .
وكان الفنان غسان صليبا قد افتتح بـ “قصيدة الإمارات” كما غنى صولو “وطني بيعرفني” من ريبرتواره مع منصور وأسامة الرحباني و”يا هالعرب” “غريبين وليل” و لمعت أبواق الثورة”…
هبة نالت تصفيقاً حاراً خصوصاً في أغنية “لا بداية ولا نهاية” حيث تألقت بطلّتها الجميلة وبحضورها الآسر وبأداءها الدرامي والليريكي إضافة إلى “أنا وشادي” التي غنتها بإحساس لا محدود و”إيماني ساطع” “يا حجل صنين” وقد لفتت الإنتباه بقوة صوتها ورقّة إحساسها.
رونزا أبدعت في “نحنا والقمر جيران” بتوزيع جديد أوركسترالي رائع إضافة إلى أغنية “أنا عصفورة التلج” “مراكبنا عالمينا” وقد كان لأغنية “بوكرا إنت وجايي” بصوت رونزا أثر رائع على الجمهور.
فاديا طنب الحاج أذابت الحضور بإحساسها في أغنية “بعدك على بالي” و “ساعدني” “مضوية” إضافة إلى ثنائي مع رونزا في “موشحات شهرزاد”، و “كان الزمان وكان” و “كان عنا طاحون” من أرشيف الياس الرحباني.
نادر خوري بحضوره المحبب وأداءه الذي يدمج بين الإحساس والقوة قدم أغنية “جبل الثلج” و “هيلا يا واسع” إضافة إلى ديو مع إيلي خياط من مسرحية “جبران والنبي” بعنوان “كل ما منرجع عا هالدني” .
إيلي خياط تألق حضوراً وصوتاً وقد أبدع بأغنية “أحمر لون الثورة” وقد لاقى تصفيقاً حاراً إضافة إلى عدة ثنائيات…
سيمون عبيد برقة صوته وإحساسه أطرب الحضور بأغنية “حبيتك وبحبك” و “نسم علينا الهوا” وغيرها من الثنائيات…
من خلال مداخلاته الأربعة اختصر غدي الرحباني مسرح الرحباني والأخوين الرحباني بأجمل الكلام… بعض المقتطفات :
…. ع اسم المسرح والحنين . الوطن والارض والشعب . الطفولة والمجتمع البطولة والعنفوان وثورة التغيير اللي حفروها بقلوبنا منرفع الراس . ع اسم الحب وشبابيك بمسابك الحبق والزنبق. السطيحات الحمرا والبيوت المتكية ع بعضها متل العشاق منرفع كاس الاخوين رحباني . هالارث الكبير اللي بدي مع الاخوين وكمّل مع منصور وعم بتّابعو فيروز والياس وزياد ومروان وغدي واسامه وغسان وجاد.
ع اسم اللي اتحدو وصارو ثنائي وعادو صارو ثالوث الفن الرحباني عاصي منصور وفيروز منرفع تحية سلام الى حاملة رسالة السلام فيروز اطال الله بعمرها . فيروز ذات الحضور الآسر والصوت الباهر الفريد في حالته الجمالية النادرة . موصلة الرسالة الى اقاصي الارض …
… طلعو من الفقر . عاشو معو . حكيو عنو واغتنو بمحبة الناس . الفّو ولحنّو وما كانو عارفين انن عم يعملو ثورة تغييرية في الشرق . من دون ما يعرفو غيرّو وجه الشرق ومن المحيط للخليج تأثر الكل بفنن .
مسرح الاخوين رحباني لم يولد في الاكاديمية التعليمية ولا هو ابن الجامعات . لم يتأثر بالتيارات المسرحية المتعددة . التي كانت تضرب منطقتنا الشرقية ومدارسها المسرحي…
….لم يكن مجرد نوع من انواع الاوبرا او الاوبريت انه تحديداً مسرحاً غنائياً . يتمتع في خضم هذه المسارح بخصوصية فريدة … انه ابن البيئة التي طلعا منها هذان الشابان الملتحفان الفقر والحرمان بيئة موجعة جارحة صارخة لهذا جاء شعرهما ومسرحهما جارحاً وموجعاً ومغرمشاً انه مسرح يستلهم الفن الشعبي وهو مسرح ابن الواقع….
…. لو لم يكن عاصي اخاً لمنصور لاتخذه اخاً له . ولو لم يكن منصور اخاً لعاصي لاتخذه هو الاخر آخاً له . ولو لم يكن الياس الاخ الثالث لهما لاتخذاه اخاً ثالثاً لهما . فكل واحد تعلم كيف يكون جزءاً من اخيه بدون ان يفقد هويته وشخصيته وفرادته . هذه هي الشراكة الحقيقية . واليوم نفهم كلمة منصور في رحيل عاصي .
عندما قال : خلف هذا الباب تدفنون نصف عاصي لأن الذي رحل جزء من منصور والذي بقي جزء من عاصي . انهما رسولا الحلم بدون ان يفقدا الواقعية . سفيرا الفرح والمحبة . تعلما ان الفرح ملك للناس وقالا لا ينبغي ان نعطي الناس غير الفرح . رغم ان الحزن قابع ومستقر في داخلهما والفرح غير مقيم ….
إنتهت أمسية “الإرث الرحباني” وقد اشتعل الحنين في قلب كل الجمهور الذي تابع هذا الحفل الفريد متمنين أن تتكرر هذه الليلة العظيمة برقيها ومضمونها وقيمتها الفنية… !
شاهدوا الصور