رأي خاص- جدل برامج مساء الاحد يعود الى الواجهة من جديد وعنوانه العريض … الاستخفاف بالمشاهد
مساء الاحد موعد سنوي مع الجدل،الجدل البيزنطي أحياناً ولكنه جدلاً يولد من حيث لا ندري وينتهي حيث لا نتوقّع…
منذ عامين تقريباً كان مساء كل أحد مادة دسمة لأقلام صباح الاثنين،وتصدّرت الآراء حول برامج مساء الاحد عناوين الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية، و”قامت قيامة الجمهور واهل الصحافة ولم تقعد” بسبب برامج النكات على عدد من المحطات اعتبرها البعض مسيئة للمجتمع وخادشة لحياء المشاهدين لما تضمّنته من مضمون كتب حينها انه يُسّمم اخلاقه وقِيمه لأنه لا يراعي تقاليد المجتمع اللبناني ولا خصوصيته ويتخطّى آداب العمل التلفزيوني فتصبح بيوت الناس مباحة لنكات من “الزنّار وبالنازل” .
وانتقلت عدوى برنامج “لول” الذي كان يعرض على شاشة otv الى كل المحطات اللبنانية مساء الاحد كونه حصد أعلى نسبة مشاهدة بين كل البرامج الاخرى على كل المحطات ولأنه استقطب المعلنين ففتح شهيتهم على صرف اموال طائلة على الاعلانات خلال البرنامج، فأصابت الغيرة المحطات الاخرى التي ابتكرت برامج من “نفس الطينة والعجينة” ولو من دون “فلفل وبهار”، فأصبحت حالة مساء الاحد لا تطاق وضاعت “الريموت كونترول” بين النكتة والنكتة وبين المحطة والمحطة وبين المسخرة وقلّة الأدب، الى ان استفقنا يوماً على “هوا نضيف” على محطاتنا اللبنانية، هكذا بسحر ساحر وبدون سابق انذار وكأنها موضة وانتهى موسمها، فتنفّس المشاهدون الصعداء وحتى ان بعضهم لم يلاحظ توقّف هذه البرامج لانها خسرت في أشهرها الاخيرة كل بريقها ورهجتها ونسبة مشاهدتها .
واليوم عاد الجدل الى مساء الاحد وفيروس جديد يضرب محطاتنا الارضية اسمه “منوّعات والعاب” وبسحر ساحر ايضاً وبعض عطلة صيفية طويلة عادت المحطات ببرامج جديدة “من نفس الطينة والعجينة” وبين “طنّة وغنّي” من تقديم رزان مغربي على شاشة المستقبل و”شخصيّة وغنيّة” من تقديم جوزيان الزير على شاشة LBCI و” فيل OR NO فيل” من تقديم الممثل وسام صبّاغ على شاشة otv ،ضاعت “طاسة” الابداع والابتكار ووُضع المشاهدون في موقف لا يحسدون عليه فأي من هذه البرامج ليس جدّياً ويقتصر على تجارب ومحاولات اصحاب المحطات والرؤوس المدبّرة فيها، فخرجت على الهواء غير مكتملة ومبتورة ينقصها رشّة “إبداع” وعامل “الجاذبية”، فوجد المشاهد نفسه مُجبراً على الاختيار بين برامج يتفاوت مستواها بين “السخيف” و”الممّل”، ومرّة جديدة يُفرض عليه ما لا يستهويه ليس على محطة واحدة بل على ثلاث، فيُضطر آسفاً الى خيانة “الأرضيات” ومساكنة “الفضائيات” لأنه يجد فيها ما يثير ذكاءه وفضوله ،فلا يضطر الى تحمّل “سخافة ” ما يُقدّم له من مواد تُصنّف “ترفيهية” ولكنها بعيدة كل البعد عن الترفيه كون الترفيه حالة قائمة بحدّ ذاتها لها أربابها وأسلوبها وألف بائها وهي الاكثر انتشاراً على كل المحطات الاوروبية والاميركية ولكنها ليست عشوائية واعتباطية وغير محترفة كبرامجنا المنفّرة “يلي بتلعّي النفِس” لانها خالية من أي مضمون “ترفيهي” حقيقي وهي تعتمد على “الهزّ” و”الفزّ” و”الهبل”، وهي لا تقتصر فقط على برامج مساء الاحد بل تمتد على كل ايام الاسبوع وتشمل كل الجلسات السخيفة التي تجمع الضيوف لـ” تُبهدلهم ” وتحوّلهم الى مُهرّجين فيما يتحوّل مقدّمو هذه البرامج الى “كراكوز” وهي كلمة تركية تُطلق على من هو ضعيف الشخصية و يحاول ان يبني شخصيته على السخرية.
أسهل شيء في العمل التلفزيوني هو الاستنساخ ونقل الافكار وعدّم تكبّد عناء ابتكارها، لذا نشهد بين الحين والآخر على “فورة” برامج متشابهة بالشكل والمضمون و” الاوقح ” انها متشابهة بالعناوين على أمل ان يعي اصحاب هذه البرامج يوماً ما أهمية التميّز والتفرّد والاستثنائية في برامجهم فنختبر التنوّع على شاشاتنا التي دون ادنى شك تحتاج الى صياغة جديدة وصيغة جديّة .