رأي خاص- سحر العمالقة يشوش الشباب، و هذا ما حصل مع الممثلة هيا عبد السلام
تطل الفنانة الشابة “هيا عبد السلام” في أكثر من عمل، واستطاعت من خلال أكثر من شخصية ان تجذب الكثيرين إليها عبر دور (ندى) في مسلسل (حبر العيون) حيث تؤدي شخصية الابنة الكفيفة الصماء والخرساء والمتخلفة لسيدة الشاشة الخليجية الفنانة حياة الفهد.
واستطاعت هيا جذب الجميع إليها عبر هذا الدور لأنها قبلت بأن تظهر في ثلاثين حلقة من مسلسل دون أن تكون البطلة المطلقة لأي مشهد، بل فقط لتستعرض عضلاتها في لبس تلك الشخصية الصعبة والتي يحتاج أداءها للكثير من التركيز خاصةً على النشاط العضلي للوجه واليدين والرجلين وكافة أنحاء الجسد.
بالطبع فالدور لن تستطيع تأديته أي فنانة لا تمتلك موهبة حقيقية وقدرة على تسخير ما تملكه من موهبة في أداء صامت لشخصية لديها تركيبة خاصة ومختلفة عن الشخصيات الطبيعية الأخرى، والأهم أن من يؤدي شخصية مماثلة كان يجب أن يكون بطلاً يمتلك قدرة كبيرة على الإقناع، ليقتنع كل مشاهد وهو يجلس أمام هيا أنها بالفعل فتاة ذات احتياجات خاصة تستحق كل التعاطف المطلوب. ولكن من جهة أخرى أنا شخصياً أرى أن هيا ظلمت نفسها بقبولها للدور وبرأيي أنه لم يقدم لها ما كان يجب أن يقدمه.
ولكن ولأن المغريات كبيرة نجد انه من الصعب على أي ممثلة شابة أن ترفض الدور بسهولة، وطبعاً هذه المغريات تتجسد أولاً في الوقوف أمام الفنانة حياة الفهد، وأيضاً صعوبة الدور الذي يعتبر مناسباً لاستعراض العضلات التمثيلية دون النطق بأي كلمة بحيث تكون هنا لغة التواصل هي فقط لغة الجسد وفي هذا ضمان للحصول على استحسان الجمهور الذي سيقول: “كم هي موهوبة هذه الفنانة الشابة، لا تتكلم و لا ترى و لا تسمع و لكنها مقنعة”.
هذا كله يجعل من الصعب على الفنانة الشابة المرشحة لدور مماثل أن ترفض العمل، لكن في المستقبل سوف تعي “هيا” حجم الخطأ الذي ارتكبته بقبول دور مماثل والأسباب كثيرة نسردها هنا بإيجاز.
عندما ترشحت الفنانة نبيلة عبيد لدور مشابه لكن أكثر تعقيداً في فيلم (توت توت) في العام 1993 استطاعت اقتناص أفضل الجوائز عن العمل و بقيت لسنوات مُلقبة بالأكثر موهبة وقدرة وذلك لأن العمل منحها الساحة الأمثل لفرد عضلاتها، فهي كانت بطلة كل مشهد برغم أنها لم تكن تتحدث أو تسمع أو تعقل، كانت بطلة القصة وكل الأحداث تدور حولها، بل كانت هي البطلة التي ابكت المشاهدين في بعض المشاهد واضحكتهم بقوة في أخرى، ومن ثم اثارت فيهم الغضب في المشاهد الثانية تارة عليها و تارة على المجتمع المحيط بتلك الشخصية، حيث منحها المخرج عاطف سالم المساحة الكافية التي تكفيها لفرد عضلاتها بالشكل الذي يليق ويفي بما تمتلك من موهبة، وبالفعل فهي استطاعت أن تستغل الامر جيداً ومن بعدها تحولت من فنانة إغراء ورقص وأفلام مثيرة للجدل إلى نجمة صف أول، و لم تعد تُطلب سوى لأدوار أكثر قيمة وتعقيداً في نفس الوقت.
ولكن في حالة دور (ندى) الذي تجسدها “هيا” في (حبر العيون) فالأمر مختلف، المساحة التي منحها العمل لهيا مساحة ضيقة لم تستطع أن تفرد بها عضلاتها بالشكل الذي يعطي موهبتها حقها، أولاً لأن القصة تراجيدية بشكل مبالغ به دون أن يكون هناك أي مبرر لكل هذه التراجيديا حيث تدور حول نفس الشخصيات و لا تقدم أي جديد بين الحلقة و الأخرى، وثانياً لأن “هيا” ليس لها مكاناً داخل تلك الأحداث .. فهي مريضة لكنها غير موجودة، لم يعطها العمل أي مشهد لتشكل فرقاً في الأحداث و تتمرد على ما تملك من إعاقة أو حتى على ما لا تملكه من قدرات، وكان من السهل استبدال هيا عبد السلام الشخصية الشابة المعروفة بشخصية شابة أخرى صاعدة تمتلك موهبة قوية فتنطلق إلى الجمهور من خلال هذا الدور وتصنع الجماهيرية التي تحتاج إليها لانطلاقتها والتي لا تحتاج إليها هيا التي تمتلك جماهيرية جيدة جداً في الخليج العربي.
و لكن بالطبع فسحر العمالقة لا يمكن لأي كان مقاومته، وربما هيا عبد السلام ليست ضحية بل طموحة و متواضعة و اهتمت بالوقوف أمام الفنانة حياة الفهد دون النظر لما يمكن أن يقدمه لها هذا الدور، لأن الدور في الواقع لم يقدم لهيا أي شيء يُذكر بل هي التي قدمت له من موهبتها وروعة أداءها و براءة ملامحها بينما هو لم يضعها في مقدمة الخارطة كما كان بالمفترض به أن يفعل وكما حصل سابقاً مع نبيلة عبيد عندما شكل لها الدور المماثل الذي لعبته نقلة، بينما هيا لم تصنع نقلتها بعد بهذا الدور والدليل أنها في كافة الاستفتاءات التي تم طرحها مؤخراً وحتى الساعة لم تنجح في اقتناص لقب أفضل ممثلة شابة من عدد من زميلاتها اللواتي يمتلكن برأيي موهبة أقل منها، والسبب أنها لم توظف تلك الموهبة بعد في الدور الذي يليق بها.