رأي خاص – مهلاً مهلاً يا اصالة… هل مغنية شابة تؤدي اغانيك افضل منك؟
المغنية اسمها فدوى. وصوتها جميل. وقد استقبلتها المغنية أصالة في برنامجها “صولا”. حتى الآن الخبر عادي. يصبح الخبر غير عادي بالمرّة حين تغني فدوى أغنية من أغاني أسمهان، فاذا بأصالة تهيم إعجاباً، واذا بلسانها ينطق إعجازاً حين قالت لفدوى: صوتك أعجبني أكثر من أسمهان.
كان وقع الكلام على فدوى مفاجئاً وغريباً، وربما هذا هو السبب الذي جعلها تمرّ على كلام أصالة من دون اعتراض، وربما ارتبكت فلم تعرف ماذا تقول سوى الشكر… فيما تابعت أصالة تأكيد رأيها بالقسم: والله…
مهلاً يا أصالة… مهلاً… مهلاً وألف مهلاً في هذا الرأي المندفع إيجابياً الى حدّ جرح موهبة جديدة بتحميلها فوق طاقتها، وجرح مغنية قديمة بادّعاء أن صوتاً جديداً أدى إحدى أغانيها أفضل منها… أكرر مهلاً وألف مهلاً… ذلك أنّ المواهب الجديدة، وتحديداً الأصيلة التي تملك المقوّمات المتميزة هي طبعاً في حاجة إلى دعم ومساندة ومديح وإيجابية في التعاطي معها على
سبيل زيادة الثقة بها، وتحفيز الطاقة أكثر فأكثر… أما أن يقال لها كلام كبير، وكبير جداً، بما يفوق الموهبة الصوتية التي تملكها، ربما يتناول بالسوء من حيث ندري أو لا ندري مغنية “تاريخية” شاء من شاء وأبَى من أبى، فهذا ما لا يمكن وضعه إلا في سياق المزايدات أو التحامل أو الاجتراء على الجمال الفني الثابت في الزمن، بأداء فني لا يزال يحتاج خبرة وثباتاً وطواعية أكبر بكثير مما لديه… وبواسطة مغنية مثل أصالة لها ما لها من وزن في الحياة الغنائية العربية، ولها ما لها من المواقف المفاجئة أو الصادمة…
وحتى لا ندخل في جدل عقيم بشأن أحقية رأي أصالة هذا، وبشأن “ضرورة” إعطاء رأي بهذا الحجم أم لا… وما هي سلبياته بالنسبة إلى فنانة مثل فدوى كما بالنسبة إلى فنانة مثل أسمهان، كما بالنسبة الى فنانة مثل أصالة، نسأل أصالة نفسها هذا السؤال:
ماذا إذا شاركت إحدى الهاويات أو إحدى المغنيات الشابات في برنامج للهواة كهذه البرامج المنتشرة كالفطر، جيدة حيناً، رديئة حيناً آخر… نقول ماذا إذا أنشدت إحدى أغاني أصالة… فقال لها أحد اعضاء لجنة التحكيم، أو مقدم أو مقدمة البرنامج إنها أنشدتها اأفضل من أصالة، فهل سيكون وقع هذا الرأي على أصالة طبيعياً، عادياً، أم أن أصالة يمكن أن تقفز من مكانها عشر مرات لتنطح سقف بيتها غضباً واعتراضاً… حتى لو كان صوت الهاوية أو المغنية الجديدة في تلك الأغنية أجمل بالفعل من صوت اصالة… إلا إذا كانت أصالة تعتبر أن أحداً لا يمكن أن يؤدّي أغانيها مثلها أو أفضل منها، أما الأخريات فالأمر طبيعي أن يحدث معهن ذلك!
والشيء بالشيء يُذكر: عام 1974، وكان برنامج “ستديو الفن” في انطلاقته “الأسطورية” يومها، عندما كان السيّد سعد سامي رمضان وهو صحافي فني لبناني عريق ضمن أعضاء لجنة التحكيم، واستمع إلى هاوٍ شاب كان يغني أغنية لعبد الحليم حافظ، فقال عندما سئل رأيه فيه:
– أنا مسؤول عن كلامي… لقد أديت الأغنية افضل مما أداها عبد الحليم…
… وكان لغط صحافي كبير وخطير في لبنان لا مجال لإعادة استذكاره هنا… لأنه ليس مفيداً لا لرمضان ولا لحافظ ولا للهاوي الشاب.
مهلاً… مهلاً يا أصالة… فمن غربل الناس نخلوه…
كتب المقال الاستاذ عبد الغني طليس في مجلة الشبكة