حين تلعب الشياح وعين الرمانة كرة قدم ضد الطائفية
من يشاهد الحلقة الأولى من مسلسل «الفريق» (ذا تيم) الذي عرضت السبت الماضي، على شاشة «ال بي سي»، يشعر أن ثمة محاولة لتقديم مقولة جديدة، من خلال ربط الأحداث بالواقع اللبناني، في وقت تغلب فيه المواضيع المفتعلة، أو المستوردة من الخارج، على معظم المسلسلات اللبنانية، بما يجعلها تغرّد خارج سرب المجتمع اللبناني.
وصحيح أن المسلسل هو أيضاً نسخة لبنانية عن مسلسل عالمي، نفذ في 19 دولة، الا أنه يستند على خصوصية كل مجتمع يُنفذ فيه. من هنا فقد انطلق في تحديد الموضوع وأسلوب المعالجة من دراستين ميدانيتين: الأولى قام بها فريق متخصص من الولايات المتحدة في بيروت، استنتج بموجبها أن الانقسام الطائفي هو أكثر الآفات الاجتماعية ضرراً على لبنان، والثانية نفذتها الجمعية الدانماركية «سي سي بي إي»، وتبين جراءها أن كرة القدم هي اللعبة الأكثر شعبية في لبنان. علماً أنه لهذه الجمعية فرع في لبنان وتتخذ من الرياضة، وخصوصاً في المدارس، وسيلة للتقريب بين المناطق اللبنانية.
من هنا يشارك في «الفريق» ثمانية أشخاص ممن يجيدون لعبة كرة القدم، يخوضون تجربة التمثيل للمرة الأولى، لتأتي المشاهد واقعية وبلا زيف. وهم مغمورون بطبيعة الحال، باستثناء لاعب المنتخب اللبناني خليل غملوش. وتتمحور القصة حول ضابط سابق في سلاح الهندسة (علي منيمنة) فقدَ رجله، نتيجة لغم انفجر به. وهو يقيم على خط عين الرمانة الشياح، ويقوم بتشكيل فريق كرة قدم من شباب المنطقتين من مختلف الطوائف.
أما المواضيع المطروحة في حلقات المسلسل المنفصلة المتصلة (13 حلقة)، فهي الانقسام المناطقي، الزواج العابر للطوائف (بين مسلم ومسيحية)، ذاكرة الحرب الموروثة، انحراف الشباب، تعاطي المخدرات والمنشطات، علاقة الشباب بالأهل… ويحمل توقيع شركة «غرين» كجهة منتجة، وجمعية «سيرتش فور كامن غراوند» (البحث عن أرضية مشتركة) كمنتج منفذ.
وتماهياً مع اسمه ربما، قام فريق بكتابة النص، وآخر بالإخراج. يشرف على الأول علي مطر، ويضم كلود صليبا، وجاد شحرور، فيما يشرف على الإخراج ايلي. ف. حبيب، ويضم فريقه علا حيدر، عمر الحلبي وزينة السبع.
وللمرة الأولى، يتم اعتماد تقنية جديدة في الأسلوب، على غرار بعض التجارب في العالم الغربي، من خلال إضافة أحداث مدتها أربع دقائق، على موقع «يوتيوب»، مكملة للقصة التلفزيونية، وفي حال لم يُشاهد الموقع، لا تتأثر الحلقة المعروضة على الشاشة. ويقول علي مطر في هذا السياق: «تتيح هذه التقنية تقديم ما يمكن أن يخضع للرقابة في الحالة التلفزيونية، فيكون بوسع المشاهد رصده عبر «يوتيوب».
وعلي مطر، الذي بدأ حياته كشاعر له دواوين عدة، انتقل في السنوات الأخيرة الى كتابة النص الدرامي، إذ كتب مسلسل «سيناريو»، وثلاث حلقات من «قصتي قصة»، والفيلم السينمائي «خليك معي». وهو أشرف على فريق كتابة مسلسل «الفريق»، كما كتب ست حلقات منه. ويقول في هذا الصدد لـ«السفير»: «المشرف على الكتابة ليس ديكتاتورياً بطبيعة الحال، بل هو يضع الخطوط العامة، ويضبط إيقاع الكتابة مع بقية الفريق، علماً أن الكتابة المشتركة هي أغنى وأرحب، إذ يتم تبادل الأفكار».
ويقول مطر إن «الفريق» يتوجه أساساً الى الشباب ليحثهم على التفكير بعقل جماعي، حيث أننا نعاني من أحادية التفكير، لنصل أحياناً الى الأنانية المفرطة. مع تجنب أسلوب الوعظ. كما يركز العمل على قدرة الشباب على المبادرة وتحدي الواقع، وضرورة تغيير أسلوبهم في التعاطي مع النزاعات.
وحول أسباب عدم استنباط أفكار جديدة بدل نسخها عن الغرب؟ يقول مطر: «صحيح أن المسلسل مأخوذ عن عمل أجنبي، ولكن القصص المعالجة لبنانية بحتة، ففي النسخة الأندونيسية على سبيل المثال، دخل مسلسل «الفريق» الى سجن الأحداث، وتم تشكيل فريق من السجن للمشاركة في عمل تمثيلي يعالج موضوع العنف والانحرافات الاجتماعية. وفي باكستان مثلا تم تشكيل فريق «كريكت» للمشاركة في المسلسل، باعتبارها اللعبة الأكثر شعبية في البلاد. فالجهة الممولة تهدف من خلال هذا العمل، الى إيجاد أرضية مشتركة بين الجماعات المحلية».
ويشير الى أنه يعارض استنساخ أعمال درامية لا تحمل الهوية اللبنانية، لافتاً الى أنه يعكف اليوم على كتابة مسلسل بعنوان «شارع الحمراء»، لصالح شركة «الصباح للإنتاج»، طابعه محلي صرف، إذ يتناول واحداً من أبرز شوارع بيروت.
يشار الى أنه يشارك في «الفريق» كل من اللاعبين: محمد حرب، رامي شعبان، جو سقلاوي، نيكولا مزهر، ديمتري طراد، كيفين كعدي، وليد فايد، فاليري أبو شقرا، تانيا فخري، ولارا غرز الدين.
وفيما يحاول القيمون على المسلسل الأسبوعي، الذي يعرض السابعة مساء السبت، إحداث نقلة لافتة من خلاله في الدراما اللبنانية، الا أن التقييم النهائي يبقى رهن العرض.
نقلاً عن جريدة السفير اللبنانية، كتبت المقال فاتن قبيسي