خاص – مسلسل (الشحرورة) بين خيال الكاتب، بطء الأحداث وأخطاء إخراجيّة (بالجملة والمفرّق)… وتنقذه كارول سماحة
منذ الحلقات الأولى من عرض مسلسل “الشحرورة” الذي يتناول قصّة حياة المطربة اللبنانية الكبيرة صباح،عزمنا عدم إبداء رأينا حول المسلسل إلى حين مرور النصف الاول منه وتكوين صورة تقريبيّة بدءً من الإخراج والنصّ وصولا إلى التمثيل والأماكن التصويريّة.
قبل عرض المسلسل والحديث عن نيّة النجمة كارول سماحة تجسيد قصة حياة الأسطورة صباح مع إنتاج ضخم، تأمّلنا خيرًا إذ أن الكبيرة صباح ليست بمطربة عادية بل هي عامود من أعمدة لبنان وأرزة من أرزاته ومن أبرز الفنانات اللواتي مررن في تاريخ الغناء والتمثيل في العالم العربي.
نخبة من الممثلين اللبنانيين والمصريين والخليجيين إجتمعوا معًا لتمثيل مسلسل “الشحرورة” ليكون العمل الحدث الأضخم على شاشاتنا خلال الشهر الفضيل.
حملة إعلانية “ضخمة” رافقت المسلسل قبل عرضه فإنتظره ملايين المشاهدين في كل أنحاء الوطن العربي وبلاد الإغتراب مساء الاول من شهر آب/أغسطس مع الحلقة الأولى من “الشحرورة”.
انقسم الشارع العربي منذ اللحظة الاولى لعرض المسلسل بين معجب به وداعم له من ناحية وبين رافض له وناقم عليه من ناحية أخرى، في حين لا يمكنك الا ان تكون من المجموعة الاولى لأن احدا لا يستطيع الحكم بالاعدام على مسلسل من حلقاته الاولى الا ان كانت لديه دوافع شخصية جداً ، فالمنطق يفترض ان نشاهد ونحلّل ومن ثمّ نحاكم وليس ان نحاكم قبل ان نشاهد .
لا شك في ان كارول سماحة الممثلة جازفت بمسيرتها التمثيلية وربما الفنيّة أيضاً حين وافقت على لعب دور الشحرورة صباح وربما اعتبره انتحاراً أيضاً ، لأنه أخطر ما في لعب دور البطولة في المسلسلات التي تتناول السير الذاتية للنجوم هو ان يكون النجم المعني على قيد الحياة، فالناس لن تتوقّف عن مقارنة النجم بلاعب دوره، فكيف ان كانت صباح نجمة هذا المسلسل؟ فالناس يعشقون صباح وهي تعيش بينهم ومعهم ولم تغب يوماً عن عيونهم وقلوبهم ، حفظوا عن ظهر قلب كيف تتصرّف وكيف تتفاعل وكيف تنفعل وكيف تضحك وكيف تتكلم. حفظوا ابتساماتها وضحكاتها وكل حركات يديها وتعابير وجهها. لذا خاطرت كارول سماحة كثيراً حين وافقت ان تكون “صباح” قلباً وقالباً ولكنها في المقابل كانت مدركة انه تحّد مثير وخطير، إمّا ينصفها او يهلكها ، “يعوّمها” او ينهيها، فجازفت بحياتها المهنية وقبلت خوض هذه التجربة لأنها أكثر من يعشق التحدّي والمنافسة ويستلّذ بهما ، فكان لها ما شاءت …
هل نجحت كارول سماحة في هذا التحدّي؟ سؤال يجيب عنه الناس فور انتهاء المسلسل، لكننا اليوم نقول ان كارول سماحة ممثلّة “خطيرة” عرفت كيف تجذب المشاهد وتستفز حواسه وتثير اهتمامه بغض النظر ان كانت نسخة عن السيدة صباح او صورة مصغّرة عنها ، فلكارول سماحة سرّ في جذب المشاهد ومن يتابع مسيرتها التمثيلية يدرك انها “مغنطيس” على الشاشة وعلى المسرح، لها قدرة عجيبة على احتكار حواس الجمهور لأنها حقيقية في ادائها لأدوارها، تقطر شغفاً وجاذبية ، من هنا يمكننا ان نحسم ونجزم ونقول أن أي ممثلة أخرى غير كارول سماحة في دور الشحرورة ما كانت ستنجح في اداء دور السيدة صباح ، لان هذا الدور بالتحديد ليس بحاجة الى ممثلة محترفة فقط تتقن لعب دورها بل يحتاج الى انسانة تتقن ضخّ مشاعرها وشغفها في دور بهذه الاهمية.
لن نكثر الحديث اليوم عن المسلسل لاننا سنتوّقف عنده ثانية في آخر الشهر الفضيل ولكننا نشارككم اليوم بملاحظات على بعض المشاهد والمحطات، فقد لاحظنا أخطاءً غير مسموح بها في مسلسل بهذا الحجم نأمل ان يأخذها القيمون على العمل بروح رياضية ويتقبلوها منا :
-خلت الحلقة الاولى من التطرّق إلى الحقبة التاريخيّة التي تزامنت مع ولادة صباح أيّ حقبة الإنتداب الفرنسي في لبنان.فنحن لم نشهد مراعاة لهذه الحقبة ، بل إقتصرت على تسليط الضوء على طباع الأب وكيف كانت تتعامل صباح مع أهلها مع التأكيد على ان الفتاة الصغيرة التي لعبت هذا الدور ليست “قويّة كفاية” ولا تصلح كثيراً للدور وكان لا بد من البحث عن طفلة موهوبة أكثر فأقتصرت الحلقات على المناظر الطبيعية وليس الحقبة الزمنية.
-تجاهل فترة انضمامها الى فرقة “شحرور الوادي” ومشاركتها في عدد من الحفلات في بعض المناطق اللبنانية.
– إختيار الممثلة كارول الحاج لتلعب دور خالة صباح “جميلة” لم يكن موفّقاً، فمشاركتها أتت غير مقنعة، ليس تمثيليًا إذ أنها من “أشطر” وأكفأ الممثلات في لبنان، لكنها من الحلقة الاولى وحتى كتابة هذه السطور لم تكبر سنًا وتبدو أصغر سناً من كارول سماحة ابنة شقيقتها، مما يدّل على ضعف درامي لإقناع المشاهد، مع العلم ان شخصية “جميلة” خياليّة ولا تمتّ الى الواقع بصلة ، فخالة صباح كانت تدعى “نظيرة” وزوجها توفي قبل ولادة صباح ونستغرب الـ” “لتّ والعجن” بقصة “جميلة” حتى ضعنا، ونحن نسأل هل يتناول المسلسل قصة “صباح” أو “جميلة”؟
-الأحداث في المسلسل اما بطيئة جدًا وغير مترابطة او سريعة جداً وخاطفة.
-تضيع الحلقات مع الكثير من “النكد”. فمن المؤكد أن حياة صباح كانت مليئة بالاحزان والخيبات والانكسارات لكن أين شقاوتها؟ أين ضحكتها التي كانت تهزّ العالم؟ أين نحن في المسلسل مع تحضيرات صباح لأفلامها وحفلاتها؟
-كيف تكون صباح في عمر الـ16 عامًا تصلي في الكنيسة وعلى أظافرها طلاء أطافر French “الفرانش” وهذا رائج فقط في السنوات الخمس الاخيرة ؟
-كيف يكون قصر الأمير الخليجيّ في تلك الفترة أرضيّته من الخشب او “باركيه”؟
-تحريف في الحقائق والاحداث، إذ أن صباح سافرت الى مصر مع والدها فقط وليس مع كل الاسرة، كما أنها عندما علمت بوفاة والدتها كانت في مصر مع زوجها نجيب الشماس وليس في لبنان.
-ثوان معدودة لصباح وهي تغني في المسلسل والوقت المخصص للغناء ليس كافياً ابداً سيما وان المسلسل يتناول سيرة حياة فنانة فبالكاد تبدأ بالغناء حتى تُقطع الاغنية فجأة وبدون سابق انذار .
-سميّت جانيت فغالي “صباح” تيمنًا بالمجلة المصرية “صباح” بعد استفتاء أجرته المجلّة وليس كما ذكر في المسلسل أن السنباطي هو من أطلق عليها الإسم. وهذه غلطة “ممنوعة” في مسلسل يتناول قصة حياتها.
-موضوع مقتل والدة صباح تشوبه الالغاز والتساؤلات، فإن لم تكن الخالة “جميلة” موجودة أصلاً كما صرّحت لنا ابنة شقيقة السيدة صباح كلودا عقل، فما هو المبّرر لتواجد والدة صباح في منزل شفيق غطّاس ؟
ونزيد .. ونزيد .. وستكون لنا وقفة أخرى مع ملاحظات اضافية