بصراحة- من المسؤول عن إفلاس فناني الوطن العربي وهل سمعوا قط بالانترنت؟
نداء الى جميع الفنانين اللبنانيين والعرب،
أرجوكم كفوّا عن تقليد بعضكم البعض ، حاولوا ان تثقّفوا ذوقكم الفنّي ، ان تطّلعوا على ما يحدث في الغرب مع الفنانين العالميين ، خصصّوا وقتاً كافياً لتشغيل حاسوبكم وزيارة أهم المواقع المعنية بالفنانين العالميين والموضة والموسيقى ، وان كنتم لا تحبّون استعمال الانترنت –وهنا الكارثة- فاستعملوا الريموت كونترول للبحث على برامج عالمية تستضيف الفنانين وتتحدّث اليهم وعنهم ، شاهدوا اهم العروض المسرحية والحفلات والمهرجانات العالمية ، وان كنتم أيضاً تعانون من الكسل الى درجة انكم لا تجتهدون لتعرفوا ماذا يدور حولكم ولتتعلموا ممن سبقونا بعشرات السنوات الضوئية، أطلبوا من والداتكم ان يخبروكم عن عمالقة الفنّ في العصر الماسي ، همّ الذين أسسوا للفن وبنوا أعمدته وركّزوا دعائمه وتركوا لنا إرثاً تعبثون انتم اليوم به جراء كل ما تقومون به وجراء حالة “الفوضى” والضياع الفني التي تعيشونها فأصبحتم بلا لون ولا طعم ولا هوية …
ماذا دهاكم؟ ان غنّى احد الفنانين أغنية عن عمليات التجميل ، نسمع في اليوم الثاني أغنيات متشابهة ان لم نقل منسوخة، ان نجح احد الفنانين في أغنية للمناسبات الخاصة والاعراس ، يتسابق زملاؤه الى تقليده والغناء للأعراس، ان غنّت فنانة للأطفال ، تجتاح أغنيات الاطفال كل الاذاعات والمحطات، وحتى ان غنّى احدهم للوطن ، يسأم الوطن من كل الأغاني التي انهالت عليه فجأة من كل حدب وصوب ، وان غنى فنان للموت والفراق ، نستفيق في اليوم التالي على النحيب والبكاء عبر اثير معظم الاذاعات، وان غنّت فنانة لمولودها الجديد، غنّوا لمولودهم الجديد ، وان غنى فنان العتابا والميجانا ، غنوا العتابا والميجانا، وان ابدعت احدى الفنانات بالغناء باللهجة الخليجية قلّدوها وغنّوا بالخليجي حتى فرغت ادراج الشعراء الخليجيين من القصائد والنصوص، وان نجحت أغنية لبنانية بصوت احد الفنانين العرب ، تحول معظمهم الى الغناء باللبناني ، وان غنّى احد الفنانين لثورة مصر وتونس تبعه العشرات واصدروا أغنيات وطنية لمصر وتونس ، ولا تستغربوا ان ينهار نظام معمّر القذافي ويسقط غداً ان خرج احد الفنانين ليغني لليبيا حينها تنهال عشرات ألاغنيات على ليبيا…
هذه حال الوطن العربي ، “التقليد” هو العنوان العريض والابرز للمرحلة الصعبة التي يمّر بها الفنّ العربي، واصبحنا نفتقر الى الابداع ونفتقد الزمن الجميل ، وأسوأ ما يحصل مؤخراً هو تجديد الاغنيات القديمة بأصوات الفنانين المعاصرين واضافة بعض اللمسات الحديثة اليها ، وكنا لنتفّهم اقبال بعض الفنانين الى تجديدها تخليداً لذكرى هذا الفنان او ذاك او تكريماً لعظمة فنّه لولا هذه الفورة غير المسبوقة والصراع والتسابق الى تسجيل ألاغاني بصوت فنان قبل آخر ، الا ان الواضح ان هذا الاستشراس لتجديد الاغنيات ليس الا دليلاً قاطعاً وحاسماً على “إفلاس” أهل الكار الواحد ، وكل واحد في هذه المرحلة السوداوية من الفن ّ يتعكّز على إبداع ونجاح صاحب الاغنية الاصلي ويحاول ان يثّبت وجوده على الساحة الفنية بالاستعانة بأمجاد كبار الفنانين ، حتى بات تجديد الاغنيات مؤخراً وباءً يستشري بكل فناني الوطن العربي عامة واللبنانيين على وجه الخصوص، في سابقة لم يشهدها لبنان قبل اليوم حتى وصل الامر الى ان يغنّي عدد من الفنانين والفنانات الاغنية القديمة نفسها لان مؤلفها الاصلي نسي لمن أعطاها أولاً او لمن تنازل عنها…
كان تجديد الاغنيات القديمة يقتصر على فنان او اثنين ويقتصر على أغنية او اثنتين ، ولكن ان يتنافس الفنانون على تجديد الاغنيات ويدعمونها عبر الاذاعات لدرجة انك حين تستمع مؤخراً الى اي اذاعة لبنانية تعتقد وكانك أخطأت العصر والزمن والعام ،وتذهب مسرعاً لتتفقّد رزنامتك وتتأكّد في أي سنة تعيش ، فهذا حتماً غير مقبول بل مرفوض تماماً وعلى الفنانين مراجعة حساباتهم وتشغيل “ذكاءهم” قليلاً ،هم ومدراء اعمالهم والجلوس مع الشاعر والملحن والبحث عن مواضيع والوان فنّية جديدة، بدل الاسترخاء والاستجمام في العواصم الاوروبية والاكتفاء بالجلوس في اهم المقاهي في باريس او الشوبينغ في اهم مراكز التسوّق في لندن، واللهو هنا وهناك وتبذير الاموال والانشغال بالسيارة والطيارة وآخر تقنيات الهاتف النقال وأحدث تصاميم المجوهرات، فلنجتهد قليلاً ونشارك في رسم خارطة طريق فنيّة جديدة بدل ان نتلهى بالقشور السخيفة ، تحمّلوا مسؤولياتكم واسألوا أنفسكم، هل نحن نبدع حقاً فيما نقدّم؟ هل يمكننا ان نبتكر أفكاراً جديدة؟ هل ما نقدّمه لجمهورنا على قدر آماله وثقته؟ هل نستحق ان نشكل استمرارية للعمالقة قبلنا؟ هل سينصفنا التاريخ او سيهزأ بنا؟ هل سنترك ذكرى طيبة لدى جيل جديد كامل من الشباب؟ والسؤال الاهم، هل نحن راضون على أنفسنا؟؟
يتبع