تحقيق خاص- لماذا ينشر المشاهير سيرهم الذاتية ؟ ولأن التقليد موضة، مَن بعد الصبّوحة ووليد توفيق ؟
تصوّر النجمة اللبنانية كارول سماحة حالياً مسلسل الشحرورة الذي من المتوّقع ان يعرض في رمضان المقبل ، والمسلسل عبارة عن سيرة “الصبّوحة” الذاتية بمختلف محطاتها وهذا لم يكن مستبعداً أبداً، فالسيدة صباح “تاريخ” فنّي لا يستهان به وربما الاضاءة على جوانب مختلفة من حياتها وتعريف جمهور الشباب عليها أكثر، قد يسهم في تكريمها وهي على قيد الحياة بعدما اعتدنا في الوطن العربي على وضع الأوسمة على ضريح موتانا في لفتة أخيرة ونهائية .
كثيرون هم نجوم السينما والغناء من عصر الفنّ الماسي في لبنان ، الوطن العربي والعالم الذين كتبوا سيرهم الذاتية ومذكراتهم وتركوها مرجعاً لكل من يريد ان يتعمّق في حياتهم ، فتكون السيرة الذاتية بمثابة توثيق لكل مراحل حياة هؤلاء ولا يتركون بذلك مجالاً للتأويل والاضافات والـ “تمليح والتبهير” في مسيرة فنية وشخصية ابداعية حين يحسم الفنان المعني هذا الجدل ويقول كلمته الاخيرة.
والسيرة الذاتية تكتب عادة في حالتين ، في لبنان والوطن العربي يجب ان يكون المعني المباشر في هذه السيرة رمزاً من رموز أي مجال فني واعلامي او حتى سياسي واجتماعي، فتكون حياته قّيمة الى درجة الاهتمام بمشاركتها مع الاخرين وتوثيقها ، ويكون من أهم المؤثرين في المجتمع الذي يعيش فيه، لناحية ما قدّم ويقدّم في مجاله ولأهمية ما أنجز في حياته، فكان لا بدّ من تجسيد هذه التجربة الريادية الابداعية في كتاب يتحوّل الى مرجع قيّم للمعلومات، اما في الغرب فيكفي ان يكون من المشاهير ليلهث الجمهور وراء قراءة معلومات خاصة غير منشورة سابقاً تسلط الضوء على حياته الشخصية “جداً” وأحياناً الجنسية ، ومن هنا، ننطلق لنؤكّد ان موضوع كتابة السيرة الذاتية أمر شائع جداً في الغرب وسهل وفي معظم الاحيان يكون هدفه تجارياً بحتاً بحيث يعرض عمالقة دور النشر الاموال الطائلة على المشاهير مقابل موافقتهم على كتابة ونشر سيرهم الذاتية ، من هنا لا نستغرب ان تكون كل من باميلا أندرسون، وباريس هيلتون و نيكول ريتشي وتيرا بانكس وويتني هيوستون وغيرهن المئات قد اصدرن كتباً تتضمن سيرهن الذاتية وان تكون قد لاقت رواجاً كبيراً وحققت مبيعات ضخمة جداً.
اما في الحالة الثانية ، فعادةً ما يكتب السيرة الذاتية أصحاب “الفضائح” الذين يشكلّون مادة دسمة جداً للصحافة او اصحاب الاحداث “الكبيرة” التي تخضّ مجتمعاً بكامله وتحدث كتابتها بلبلة في قلب المجتمع الذي يعيشون فيه ، فيسعون الى اصدار الكتب بهدف جني الثروات وهذا ما يحققونه دائماً في الغرب ولعّلنا لم ننس بعد الكتابين اللذين أصدرتهما “مونيكا لوينسكي” بعنوان Monica Speaks و Monica’s Story اللذين حقّقا أكبر نسبة مبيعات في تاريخ مبيع الكتب في الولايات المتحّدة .
ومؤخراً بدأ النجم العربي وليد توفيق بكتابة سيرته الذاتية على أن تنشر في كتاب و”سي دي” ولم يستبعد توفيق ان يتّم تصوير هذه السيرة ولو ان الخيار لم يقع بعد على اسم المخرج ولكنه حسم أمره في اختيار نجم اكس فاكتور وروتانا، الفنان السوري محمد المجذوب للعب دور وليد في شبابه وبداياته بعد ان رفض ابنه وليد جونيور خوض تجربة التمثيل على ان يشارك وليد الاب شخصياً بالتمثيل في منتصف الفيلم.
بعد الصبوحة ووليد توفيق استعدوا لتقرأوا قريباً عن اقتحام معظم الفنانين هذا المجال وخوض تجربة كتابة السيرة الذاتية، فكل شيء في وطننا العربي والحمدالله موضة وعدوى متفشيّة ، فيكفي ان يغني أحد للراحلة سلوى القطريب حتى يغني لها الجميع، ويكفي ان يجدّد احداً أغنية للوسّوف حتى تملأ أغنيات الوسوف باصوات جديدة جميع الاذاعات ، ويكفي ان يغنّي محمد اسكندر “جمهوريّة قلبي” حتى تغرق الاذاعات بالاغاني الشعبية الحماسيّة ، ويكفي ان يطلق الكفوري أغنية رومنسية جديدة حتى نمّل من الحب عبر أثير هذه الاذاعات ، ويكفي ان يظهر رامي عياش بحاجب “مشطوب” حتى “شطب” معظم شباب الوطن العربي والفنانين الشباب حاجبهم مثله، ويكفي ان تتزوّج وتحمل فنانة واحدة حتى تتزوّج وتحمل جميع الفنانات ، وحتى حين تتطلّق احداهن تسعى الباقيات الى الطلاق، وحتى على شاشاتنا العربيّة ، حين تطلق احدى المحطات برنامجاً ترفيهياً يعتمد على النكات والمواقف الطريفة ، يبدأ التقليد على المحطات الاخرى وتبّني الفكرة “من فجّ وغميق” ، ويتخطى هذا التقليد البرامج الترفيهية ليطال برامج “النفخ والطبخ” وبرامج الارشاد الصحّي والبرامج الحوارية واللائحة تطول…
لن أطيل الشرح وأعطي نموذجاً عن كل حالة لأنها معروفة عند الجميع، ولكني هنا لأؤكّد ان التقليد من شيم الوطن العربي العاجز عن خلق مبادرات فردية ابداعية وجديدة ، فالاسهل هو التقليد حتى اصبحوا أحياناً يقلّدون التقليد ، فانتظروا لتسمعوا من سيبدأ قريباً بكتابة سيرته الذاتية من الفنانين والفنانات ….
يتبع…